آسياأخبار العالم

مبادرة الأمن العالمي، تقدم حلولاً صينية من أجل عالم أكثر أمنا

—بقلم:  سعادة سفير جمهورية الصين الشعبية بتونس وان لي

لقد أثبت التاريخ والحقائق مرارًا وتكرارًا أن الأمن هو الشرط الأساسي للتنمية، وأن البشرية تعيش في مجتمع أمني غير قابل للتجزئة. في الوقت الحالي، تعيش المجموعة الدولية على وقع تغييرات متسارعة لم يشهدها العالم منذ مئة سنة. كما ازدادت حدّة المنافسة بين القوى الكبرى، وتكثّفت الصراعات الجيوسياسية، وتراجع نظام حوكمة الأمن العالمي بشكل خطير، وتزايدت التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية.

في أفريل 2022، طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ “مبادرة الأمن العالمي” من منظور الرفاه المشترك للبشرية، داعيا إلى الانخراط في مسار جديد للأمن يكون للحوار فيه دورا مركزيا وقويا بدلا من المواجهة والشراكة بدلا من التحالف، وتحقيق المكسب للجميع بدلا من لعبة المحصلة صفر. كما قدمت المبادرة جملة من الاتجاهات والأفكار الجديدة للقضاء على الأسباب الجذرية للنزاعات الدولية ولتحقيق الأمن للبشرية جمعاء. وأصدرت الصينرسميًا،قبل بضعة أيام،”ورقة مفاهيم مبادرة الأمن العالمي” التي تشرح، بشكل منهجي، المفاهيم والمبادئ الأساسية لمبادرة الأمن العالمي، وتحدد أولويات وبرامج وآليات التعاون، وتوضح التزام الصين بالمسؤولية في حماية السلام العالمي، وعزمها الثابت على الدفاع عن الأمن العالمي.

 مبادرة الأمن العالمي متجذرة في الثقافة الصينية التقليدية التي تجعل السلام فوق كل اعتبار، وهي مستوحاة من سياسة الصين الخارجية المستقلة، القائمة على السلام وممارساتها.تلتزم الصين دائمًا بطريق التنمية السلمية. وهي لا تسعى في ذلك إلى الهيمنة أو التوسع أو توسيع دائرة نفوذها، أو الانخراط في سباق التسلح، بل تظل مدافعة عن السلام العالمي. وتتمثل مبادرة الأمن العالمي في “الالتزامات الستة” التي هي في جوهرها الأساسي، الالتزام بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام؛ والالتزام باحترام سيادة وسلامة أراضي جميع البلدان؛ والالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة؛ والالتزام بأخذ الشواغل الأمنية المشروعة لجميع البلدان على محمل الجد؛ والالتزام بالحل السلمي للخلافات والنزاعات بين البلدان من خلال الحوار والتشاور؛ والالتزام بالحفاظ على الأمن في المجالات التقليدية وغير التقليدية بطريقة شاملة.

مبادرة الأمن العالمي تقدم الإجابة الواضحة على سؤال العصر حولمفهوم الأمن الذي يحتاجه العالم وكيفية تحقيق الأمن المشترك“. تقترح”ورقة مفاهيم مبادرة الأمن العالمي” 20 توجيها تعاونيا رئيسيا، بما فيها دعم الدور المركزي للأمم المتحدة في حوكمة الأمن، وتعزيز التنسيق والتفاعلات السليمة بين الدول الكبرى، وتيسير التسوية السلمية للقضايا الساخنة من خلال الحوار، ومعالجة التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية، وتعزيز النظام والقدرة على إدارة الأمن العالمي. وتخدم مبادرة الأمن العالمي مصالح الشعوب في جميع أنحاء العالم وتجسد المبادئ الأساسية لرؤية مجتمع ومصير مشترك للبشرية. وقد لقيت هذه المبادرة، منذ تقديمها،ترحيبا حارا من قبل المجتمع الدولي. وأعربت أكثر من 80 دولة ومنظمة إقليمية عن تقديرها ودعمها لها. وإننا واثقون بأنه، مع إصدار “ورقة المفاهيم”، ستنضم المزيد من الدول والمنظمات إلى صفوف تنفيذ المبادرة، كما سيخلق إجماعا دوليا أوسع وعملا مشتركا لدعمها.

مبادرة الأمن العالمي تساعد في تحقيق السلام الدائم والأمن الشامل في إفريقيا. ظلت الصين القوة الداعمة والمساهم النشط في قضية السلام والأمن في القارة الإفريقية حيث نشرت أكثر من 80٪ من قواتها لحفظ السلام. ويبلغ العدد الاجمالي أكثر من 30 ألف جنديا قامت الصين بإرسالهم لأداء مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في 17 منطقة. كما وضعت الصين وافريقيا، بشكل مشترك،”رؤية 2035 للتعاون الصيني الإفريقي”. ونفذ الجانبان، وفق مسار تشاركي، “تسعة مشاريع”، من بينها “مشروع السلام والأمن”.

في رسالة تهنئة لمنتدى السلام والأمن الصيني-الإفريقي الثاني،أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ أن تحقيق السلام الدائم والأمن الشامل يعد طموحا مشتركا للشعب الصيني والشعوب الإفريقية. في هذا الاتجاه، عملت الصين دائما على تطوير العلاقات مع إفريقيا، مع الالتزام والتمسك الوثيق بالصالح العاممن خلال السعي لتحقيق المصالح المشتركة واتباع مبادئ الإخلاص والبراجماتية والتقارب وحسن النية. وتستعد الصين للعمل مع أصدقائها الأفارقة للالتزام برؤية الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وتعزيز تنفيذ مبادرة الأمن العالمي، وبناء مجتمع المصير المشترك بين الصين وافريقيا في العصر الجديد.

مبادرة الأمن العالمي تساهم، بالاعتماد على الحكمة الصينية، في تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط. إن الصين بصفتها شريكًا استراتيجيًا لدول الشرق الأوسط، تعد دائمًا قوة بناءة مهمة في تعزيز السلام ودعم التنمية في المنطقة. إن سياسات الصين تجاه الشرق الأوسط تنطلق من جوهرالموضوع نفسه والمصالح الأساسية لشعوب المنطقة. ونذكر في هذا السياق المبادرة الصينية ذات النقاط الخمس بشأن تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والمبادرة الصينية ذات النقاط الأربعة لإيجاد حل سياسي للمسألة السورية وكذلك الأفكار، ذات النقاط الثلاث، لتنفيذ “حل الدولتين”بين فلسطين واسرائيل. كما تلعب الصين، بشكل فعّال، دور الدولة الكبرى المسؤولة وتدعم بقوة اعتماد الحلول السياسية تجاه القضايا الساخنة وتعمل بجدية لتعزيز السلام والأمن الإقليميين.

وأكد الرئيس الصيني شي جينبينغ، في القمة الأولى الصينية العربية المنعقدة في ديسمبر2022، أن الجانب الصيني يدعم الجانب العربي من أجل إيجاد حلول سياسية للقضايا الساخنة والشائكة والتحلي في ذلك بالحكمة العربية، وبناء منظومة أمنية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة في الشرق الأوسط.

ويرحب الجانب الصيني بمشاركة الجانب العربي في مبادرة الأمن العالمي، كما أنه على استعداد لمواصلة المساهمة، بالاستناد إلى الحكمة الصينية، في تعزيز السلام والأمنفي منطقة الشرق الأوسط.

وتعد تونس صديقا قريبا وشريكا وثيقا للصين. ويربط بين الجانبين توافق واسع بشأن الحفاظ على الأمن المشترك. ويسعى الطرفان، في مواجهة التحديات والأزمات العالمية، إلى تعميق التعاون بين البلدين في المجال الأمنيوايلائه الأهمية البالغة. وكما يقول العرب “إن الأقوال ورقة والأفعال ثمرة”. ويحرص الجانب الصيني على التعاون الفعال مع الدول الأخرى من المجتمع الدولي، بما فيها تونس، من أجل بذل جهود متواصلة لتعبئة القوى العالمية المشتركة لتعزيز تنفيذ مبادرات الأمن العالمي وجعل العالم أكثر سلاما وأمنا وازدهارا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق