خبراء: تمركز عسكريين أتراك في دولة حدودية إفريقية مع ليبيا
طرابلس-ليبيا-27-12-2019 –زهور المشرقي
مع تخبط حكومة السراج واندحار الميليشيات المساندة لها ميدانيا أمام قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، بدأ الرئيس التركي أردوغان يدرك الخطر الذي أضحت عليه مخططاته ‘المتغطرسة ‘في المنطقة، ولاسيما بعد تكثيف الدعم الإقليمي لقوات الجيش الوطني وتراجع المجتمع الدولي عن دعم حكومة الوفاق التي تتحكم فيها المليشيات المسلحة ..
وقد رفضت إيطاليا طلباً من السراج لتفعيل اتفاقيتين أمنيتين لحمايته وإنقاذه، في حين يؤيد الجانب الروسي موقف حفتر وسط انزعاج الولايات المتحدة من تمدد النفوذ التركي شرق المتوسط بما يتعارض مع مصالحها.
أمام كل ذلك، جاءت زيارة أردوغان لتونس في محاولة لاستغلال المنافذ الحدودية برا وبحرا لإيصال الدعم العسكري إلى حكومة السراج خاصة بعد أن ضيقت دول المتوسط الخناق على المنافذ البحرية التي كان يستخدمها النظام التركي مثل اليونان ومصر اللتين رفعتا حالة التأهب والإستنفار في المتوسط.
ويقول طه علي الدبلوماسي المصري والباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، في حديث مع صحيفة (ستراتيجيا نيوز) اليوم الجمعة،إنه برغم التطابق في الرؤى بين حركة النهضة التونسية المسيطرة على السلطة التشريعية، إلا أن الرئيس قيس سعيد أبدى موقفا متحفظا من مطالب أردوغان، حيث يسعى سعيّد في بداية حكمه إلى التأكيد على استقلال القرار التونسي والنأي ببلاده عن الإنزلاق في آتون المعارك الدائرة في ليبيا.
وأضاف، “بعد خيبة رجائه، عاد أردوغان من تونس متحفزا لتكثيف الدعم لميليشيات السراج وبخاصة مع اقتراب إعلان الجيش الوطني تحرير طرابلس وإتمام السيطرة على كامل التراب الوطني الليبي، إذ لم يعد أمامه من خيارات سوى إرسال جنود إلى ليبيا وبخاصة بعد الأزمة التي تواجهها الميليشيات المقاتلة في تناقص العنصر البشري، ولجوئها إلى توظيف الأطفال في ساحات القتال، ما حدا بأردوغان إلى التلويح بالتدخل بجنود أتراك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”، وفق قوله.
واعتبر طه علي، أن لجوء أردوغان إلى إرسال عناصر قتالية تركية إلى ليبيا لا يخلو من المصاعب الداخلية في ظل تحفظ المعارضة التركية على تلك الخطوة التي تعني تورط الجيش التركي خارج أراضيه وارتفاع تكلفتها.
وأمام العقبات المتزايدة على الأرض من المتوقع أن يلجأ أردوغان إلى التدخل جوا لتنفيذ عمليات نوعية بهدف إضعاف الجيش الوطني وإعادة تمكين الميليشيات من خلال تدخل بري محدود للغاية، لكن ذلك لا يخلو بالضرورة من مخاطر في ظل حالة التأهب القصوى التي أعلنتها الدول الإقليمية الداعمة للجيش الوطني الليبي وبخاصة جمهورية مصر العربية التي أرسلت إشارات تحذير مباشر لأردوغان معلنة استحالة السماح لأي طرف بالتدخل في الشأن الليبي وهو ما أعلنه المتحدث باسم الجيش اللواء أحمد المسماري، ما يعني أن أردوغان يُقبل على خطوة انتحارية حينما يلجأ للتدخل على الأرض في ليبيا. .
من جانبه ، قال أحمد عطا، الباحث في ملف الإرهاب الدولي بمنتدى الشرق الأوسط في لندن، في حديث مع صحيفة (ستراتيجيا نيوز) اليوم الجمعة، إن أردوغان ثعلب عجوز يراهن على الوقت ويرتب أجندته العسكرية تحت غطاء سياسي من خلال تمرير المذكرتين في البرلمان التركي للحصول علي شرعية لهما لأنه يخشي المعارضة التركية التي تنامت في الفترة الأخيرة، بعد أن خسر حزبه الإنتخابات المحلية وخاصة عاصمة المال إسطنبول.
وذكر عطا، أن “موانع جغرافية تقف أمام الرئيس التركي لتنفيذ خطته العسكرية في ليبيا فهو يبحث عن مطارات حربية داخل إحدى دول الجوار مع ليبيا بهدف تسهيل مهمته العسكرية لأنه لايمكن أن يقوم بعمل عسكري لعدم وجود مطارات حربية تنطلق منها الطائرات التركية ولهذا لجأ إلى تونس وعرض الأمر على الرئيس التونسي قيس سعيّد مقابل دعم تونس اقتصادياً لأن أردوغان يعلم جيدا أن تونس تمر بظروف اقتصادية صعبة”.
وتابع محدثنا :” الرئيس التونسي رفض أن يجعل من المطارات التونسية نقطة انطلاق عسكرية للطيران التركي مهما كان حجم الدعم المالي الذي عرضته قطر من خلال تركيا ، بالرغم من أن الرئيس التركي أجري اتصالات مع راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي زعيم حركة النهضة الإخوانية ولكن الغنوشي الأسد العجوز انتظر حتى يرى رد قيس سعيد الذي رفض أن يعرّض تونس لمخاطر أكبر من المصاعب الإقتصادية”.
أما بخصوص موقف أردوغان من الرفض الدولي ، فيقول الباحث المصري، ” أردوغان الآن لا يعنيه الرفض الدولي لأنه يعلم أن الدول الكبرى أمريكا وإيطاليا وروسيا وفرنسا تتصارع من أجل مصالح نفطية وليس من أجل استقرار ليبيا وإلا لكان نجح مؤتمر باليرمو في إيطاليا وقبله مصالحة باريس”.
ويختتم بالقول، ” أردوغان الآن يجري مشاورات مع إحدى الدول الإفريقية لاستخدام مطاراتها لضرب الجيش الوطني،حيث إن دائرة الحرب ستتسع مع مطلع نسمات العام الجديد – أما عن اطماع اردوغان في ليبيا فهي قديمة وتاريخية ومعروفة وقد باعت تركيا ليبيا لإيطاليا، وهذه الواقعة معروفة تاريخياً “. وذكر أن “عسكريين أتراكا موجدون بالفعل منذ أكثر من شهرين سراً في دولة حدودية إفريقية مع ليبيا”.