إفريقيا

حدث ما لا يمكن حدوثه

فوزي عمار:كاتب وسياسي ليبي

( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) هي قاعدة جليلة
مشهورة بين العلماء المسلمين على مختلف مذاهبهم..
لذا إذا أردنا الحديث عن جماعة”إخوان” ليبيا ومشتقاتها
مثل حزب العدالة والبناء لابد من فهم الأساس النظري
لأصل هذه الجماعة، وهي جماعة “الإخوان المسلمين”
و تنظيمهم الدولى .

المشكل المنهجي لهذه الجماعة اليوم هو اصطدامها بمفهوم الدولة الوطنية (القُطرية) وسيادتها ، فالجماعة تؤمن بتنظيم عابر للحدود لا يعترف بالدولة وإقليمها ومؤسساتها سواء القضاء أو الجيش والشرطة، وتعتمد على دولة وهمية ( الجماعة ) أينما وُجدت في كل العالم حتى وإن أعلنت غير ذلك.

الجانب الآخر أنها تؤمن أن مال الدولة الوطنية أو القُطرية هو مال مشاع لكل المسلمين وهي من تقرر على مَن تصرفه فمال ليبيا مثلا مشاع لكل الجماعة في أي مكان ولا يختص به الشعب الليبي..
فهي تطرح نفسها وكيلة الله على الأرض!
والأخطر أن الخلاف مع الجماعة يجعلك تختلف مع الدين نفسه وتوصم بالردة وليس خلافا فقهيا حسب فهم هؤلاء الذين برغم تذبذب آراءهم الفقهية كما رأينا في مراجعاتهم الفكرية بعد ما أدى ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى قتل العديد من أرواح المسلمين في مصر وحتي في ليبيا.

نعلم أن الجمع بين السلطة الدينية والسياسية هو سمة اختص بها سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم،
ولا مجال لأحد بعده أن يجمع هذه الصفات في ظل تطور النظم السياسية وتعقيدات المنهج الإداري اليوم،وإلا يصبح
شبيها بنهج ولاية الفقيه والإمام المعصوم،وهو بالضبط
مفهوم “المرشد” الذي “يجب” اتباع تعليماته بغض النظر
إن كان في نفس الدولة أو في دولة أخرى.

إن احتكار الحديث باسم الدين لن يحدث إلا من خلال تكفير الآخر المختلف وهذا ما حصل بوصف الآخرين بالعلمانية
حتى وإن كانوا أكثر تديّنا منهم.

والغريب أن من يقود الإسلامويين الجدد هم قوميون في أوطانهم مثل الطورانيين والسلاجقة الأتراك الذين يدعون إلى عودة سيطرة العثمانيين علي الوطن العربي
في حين لا تزال أثار فأسهم في الرأس العربي في لواء الإسكندرونه السوري واضحة للعيان .. فتركيا تسعي إلى أن تكون مركز العالم الإسلامي السني كما إيران مركز العالم الإسلامي الشيعي وهي لا تختلف عن تركيا في احتلال أرض العرب في طنب الصغري وطنب الكبري وأبو موسى.
لذلك طرح هؤلاء المتأسلمون الخطاب الديني للسيطرة على القومية العربية واستعمال شباب العرب كبيادق وبنادق تحت مسمي نشر الإسلام في دولة مسلمة أصلا ! تحت مظلة ادعاء الدين والتدين ولكنه في الواقع هو تلبيس المقدس على المدنس ( الدين على السياسة)وهو خلل منهجي لا يمكن معه الحدوث،وإن حدث لايمكن أن يستمر.
إنها دائما لعنة السياسة ومكر التاريخ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق