أخبار العالم

في حضرة جلالة الحاكمة كورونا :الإفتتاحية

بقلم ربيعة الكريكشي-كاتبة ليبية

هل تسوق لنا الجائحة كورونا الموت أم هي فرصة لتصحيح مسار حياتنا؟ قد يحقق حاكم مستبد شديد البأس بعضا من العدل المنشود ، و توازن قد فُقد في غفلة منا في سرعة دوران عجلة الحياة..

قد يكون السؤال الأهم، هل تعيد الكورونا صياغة نواميس الحياة وقوانينها، بعد أن بدأت أصلا في تغيير خارطة العالم الصحية والإقتصادية الجديدة وفرض تعداد جديد لسكان الدول والقارات وعليه حتى حصر الموارد..؟

منذ سنوات و كوكبنا المجهد بسببنا ، يبعث برسائل تحذير زإنذارات بكوارث كونية بسبب ما ارتكبناه من ثلوث بيئي تلوثت معه نفوسنا البشرية ، ضاربين عرض الحائط بأي محظور قد يطرأ ظنا منا أننا لا نقهر..حتى بعث لنا بظواهر كونية غريبة للفت انتباه غفلتنا وماذا فعلنا بكوكبنا ! لكن يبدو أننا لم نفهم الإشارة بل زدنا في الأرض عبثا وفسادا طال حتى الذمم والضمائر، لنجد أنفسنا نخوض حربا ضروسا قد يكون الأقرب لها كعنوان( حرب في زمن الكورونا) على غرار الرواية الشهيرة لغابريال غارسيا ( حب في زمن الكوليرا).. والطريف هنا من باب الكوميديا السوداء أنه ليته كان حبا.. فشتان بين الحب والحرب… برغم المثل القائل شيء مباح في الحرب و الحب). كل) .

وفي الوقت الذي يخوض العالم حربا في ليبيا نخوض فوق الحرب حربا أخرى قرابة العام .. نعم حربا، هذا ما نقاسيه بوصول عام الألفين ونيف..قصف وتطاحن و نزوح، والآن وبكل سخرية الأقدار، تضاف جائحة فيروس الكورونا
وكأن هذا ما ينقصنا … فالمصائب لا تأتي فرادى
كما يقول المثل الانجليزي.

منذ أشهر وهذا الفيروس الذي لا يتجاوز النينوغرامات، يجتاح العالم بهلع، عابرا للقارات، متجاوزا كل حدود السايكس بيكو بسخرية ، يضع العالم في قبضته، مخلفا خارطة اقتصادية جديدة، فارضا فرمانا موحدا كقفل حدود ووقف طيران وحظر تجول وقواعد حجر وعزل، لم يستطع حاكم بشري واحد أن قام بما قامت به كورونا.. الموت اليوم و كأنها الحاكمة المتوجة…

لتكن ليبيا بوضع إستثناء برغم إحاطتها بدول جارة أصيبت. لا أدري هل هو لطف الله أم مساحة أرضها بتعداد سكاني قليل أم ظروف عدم وجود مطار؟ أم كلها لتشكل معا درع حماية يقارب من التحطم، ليقدم لنا وقتا محدودا للتصرف الحكيم وبسرعة تسابق الضوء.

هذا الإنتشار سيكون محطما لأي رقم قياسي عبر الدول سيذكره التاريخ، خصوصا بما يترتب على اكتظاظ النازحين واحتكاك وتجمع مفروض، في واقع العقليات البسيطة السائد من تحمل فكرة ( يوم موتك ما تبات برّه قبرك) وشعور”أن العطلة ليست للعزل و إنما فسحة”..!

اليوم نحن أمامنا تحدٍّ كبير.. إما أن نحمي أنفسنا وديارنا بالعزل الأمن بواعز إنساني ووطني قبل أن نكون مسلمين، أو ننقرض .

صحيح نحن سكان المتوسط شعوب دافئة وتحب الإختلاط والتجمع.. والمكابرة أمام المخاطر، ولنا في جارتنا في المتوسط إيطاليا التي تعيش أحلك ظروفها وانفلات محدق خارج عن السيطرة وفشل شبه تام للنظام الصحي.

أخيرا نحن ربما أمام حقيقة أو مسلّمة يفرضها الكون لحكمة ما وهو البقاء للأقوى جينيا، وربما الأرض قررت أنها تحتاج لعدد معين من البشر فقط يحترم بيئتها وناموسها وقوانينها…
هذا أمر كوني وقد نفذ..
لنكن من الأقوى والأذكى جينيا والأكثر احتراما للأرض البشرية أو نستمر في استهتارنا وندفع ثمن ذلك خسارة أحبائنا ..لا قدر الله.

والسؤال الأهم، هل تعيد جائحة كورونا كتابة نواميس الحياة وقوانينها وفق ما تريده الحاكمة المتوجة هذه الأيام ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق