أخبار العالمإفريقيا

البرهان وسلفاكير يعكفان على تعزيز التعاون الأمني في ظل تطورات متسارعة في جنوب السودان

في خطوة حاسمة على صعيد العلاقات الثنائية، أجرى رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، اتصالًا هاتفيًا يوم الأحد مع رئيس جمهورية جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، بهدف مناقشة الأوضاع الأمنية المتدهورة في جنوب السودان وتعزيز التعاون بين البلدين في هذا السياق، في ظل التحديات المستمرة التي تواجهها المنطقة.

تعزيز التعاون الأمني بين الخرطوم وجوبا: توجيهات استراتيجية

وفقا لبيان صادر عن مجلس السيادة السوداني، تمحور الاتصال حول تعزيز العلاقات بين السودان وجنوب السودان، بما يشمل آفاق التعاون الأمني والاقتصادي، في وقت تتزايد فيه التوترات داخل جنوب السودان. وأكد البرهان خلال المكالمة حرص السودان على تحقيق استدامة الأمن في جوبا، مؤكدًا أن استقرار جنوب السودان ليس فقط قضية محورية للدولة الجنوبية بل يشكل كذلك عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على استقرار السودان. مشيرًا إلى الترابط الأمني الوثيق بين البلدين، وأن التعاون المشترك بينهما يعد ضرورة ملحة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي.

وتطرّق البرهان إلى أهمية دعم الحكومة السودانية لجهود حكومة جنوب السودان في محاربة الجماعات المسلحة وتعزيز الأمن الداخلي في المناطق الحدودية بين البلدين. وأكد في هذا السياق أن أي اضطراب في الأمن في جنوب السودان قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الوضع الأمني في السودان.

التزام الحكومة الجنوبية بالاستقرار الداخلي: تحديات مستمرة

من جهته، عبّر الرئيس سلفاكير عن التزام حكومته بتعزيز التعاون مع السودان على الصعيدين الأمني والاقتصادي، مشيرًا إلى أن جنوب السودان يواجه تحديات كبيرة في استعادة الأمن داخل أراضيه، وأن الحكومة تبذل جهودًا مضنية للسيطرة على الأوضاع الأمنية المترتبة على الصراعات القبلية والمجموعات المسلحة المتنوعة. وأشار سلفاكير إلى أن حكومة جوبا تولي أولوية قصوى لاستعادة الاستقرار في المناطق التي تشهد أعمال عنف متواصلة.

ورغم توقيع اتفاقيات السلام في عامي 2018 و2022، إلا أن جنوب السودان لم يتمكن من تجاوز المعضلة الأمنية بالكامل، إذ ما زال العنف يتفجر بين المجموعات القبلية والمجموعات السياسية المتنافسة، مما يهدد جهود إعادة الإعمار والاستقرار في البلاد.

تداعيات الصراع المستمر: تصاعد القلق الدولي

تصاعدت المخاوف الدولية في الآونة الأخيرة بشأن الأوضاع الأمنية في جنوب السودان، إذ أمرت الولايات المتحدة موظفيها الحكوميين غير الأساسيين بمغادرة البلاد بسبب تزايد المخاطر الأمنية. وأشارت الولايات المتحدة إلى استمرار الصراع المسلح بين الفصائل السياسية والعرقية، في وقت تتمتع فيه بعض الجماعات المسلحة بإمكانية الوصول السهل إلى الأسلحة النارية، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني.

في هذا السياق، أعربت كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي عن قلقهما العميق جراء استمرار العنف والقتال في المناطق المختلفة من جنوب السودان. وقد تزايدت الحوادث الأمنية بشكل غير مسبوق، منها استهداف مروحية تابعة للأمم المتحدة في ولاية أعالي النيل يوم الجمعة الماضي، ما أثار مخاوف بشأن سلامة بعثات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التي تعمل في المنطقة.

التأثيرات الإقليمية: تداخل الأزمات بين السودان وجنوب السودان

تزداد الأوضاع تعقيدًا بالنسبة للسودان الذي يعاني من أزمات سياسية وأمنية داخليّة منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023. في ظل هذه الظروف الصعبة، يسعى البرهان وسلفاكير إلى ضمان عدم امتداد تداعيات الأزمة الأمنية في جنوب السودان إلى الأراضي السودانية، والتي يعاني فيها السودان من تهديدات أمنية متعددة.

إن تفاعل الأزمات السياسية والأمنية في البلدين يتطلب نهجًا إقليميًا متكاملًا يعزز التعاون الثنائي لمكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة التي تشكل تهديدًا مشتركًا لكلا البلدين. وقد تم التأكيد على ضرورة تكثيف التنسيق بين القوات العسكرية والأمنية في البلدين لضمان تأمين الحدود المشتركة والحد من تسلل الجماعات المسلحة عبر الحدود، ما يفرض تحديات إضافية على سلطات الأمن في كلا البلدين.

الأفق المستقبلي: تحديات التفاوض والمصير المشترك

يأتي اتصال البرهان بسلفاكير في إطار محاولات احتواء الأزمة الأمنية الراهنة في جنوب السودان والتأكيد على ضرورة استمرار التعاون الأمني على جميع المستويات، بما يضمن الحفاظ على استقرار المنطقة. وفي وقت تشهد فيه المنطقة أزمة إنسانية وصراعات داخلية، يبقى المستقبل السياسي والاقتصادي للبلدين مرتبطًا بشكل وثيق، مما يتطلب من الحكومتين السودانية والجنوبية تبني مواقف مشتركة لتجاوز العقبات الأمنية المتزايدة.

ومع تزايد التداعيات الدولية تجاه الأوضاع الأمنية في جنوب السودان، تظل الجهود الإقليمية هي الأمل الوحيد لضمان تحسن الأوضاع على المدى البعيد، بما يضمن استقرار الإقليم ويحمي مصالح البلدين، وهو ما يتطلب تحركات دبلوماسية مستمرة ومدعومة بتعاون أمني واقتصادي مستدام بين الخرطوم وجوبا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق