إفريقيا

تحرّكات أردوغان: نذر بشتاء ساخن وجرّ المنطقة إلى الهاوية

طرابلس – ليبيا -زهور المشرقي

تتسارع وتيرة الأحداث في ليبيا بشكل ينبئ بشتاء ساخن يضاف إلى سنوات ثقيلة مليئة بممارسات التقتيل والتشريد والرعب والمعاناة المعيشية القاسية التي غرق فيها الشعب الليبي منذ قيام حلف شمال الأطلسي وبعض الوكلاء الإقليميين بتدمير مؤسسات الدولة الليبية واغتيال القائد معمر القذافي، وما رافق ذلك وأعقبه من تزوير فاضح للحقائق. ليس جديدا القول إن منطق القوة والدوس على حقوق الشعوب والقوانين الدولية وليّ ذراع الحقيقة هو السائد في العلاقات الدولية..
والشواهد على ذلك ماثلة للعيان منذ أن اعتقد العالم أنه قد يكون في مأمن بعد حربين عالميتين مدمرتين، وعلق آمالا كبيرة على إنشاء منظمة الأمم المتحدة. هذا المنطق الممزوج بالغرور تنتهجه الإدارة التركية الحالية خاصة إزاء الوضع في ليبيا المرشح لمزيد من المفاجآت في الفترة المقبلة، خصوصا أن أردوغان يسعى بكل السبل إلى ترسيخ وجود جماعة”الإخوان المسلمبن” بعد هزائمهم في المنطقة العربية خصوصا في مصر وسوريا والسودان.
دخلت الأزمة الليبية إذن منعرجا خطيرا بسبب الأطماع الدولية بشكل خاصة بعد الإتفاقية التي وقعها السراج مع الرئيس التركي، فيما عارضت مصر وقبرص واليونان ودول الإتحاد الأوروبي هذه الخطوة.
وفتحت حكومة الوفاق الليبية المجال أمام تدخل عسكري تركي أكبر في حربها مع قوات الجيش العربي الليبي، بإعلانها الخميس الموافقة على تفعيل اتفاق عسكري تم توقيعه مؤخرا بين أنقرة وطرابلس. وسائل إعلام تركية،ذكرت الإثنين الماضي، أن أنقرة تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية في ليبيا، فيما بدأت التجهيزات لإرسال قوات ومستلزمات عسكرية إلى ليبيا.
بدورها، أفادت صحيفة “يني شفق” بأن تركيا بدأت بالتجهيزات اللازمة لتقديم الدعم اللازم لحكومة الوفاق، ونقلت من مصادر عسكرية، أن الحكومة طلبت من القوات المسلحة التركية تجهيز السفن والطائرات الحربية استعدادا لنقل القوات التركية إلى ليبيا.
وأشارت هذه المصادر إلى أن عملية النقل إلى مدينة طرابلس بدأت، والسفن التي ستقوم بنقل الطائرات المسيرة والدبابات والقوات الخاصة ووحدات الكوماندوز التابعة لقيادة مجموعة الهجوم تحت الماء، باتت جاهزة.

وذكرت أن طائرات الشحن والمروحيات في حالة تيقظ للإقلاع نحو مطار مصراته، مشيرة إلى أن التجهيزات التركية تتم على قدم وساق.
وفي إطار التطورات المتواصلة مع تقدمات للجيش الوطني الليبي في معركة تحرير طرابلس، ذكرت صحيفة “البيان”الإماراتية عن مصادر مطلعة أن مدينة إسطنبول التركية قد شهدت منذ أيام اجتماعات مكثفة بين قيادات الإسلام السياسي وقادة المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق إضافة إلى مسؤولين سياسيين.
وأكدت المصادر التي لم تكشف الصحيفة عن طبيعتها، أن نقاشات الإجتماعات تمحورت جميعها حول خطط صد الجيش الوطني ومنع دخوله إلى العاصمة طرابلس..
وأشارت إلى أن حالة النفير التي أُعلن عنها في مصراتة وزليتن مؤخرا كانت من بين المخرجات التي خلص إليها المجتمعون في اسطنبول.
وكان ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد صرح بأن ليبيا باتت تحت مسؤولية تركيا بموجب مذكرة التفاهم التي وقعها الرئيس التركي والسراج.
ووصف مراقبون الإتفاقية بـ”صك على بياض” يتيح لتركيا التصرف بشكل مطلق عسكريا في ليبيا، مقابل حماية حكومة الإسلاميين التي يرى هؤلاء أنها انتهت سياسيا.
وتشير بنود الإتفاقية إلى إمكانية استخدام تركيا الأجواء الليبية وأراضيها والمياه الإقليمية تحت ذريعة التدريب والتعاون الأمني.
وفي تدليل آخر على الغطرسة التركية،أكد الصحافي والمحلل السياسي المقرب من حزب الحرية والعدالة التركي، حمزة تكين، وجود عسكريين أتراك في ليبيا يقدمون الدعم الإستراتيجي واللوجيستي لما وصفها بـ “الشرعية”.
وقال خلال لقاء على قناة “الجزيرة”،الثلاثاء، :”أبشر الجميع بأن تركيا سترسل، ليس مجرد ضابط أو ضابطين إلى ليبيا لدعم الشرعية وحكومة الوفاق، بل سترسل جنودا ومعدات ستقلب الموازين لصالح حكومة الوفاق، ولمصلحة ليبيا وتركيا”.
وأضاف “الدولة العثمانية ستعود كما كانت، عندما أتت إلى طرابلس عام 1551 وطردت الإسبان، الآن ستعود تركيا وتطرد الإنقلابيين وأنظمة الثورات المضادة”،حسب زعمه.
ويأتي الرد قاطعا مرة أخرى من القاهرة، حيث أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي،في تصريحات للصحف المصرية الحكومية والخاصة نشرت الثلاثاء الماضي، على موقف بلاده تجاه الجارة الليبية مشيرا إلى أن القاهرة لن تسمح لأحد بالسيطرة على ليبيا.
وشدد الرئيس المصري بلهجة قاطعة، بحسب صحيفة “الشروق”المصرية، على أن بلاده “لن تتخلى عن الجيش الوطني الليبي”.
وكان المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية اللواء أحمد المسماري قد أشار إلى أن” لدينا معلومات عن وصول عسكريين أتراك عبر عدة مطارات في غرب ليبيا”.
وأكد المسماري أن القوات المسلحة ستدمر أي سفينة تخرج من تركيا وتدخل المياه الإقليمية الليبية،مشيرا في الوقت ذاته إلى أن القوات المسلحة ستدمر أي طائرة شحن مدنية أو عسكرية مشبوهة تدخل المطارات الثلاثة: مصراتة ومعيتيقة وزوارة. إذن،أردوغان يجر المنطقة إلى منعرج خطير من التصعيد، أولا في محاولة لإنقاذ جماعة”الإخوان المسلمين” في معاركهم الأخيرة للبقاء في الشمال الإفريقي وميدانها الحالي هو ليبيا،بعد الهزائم التي أُلحقت بهم في مصر وسوريا والسودان، ثم في عملية ابتزاز لآوروبا اقتصاديا وفي مسألة تدفقات الهجرة، إلى جانب مضايقة والتآمر على أمنها القومي،ليضاف ذلك كله إلى الأطماع في الثروات الليبية والأخرى بمنطقة البحر المتوسط.

أما بالنسبة لجماعة”الإخوان” والجماعات المسلحة،فإن استدعاء القوات التركية بات أمرا حيويا بالنسبة لهم وهم يجدون أنفسهم مطوقين في أحد آخر معقلين لهما، ضاربين في سبيل مصالحهم ونهبهم بسيادة ليبيا عرض الحائط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق