أخبار العالمإفريقيا

شخصيات أثرت في التاريخ عمر المختار

لماذا اخترنا شخصية عمر المختار؟

في فقرتنا هذه اخترنا لكم شخصية نعترها رمزا من رموز المقاومة ضد الاستعمار و الاحتلال رمزا في وطنه و للأجيال الليبية، كذلك رمزا في العالم العربي، أسد الصحراء عمر المختار رمز الشجاعة و المواقف و الوطنية و الصبر و المثابرة،  فما أحوج الشعب الليبي اليوم للوقوف و لو قليلا للنظر لأجداده الذين دفعوا حياتهم لتحرير ليبيا و النظر إلى من يبع اليوم ليبيا و يناشد الأجنبي للدخول لاستعمارهم و احتلالهم من جديد. 

عمر المختار:

     عمر المختار هو أسد الصحراء، وشيخ المجاهدين و شيخ الشهداء، هو مجاهدٌ ومقاوم ليبي هو من مواليد البطنان من منطقة طبرق الواقعة في الجنوب الشرقي من الجبل الأخضر في ليبيا هذه المنطقة لها رموزها و رمزيتها عبر التاريخ و إلى اليوم.

كما كل الشباب في ذلك العصر درس أسد الصحراء في المدارس القرآنية و كان يعرف بذكاءه و نبوغه و كان ملفت للانتباه منذ صغره وتمّ إرساله إلى معهد (الجغبوب) الذي يُعتبر ملتقى الفقهاء والعلماء والمربّين والأدباء، فقاموا بالإشراف على تربيته وتهيئته لإرساله فيما بعد هو وجميع المتفوّقين إلى مواطن القبائل في إفريقيا وليبيا للعمل على تربية الناس وتعليمهم أصول الفقه والدين مما اكسبه إلماماً واسعاً بالبيئة المحيطة به، بالإضافة للمعرفة الواسعة بجميع الأحداث القبليّة ووقائعها وتاريخها، وقام بالتوسّع في معرفة الأنساب والارتباطات التي تصل القبائل بعضها ببعض، بالإضافة للعادات والتقاليد والموقع إلى أن أصبحت له القدرة على فض الخصومات البدوية بنجاح كبير و حكمة و تعقّل.

بالإضافة لهذا فقد اكتسب معرفة جغرافية هامة جدا بجميع طرق ومسالك الصحراء، بفضل ترحله المستمر من برقة إلى السودان ومصر في الخارج، وإلى الكفرة والجغبوب داخل ليبيا.

نضال عمر المختار ضد الاستعمار

دخلت إيطاليا حربها على الدولة العثمانيّة و على الايالة العثمانية ليبيا في 3 اكتوبر 1911 وقامت على الفور بإنزال قواتها على سواحل مدينة بنغازي الواقعة في الشمال من برقة في عملية احتلال فاشي لليبيا بدعوى تحرير ليبيا من الحكم العثماني.

 و كان عمر المختار في تلك الفترة يتجول كالعادة في عمق الصحراء يزور السنوسيين في مدينة الكفرة، وأثناء عودته عرج على واحة جالو؛ حيث علم بخبر النزول الإيطالي على سواحل بنغازي و أدرك وقتها بأنه الاستعمار لوطنه و أن المقاومة يجب أن تبدأ،  فعاد إلى زاوية القصور للعمل على جمع الرجال و جنّد رجال قبيلة العبيد لمقاومة الزحف الإيطالي، وتمكّن من تجنيد أكثر من ألف مقاوم.

و بسرعة كبيرة كوّن عمر المختار معسكراً خاصاً في الخروبة، وانتقل بعده إلى الرجمة، وبعدها التحق بالجيش العثماني، و منها انتقل إلى مدينة بنينة، وهناك وجد عددٍ كبيرٍ من المقاومين انظمّ إليهم، ومن هناك بدأت المقاومة المسلحة على الايطاليين و استهدافهم.

لكن بعد اندلاع حروب البلقان، أجبرت الدولة العثمانيّة على عقد صلحٍ مع إيطاليا، و تسليم ليبيا الى الايطاليين وتم توقيع العقد في لوزان سنة 1912 وانسحب العثمانيون من الأستانة، الأمر الذي أثار سخط المقاتلين الليبيين، فطالبوا من الجنود العثمانيين التخلّي عن أسلحتهم، لكنّهم رفضوا التنازل عن أسلحتهم، فاضطر المقاومون لإطلاق النار على العثمانيين ممّا أدّى إلى نشوب معركةٍ بين الطرفين أدت إلى سقوط العديد من القتلى.

بسبب تأزّم الوضع تمّ إرسال عمر المختار لفضّ النزاع، فقام من فوره باللحاق بالمقاومين ونجح بإقناعهم على العودة والتخلّي عن فكرة قتال العثمانيين، وبقي المختار متسلّماً لزمام القيادة في عمليّات المقاومة وقتال الايطاليين في مدينة برقة حتى وصول أحمد الشريف السنوسي إلى مدينة درنة، وتولّى هو قيادة المقاومين، وكان عمر المختار من أكبر معاونيه.

وتسلّم القيادة الأمير محمد إدريس السنوسي بعد هجرة احمد السنوسي، و شَهدت تلك الفترة أعنف درجات الصراع؛ حيث كان تركيز عمر المختار على منطقة درنة.

ولما سقطت مَنطقة القصور وتكنس التي كان يتنقل عمر المختار بينهما أثناء الغارات الايطالية المكثفة، تحوّل بعدها عمر المختار إلى معسكر جبل العبيد، وكان من هناك يتواصل بشكلٍ دائم مع قبائل منطقة دفنا.

نتيجة القحط الذي أصاب البلاد في الفترة ما بين عامي  1913 و سنة 1915 كانت انتكاسة المقاومة الليبيّة، ومما زاد في توسع الاحتلال الايطالي و استيلاءهم على أغلب المناطق الاستراتيجيّة الواقعة في وسط وشمال برقة.

في سنة 1915  انضمّ غمر المختار لأحمد السنوسي في مصر عندما كلن يقاوم الاستعمار البريطاني بمصر، و لم يمكث كثيرا هناك وعاد إلى بلاده لاستئناف مقاومته للايطاليين بالتعاون مع إدريس السنوسي.

في سنة 1916 وقّع إدريس السنوسي معاهدة الزويتيّة مع الطليان، مما أدى إلى غضب و  تشتّت معظم رجاله في أنحاء ليبيا، ممّا اضطر عمر المختار إلى العودة إلى برقة وتولى قيادة المقاتلين وندى أهالي الجبل الأخضر للمقاومة، وفتح باب التطوّع للانضمام للمقاتلين في كفاحهم المسلح ضد الاستعمار الإيطالي، وكان يعاونه في هذا الأمر لجنةٌ فيها أعيانٌ من مختلف القبائل الموجودة في الجبل.

 كان التكتيك الحربي لعمر المختار في حربه ضد الاستعمار حرب العصابات والغارات يعني حرب الكر و الفر و الاستنزاف، وكانت المقاومة تتسلح ببنادق خفيفة لا يتعدّى عددها ستّة آلاف بندقيّة، وقد كانت وقتها بداية الحرب القاسية و الصعبة بين المقاومة على رأسها عمر المختار وبين الجيش الإيطالي والتي دامت 12 عاماً. و أدرك وقتها الايطاليين أنهم أمام عقل مدبر و مقاومة شرسة ذات عقيدة صلبة و أدركوا بان هذه الحرب لن تنتهي إلا بانتهاء عمر المختار و فعلا تم لهم ذلك و أسر عمر المختار وتمّ إعدامه.

أسر عمر المختار

في سنة 1930 تمكّن الايطاليين من الاشتباك مع المقاومين في معركة كبيرة جدا سقط فيها العديد من القتلى و الجرحى، وبعد أن انتهت المعركة عثر الجنود الايطاليين على حصان عمر المختار وعلى نظاراته في ساحة المعركة، فعلموا بأن المختار ما زال على قيد الحياة، فأصدر غراتسياني على الفور منشوراً يحاول فيه كسر مقولة أسطورة المختار الذي لا يقهر أبداً؛ حيث أورد في منشوره قائلاً: ” لقد أخذنا اليوم نظّارات المختار، وغداً نأتي برأسه “.

في شهر سبتمبر من سنة 1931 توجه عمر المختار مع عددٍ من رفاقه لزيارة ضريحٍ لأحد الصحابة في مدينة البيضاء، وهو في طريقه شاهدته إحدى وحدات الاستطلاع الإيطاليّة، وقامت على فورها بإبلاغ الحامية في قرية أسلنطة، فقامت الأخيرة من جهتها بالإبراق لاسلكيّاً إلى قيادة الجبل، فتحرّكت عددٌ من الفصائل بمطاردتهم، وحدث اشتباكٌ بأحد الوديان بالقرب من عين اللفو فجرح حصان عمر المختار، فسقط الأخير على الأرض، وتعرّف عليه أحد المرتزفة من الجنود الليبيين، وكان هذا الجندي مقاومٌ سابق مع عمر، وعندما رآه صاح (يا سيدي عمر) فعرفه الطليان وقبضوا عليه فوراً.

بعد القبض على عمر المختار، قال غراتسياني : ” هذا الرجل أسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرّات من الموت والأسر، واشتهر عند الجنود بالقداسةِ والاحترام لأنه كان الرأس المفكّر وقلب الثورة العربيّة النابض في برقة، بالإضافة لهذا كان هو المنظم لعمليّات القتال بالكثير من الصبر وبمهارةٍ فريدة لسنوات طويلة، والآن يقف أسيراً في أيدينا “.

 إعدام عمر المختار

 في  يوم 16 من تشرين الأوّل لسنة 1931 تمّ اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتنفيذ حكم الإعدام على أسد الصحراء عمر المختار، وذلك عن طريق إحضار جميع أقسام الجيش والطيران والميليشيات الايطالية، كما تمّ إحضار 20 ألفاً من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين من مختلف المناطق لمشاهدة تنفيذ حكم الإعدام في القائد البطل عمر المختار.

تمّ إحضار المختار مكبلاً عند تمام التاسعة صباحاً، وسلم على الفور للجلاد بمجرّد وصوله للمكان، وفي هذه اللحظة حلقت الطائرات فوق الساحة على علوٍ منخفض، وذلك لمنع الأهالي من سماع آخر أقوال عمر المختار قبل تنفيذ حكم الإعدام به، لكن عمر لم ينطق كلمةً واحدة، وبقي صامتاً طوال فترة مسيره إلى منصّة الإعدام وهو ينطق بالشهادتين، وقال آخرون بأنّه يقرأ آياتٍ من القرآن، ومنهم من قال بأنّه كان يردّد بصوتٍ خافت أذان الصلاة، وتمّ بعدها تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في عمر المختار، وقد كان يبلغ من العمر ثلاثةً وسبعين عاماً.

و من بعد إعدامه على الملأ أخذت المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الايطالي منعرجا آخر في ليبيا للاستقلال، و استشهد رمز المقاومة و لكنه لا يزال حيا يرزق في أذهان كل الليبيين و في الذاكرة الشعبية و المخيال الجمعي الليبي.

 فكيف لأحفاد شيخ المقاومة عمر المختار أن يسمحوا اليوم برجوع الاستعمار و الاحتلال و تدمير وطنهم؟ الم يكن عمر المختار بالنسبة لليبيين مرجعية في الوطنية و حب ليبيا؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق