إفريقيا

من الترحيب بالناتو إلى استدعاء الأتراك.. فليهنأوا باحتلال ليبيا!

طرابلس-ليبيا-19-5-2020

يبدو أن جزءً من الليبيين لا تزال لديهم قابلية للإستعمار والوقوع تحت براثن الإذلال، واهمين أنفسهم بمبررات تكشف مدى جهلهم وعمالتهم،وتثير السخرية لدي مشغليهم من القوى الغربية والإقليمية.
يقول الفيلسوف الجزائرى مالك بن نبى، فى كتابه (الصراع الفكرى): “إن الإستعمار قد جاء إلى العالم الإسلامى نتيجة مرض أساسى عندنا، هو القابلية للإستعمار.. وهو نتيجة الصراع الفكرى الذى خطط له الإستعمار وأحسن إحكام الخطة.. لقد سلط الإستعمار الأضواء على المشكلات الهامشية، بينما ترك فى الظلام كل رؤية منهجية سليمة”.

هذا الواقع المرير يتجسد اليوم واقعا معاشا في ليبيا..
بالأمس،كبّر أذيال الإستعمار وهللوا لقدوم الناتو الذي خصص 350 طائرة بين طائرات استطلاع وتشويش وقصف وآلاف الصواريخ،ولا تزال صور مَن توسل لأمريكا لضرب بلاده، وصور أولئك المستنجدين بالناتو(وين الناتو؟) تشكل شاهدا على السقوط الأخلاقي المريع لبعض الليبيين ممن باعوا ذممهم للعبة الشيطان!
لقد تفننوا في تدمير ليبيا وتسابقوا في مساعدة القوى المعتدية وإعطاء الإحداثيات ليتولى حلف شمال الأطلسي قصفها لتستمر المهزلة التاريخية على هذا المنوال سبعة أشهر متتالية نتج عنها تدمير المؤسسات الليبية وكل مقومات الحياة ليُفسح المجال لعصابات مسلحة أحكمت خناقها على حاضر ليبيا ومصيرها.
المؤلم حقا في هذا المقام،أن يخرج حمد حاكم قطر متبجحا بعد تدمير الدولة الليبية واغتيال من كان صمام أمان لها،قائلا:”الناتو هو من قام بـ90 بالمائة من عملية إسقاط نظام معمر القذافي،ونحن قمنا بالعشرة بالمائة الباقية،في حين كان بعض الليبيين مخبرين لنا”.
واليوم،كما لو أن 400 عام من الإحتلال التركي لليبيا وما حدث خلالها من ظلم وسلب للأموال وتجهيل ومجازر وخوازيق لا تكفي لكي يدرك من أتى بهم الناتو حجم الجرم التاريخي بإعادة الهيمنة التركية على مقدرات ليبيا.

وهنا نترك الأحداث تروي ممارسات تاريخ استعمار العثمانيين في ليبيا، كواحد من أغرب وأعنف تواريخ الإستعمار,

لقد وصى المناضل الليبي محمد بن عبد الجليل، محذرًا من ظلم الطغاة الأتراك قائلًا:” أوصيك يا عربي ألا تأمن خبث الأتراك، لأنهم ما يشتهون إلا الخراب والفتن، وما سبب خراب البلاد إلا فساد العثمانيين وجهلهم”.

يتحدث المؤرخ الطاهر أحمد الزاوي عن الجرائم البشعة للعثمانيين الذين امتلأت بطونهم بأموال الرعية وتفننوا في فرض الضرائب المختلفة وتسليط الرعب على الشعب.
ويشبر إلى الوالي، عثمان باشا الساقسلي، الذي كان أحد أقسى طغاة الأتراك، إذ عين أقرباء له قُواداً، وبلغ فيهم الظلم، أنهم “لا يسمعون بامرأة جميلة إلا اغتصبوها من زوجها”..
والأكثر فظاعة من ذلك، أنه قبل نحو 203 أعوام،وتحديدا في سبتمبر 1817، وفي نهار رمضان، نفذ الحاكم العسكري التركي القرمانلي،واحدة من أبشع المجازر في التاريخ ضد قبيلة الجوازي، التي كانت تسكن مدينة بنغازي، مما خلف مقتل 45 من أعيان القبيلة و10 آلاف من القتلى والضحايا.

هذه شهادة واحدة من بين آلاف الجرائم التي ارتكبها العثمانيون على غرار ما فعلوه في أغلب أجزاء الوطن العربي وخاصة في مصر وسوريا حيث لا تزال جرائم القتل بالخوازيق(اختراع تركي) والسحل تستفز إلى اليوم كل ضمير حي،وبخاصة المشانق التي ارتكبها السفاح جمال باشا في سوريا، ليتوج الأتراك جرائمهم بتسليم ليبيا للمستعمر الإيطالي من خلال اتفاقية (أوشي-لوزان) التي وقعها العثمانيون مع الإيطاليين عام 1912،تماما مثلما فعلوا قبل ذلك مع الجزائر.

واليوم بعد مرور عشرات السنين تسعى الدولة العثمانية إلى تكرار احتلالها لليبيا بذريعة حماية العاصمة الليبية، وهي العاصمة المحكومة بحراب الميليشيات وعصابات الإرهاب التي تستظل وتحتمي بها جماعة”الإخوان”..
المأساة أن ذاكرة البعض قصيرة،في حين افقتد البعض الآخر نعمة البصيرة..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق