إفريقيا

حوار خاص مع مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان/رامي عبد الرحمن:تركيا..من نهب الثروات إلى تمدد “داعش” من ثقب تشظي الجغرافیا اللیبیة

تونس-حاورته زهور المشرقي-26-5-2020

أصدق ما يمكن أن يُقال عن دور الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى ليبيا، هو ما عبّر عنه زعيم حزب الشعوب الجمهورى المعارض كمال كليتشدار أوغلو، حينما قال صراحة: “فلتتراجع عن إرسال شحنات الأسلحة إلى ليبيا، ويكفى ما أرسلتَه إلى سوريا.. لقد جعلتَ الأخ يقتل أخاه، يكفى هذا الأمر فهذا الدم كله لمسلمين، وأنا لا أفهم بالتحديد ماذا تريد من ليبيا، بدلاً من أن تكون أداة لإحلال السلام وإنهاء الحرب، ترسل السلاح لفريق على حساب الآخر لتزيد العداء بينهم!”.

أبدت الدول الغربية والعربية،تخوفات عديدة إزاء عودة الإرهابيين “الدواعش” من يحملون جنسياتها، وإرسالهم  -بمساعدة تركية علنية ماديا ولوجستيا- للقتال في ليبيا ضمن صفوف ميليشيات حكومة “الوفاق” المنتهية صلاحيتها، والتي يقودها السراج، وقد أعلن الجيش الوطني الليبي منذ انطلاق عملية ضخ المرتزقة السوريين ومتعددي الجنسيات إلى طرابلس ومشروع توطينهم الجديد بعد سوريا، عن أسر ومقتل العشرات من الإرهابيين.

وتسعى أنقرة إلى استغلال العناصر الأجنبية في تنظيم “داعش” لممارسة الضغوط على دولهم الأصلية، خاصة الدول الغربية التي اتسع نطاق خلافاتها مع أنقرة خلال المرحلة الأخيرة بسبب المعركة في ليبيا ولاعتبارات خاصة بالسياسة التي تتبعها السلطات التركية في التعامل مع المعارضة في الداخل، أو فيما يرتبط بالعملية العسكرية التي شنتها أنقرة في شمال شرقي سوريا لإقامة منطقة آمنة وإبعاد الأكراد الذين تحاربهم تركيا عن الحدود.

وحول تواصل عملية جلبهم من سوريا إلى ليبيا، ومشروع التوطين الذي تخطط له تركيا في ليبيا والمنطقة، وعدد المرتزقة في طرابلس وغير ذلك من المواضيع، حاورت صحيفة “ستراتيجيا نيوز” رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن.

*ثمة أطماع تركية متزايدة في استغلال الثروات الإفريقية ومنها الليبية، بما فيها الثروة النفطية، وهو ذات الدافع الذي يحرك سياسات أنقرة في البحر المتوسط وحيال ليبيا

*عدد المرتزقة السوريين في ليبيا بلغ حوالي 15 ألف مرتزق بين المعسكرات التركية والواصلين إلى ليبيا

*تركيا تجتهد من أجل التمدد في المنطقة ولديها أطماع كبرى.. ويجب التصدي لها

*سيتم تفريغ الإرهابيين في ليبيا بعد أن سبق توطينهم في سوريا

*أنقرة أكبر خطر يهدد المنطقة.

س:1 هل تجرؤ تركيا على أن تتخطى حدود سايكس بيكو، علما أنها لا تتحرك دون أخذ ضوء أخضر أوروبي؟ باعتقادك من هم وهل يسعون إلى جرها عبر غضهم الطرف عن تغلغلها عبر التنظيمات الإخوانية إلى الدول الغربية إلى التهلكة وتدميرها ومعاقبتها بتقسيم يطالها؟

ج- لا أعتقد أن أردوغان يجرؤ الآن على خرق اتفاق سايكس-بيكو، لكنه يسعى إلى ترسيخ نفوذه ضمن المناطق الواقعة على الحدود السورية-التركية عبر نشر أكثر من 10 آلاف جندي تركي. وفي حال انهيار الوضع في سوريا، نخشى أن يتجرأ أردوغان ويضم هذه المناطق بصورة أو بأخرى إلى تركيا.

س2- لماذا تجهد تركيا في التمدد في الدول العربية المطلة على البحر المتوسط، هل تود السيطرة على طرق التجارة إلى أوروبا للتحكم بها؟ 

-تحركات تركيا الأخيرة في منطقة تربط بين أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، جاءت في وقت يشهد فيه العالم تحولات في مواقف القوى العالمية، حيث تقلص واشنطن وجودها عبر البحار، في حين تعزز روسيا وجودها في المنطقة.

الأوساط السياسية الدولية قلقة من الأنشطة المثيرة للجدل لنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حوض البحر المتوسط مرورا بالبحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقي، خصوصا وأنه يستفيد من الصمت الدولي على تحركاته المهددة للسلام العالمي.

ويهدد التدخل التركي في المنطقة، التوازن الدقيق للقوى في منطقة شرق البحر المتوسط، في الوقت الذي تتنازع فيه دول المنطقة على الثروات الغازية والبترولية الضخمة في المياه المحيطة بجزيرة قبرص المقسمة بين القبارصة اليونانيين وحكومتهم المعترف بها عالميا والقبارصة الأتراك في شمال الجزيرة وحكومتهم التي لا تعترف بها سوى تركيا.

ويشار إلى أن أردوغان الداعم الأول لحكومة السراج، قد لفت سابقا إلى أن ليبيا وتركيا لهما رأي في أي أنشطة للتنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط أو مشروعات خطوط أنابيب الغاز فيها، أي أن مطامع أردوغان في المنطقة واضحة ومكشوفة للجميع.

س3–بعد زج الأتراك بالسوريين في حروب الإرتزاق لمصلحتها وتفريغ مناطقهم منهم، باعتقادك من ستعمل تركيا على توطينهم في تلك المناطق؟

ج—أشارت تقارير المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى انتقال العناصر الإرهابية من سوريا إلى ليبيا، ومن الصومال إلى طرابلس أيضاً، بمساعدة تركية. هذا هو ما يساهم في تمدّد الإرهاب وتفاقم “داعش” وعودته من جديد إلى منطقة أشدّ وعورة جغرافياً.

وهذا يعني أنه لا بد للقوى الإقليمية والدولية النهوض ولعب دور حاسم في مواجهة ما يجري.

ومن المتوقع أن يفرّ عناصر “داعش” من منطقة الشام والشرق الأوسط، إضافة إلى تهريبهم عن طريق تركيا، ليلتحقوا بالتنظيمات الموجودة التي تعقد تحالفات عمیقة مع حركات انفصالیة، خاصة تلك المرتبطة بالسلفیة الجھادية في ليبيا ودول الساحل والصحراء، ولعلّ ھذا ما يشكّل “الخطر” الأكبر الذي يمكن أن يتسبّب فی توسع تنظیم “القاعدة” إقلیمیاً وعودة تنظیم “داعش” من جديد، من “ثقب” تشظي الجغرافیا اللیبیة.

س4-هل ستدفع تركيا بمرتزقتها السوريين باتجاه دول عربية كتونس والصومال والجزائر وغيرها؟ خاصة أن هناك تقارير تحدثت عن وصول دفعات من المرتزقة السوريين إلى اليمن وقسم منهم قبض عليه في صحراء سيناء وهم يقاتلون الجيش المصري بإمرة ضباط أتراك باسم داعش؟

ج—نعم بالتأكيد ستدفع تركيا بذلك، وهذا مخططها على المدى البعيد ولا شك في ذلك، حيث كان الخطاب السياسي لـ”أردوغان” في إفريقيا، يركز على أهمية الحفاظ على العناصر المتصلة بالهوية والدين ليتوسع الدور التركي أكثر، من خلال تشييد مدارس الأئمة والخطباء الدينية من خلال التمويل المباشر من هيئة وقف الديانة التركية التابعة للحكومة التركية.

القارة السمراء التي تضم نحو 54 دولة، وتتميز بوفرة وثراء مواردها الطبيعية وثرواتها، تعد منطقة جاذبة لأنقرة، حيث تسعى إلى استهداف أمن طرق التجارة الدولية والسيطرة على سواحل البحر الأحمر.

 كما أن منطقة شرق إفريقيا لها أهمية قصوى في التحكم بالملاحة الدولية التي تمر عبر البحر الأحمر، بما تشكله من حجم التجارة الدولية البالغ 15%.

ويعمد الوجود التركي في البحر الأحمر، إلى استنزاف قوى بعض الدول التي تباعدت المواقف الإقليمية بينها وبين تركيا.

تركيا تدفع بمرتزقتها طمعا في ثروات تلك البلدان ولتحقيق مشروع التوطين لإرهابييها والتخلص منهم باعتبار أن الاتفاق الروسي-التركي يفضي إلى ضرورة التخلص منهم، وإلا سيكونون عبئا على أنقرة التي صنعتهم ومولتهم ودعمتهم.

تركيا ترسل مرتزقتها لتفريغ المنطقة منهم، مثلما يحدث الآن في منطقة عفرين، حيث تقوم  بتفريغها عبر إرسال الفصائل المسلحة إلى حروب الإرتزاق في ليبيا واليمن وغيرهما. وقد تم أسر عدد من الدواعش كانوا يقاتلون الجيش المصري، وتم الكشف عن أن من بينهم مرتزقة سوريين وضابطا أتراكا.

أنقرة تهدف إلى تفريغ المنطقة تحت مسمى أن هذه الفصائل تقوم بانتهاكات ضد المدنيين، برغم أن تلك الإنتهاكات تجري بضوء أخضر تركي.

وبالأمس، أبلغ هناك ضابط كردي في عفرين الأهالي بأنه سيتم تفريغ المنطقة من الفصائل  المسلحة وإرسالهم غصبا للحرب مقابل حفنة من الدولارات.

وللإشارة، كانت هناك أول أيام العيد احتفالات رسمية في تركيا  بضم عفرين، فهذا هو المخطط الذي تسعى إليه.

س5–لماذا عمدت الإستخبارات التركية إلى تدريب مسلحي المعارضة السورية بعد احتلالها عفرين في جبال عفرين؟ لماذا لم تدربهم في معسكراتها داخل تركيا أو في مناطق درع الفرات السهلية.. هل للمسألة علاقة بطبيعة عفرين الجبلية ومناطق جبلية أخرى في ليبيا أو اليمن مثلا؟

ج- تقع عفرين في شمال غربي سوريا على الحدود مع تركيا، وتتبع إدارياً لمحافظة حلب، وتُعَدّ من أكثر المناطق الكردية صلابةً من الناحية الإجتماعية، نظراً إلى أن نسبة العرب فيها قليلةٌ ومندمجةٌ في المجتمع المحلي الكردي منذ فترة طويلة. وتمتاز عفرين عن باقي المناطق الكردية السورية بغناها بفضل مناخها الجيد وكثرة أمطارها، مما حوّلها إلى غابةٍ من غابات الزيتون والأشجار المثمرة.

وبعد قضاء قوات سوريا الديمقراطية على مركز تنظيم “داعش” وخلافته في سوريا، وتحديدا في مدينة الرقة، هرب العديد من مجاميع داعش وقادتهم وأمرائهم وحتى مسلحيهم قبل سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بإسناد التحالف الدولي على الرقة، عبر الريف الحموي.

وقد هربوا إلى إدلب والتحق العديد منهم  بجبهة النصرة الجناح السوري لتنظيم “القاعدة”، كما انضم بعضهم إلى جماعة “حراس الدين” في جبل الزاوية، وإلى فصائل سورية معارضة، وهي عبارة عن فصائل إيرانية متطرفة تنتشر في مناطق عفرين وجرابلس والباب، ومناطق درع الفرات وغصن الزيتون، عقب استكمال العملية التركية التي نفذتها ضد المقاتلين الأكراد في عفرين .

العديد من الناس تعرفوا على القادة والمسلحين الذين احتلوا عفرين وكانوا السند العسكري إلى جانب تركيا لاحتلال المدينة الجبلية الكردية، علما أن جبالها تتميز بتضاريس وعرة جدا كان يصعب على أنقرة احتلالها لولا طائراتها .وبعد احتلال المدينة، عمدت الإستخبارات التركية إلى تدريب الإرهابين والمسلحين  والدواعش والعديد من الفصائل السورية المسلحة في قرى عفرين، من خلال تخصيص معسكرات تدريبية لهم. والمعروف أن التدريب في المناطق الجبلية الوعرة يختلف عن التدريبات العسكرية التي يتلقاها المسلحون في المناطق السهلية.

ولدينا مصادر من داخل عفرين تحدثت عن قيادة الإستخبارات التركية تدريب المسلحين المتطرفين من خلال برامج منهكة، كما دربتهم أيضا على كيفية صنع ألغام وصناعة عبوات ناسفة من المواد الأولية المتوفرة في البيئة التي سوف ينتقلون إليها، وكيفية تنفيذ عمليات إرهابية داخل المدن ثم الإنسحاب إلى الجبال.

 ومن خلال متابعتنا للشأن الليبي، اكتشفنا أن هناك معسكرات للوفاق بين مصراتة وطرابلس وجبال غريان. ومن بين تلك الفصائل التي تلقت تدريبات على يد الإستخبارات التركية في عفرين، فصيل “أحرار الشرقية” و”فصيل الشرقية”، وجميع عناصرهما من الدواعش من مدينة دير الزور، ويتم إرسالهم إلى ليبيا.

وقبل 10 أيام، وصلت الدفعة الرابعة منهم إلى اليمن المعروفة بجبالها، وتعرف عند الأتراك بمقبرة الأناضول.

 س-6–كيف يمكن أن يتجلى الدور العربي في المنطقة لإبعاد تركيا التي وسعت النزاعات في المنطقة وأغرقتها إرهابا وتطرفا، مثلما حدث في ليبيا وسوريا؟

ج- دور العرب يتجلى بالضغط الدولي وبإبعاد تركيا أولا عن ليبيا، فقد تحولت ليبيا إلى ساحة صراع بالوكالة بين القوى الإقليمية وقد سعت أنقرة لتحويلها إلى أكبر مستودع للإرهاب فى المنطقة، لإطالة أمد الحرب الأهلية التى تعصف بالبلاد منذ أكثر من تسع سنوات، فى محاولة للسيطرة على مقدرات ليبيا وثرواتها في ظل حالة من الإنشطار السياسي التي يعانيها البلد المكلوم، ما يعني أن التصدي  لها واجب عربي مقدس.

س-7–كم وصل عدد المرتزقة في ليبيا؟ هناك تقارير تتحدث عن 20 ألف مرتزق؟

ج- بلغ عدد المرتزقة، بين الموجودين في المعسكرات التركية والواصلين إلى ليبيا، حوالي 15 ألفا، بينما عدد الواصلين فعلا 10 آلاف و600 على الأقل، وعدد القتلى في صفوف المرتزقة 318 قتيلا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق