أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

روسيا : الفكر الداعم لحق الشعب الفلسطيني في نيل التحرير”

تنبني القوة الغربية، بخاصة الأمريكية، على ثلاثة أركان وهي:

  • الآلة العسكرية والحربية،
  • والآلة الاستشرافية،
  • والآلة الإعلامية.

وهذه الآلات الثلاث عملت ويعمل بعضها مع بعض في انسجام وتكامل وتنسيق، ولا يمكن أن تدخل إحداها معركة دون البقية، وكانت أغلب معارك هذه القوة الغربية تحسم بواسطة الآلة الإعلامية؛ وذلك لقدرتها على صناعة الرأي العام العالمي، وتوجيهه والضغط به، فتراها تهدم مسلمات، وتقيم أخرى، وتنشئ بديهيات، وتلغي أخرى فالألة الإعلامية الغربية تتفنن في الكذب والمغالطات والضحك على عقول الناس بصورة قبيحة جدا.

وهنا يبرز دور هذه الآلة الإعلامية الغربية وصناعتها السينمائية، التي بذلت جهدها وعملت عملها في حشد الجماهير، وتكوين الرأي العام، والترويج لنمط العيش الأمريكي، وقيم الحياة الغربية فأصبحت الشعوب تأبى على حكوماتها الانضمام إلى المعسكر الشرقي، لما تأثرت به تلكم الشعوب من مظاهر الحياة الغربية، ونمط العيش الأمريكي، الذي أسهمت في انتشاره وإذاعته بين الناس الآلة الإعلامية الغربية، والصناعة الهوليودية، ليبدأ الاتحاد السوفيتي كل حين يخسر شيئًا من مواليه…

وجاءت عملية طوفان الأقصى وكشفت هذه الدعاية الصهيونية الأمريكية الكاذبة في أن الاتحاد الروسي  منذ التاريخ كان ومزال داعما للفكر التحرري الثابت الذي أمن بحق الشعب الفلسطيني؟

“يفغيني بريماكوف” مفكر روسي وهو أحد قداح زناد الفكر الاستراتيجي، وهو العقل المدبر لخطة روسيا لكسر الهيمنة الغربية فيما يعرف بمثلث بريماكوف، الذي شغل بعد ذلك منصبي رئيس وزراء روسيا من عام 1998 إلى عام 1999، ووزير الشؤون الخارجية من عام 1996 إلى عام 1998.

حين سئل بريماكوف عن مسألة الاعتراف السوفيتي بإسرائيل، قال: “الاتحاد السوفيتي كان في البداية يدعو إلى أن تكون دولة ذات قوميتين، كان يدعو إلى أن تكون دولة واحدة عربية وعبرية ودعمنا قرار التقسيم لأنهاء حالة العدوان على القومية العربية الفلسطينية، لقد كان لنا صداقة كبيرة مع ياسر عرفات، رئيس المنظمة الفلسطينية. كذلك لماذا لدينا علاقات رائعة مع أبو مازن، رئيس السلطة الفلسطينية؟ لماذا لدينا علاقات طيبة جدًّا مع خالد مشعل، ويزورنا في موسكو؟”.

هذا الموقف تمت توريته من طرف الآلة الإعلامية الغربية – الامريكية والعمل على إخفائه، وتسليط الضوء على شيء واحد وبيانه للناس في صورة مشوهة وبطريقة مخلة وهو أن الاتحاد السوفيتي كان مجانبا للاعتراف الإسرائيلي إلا أن هذا الأمر كان  خطة تشويه غربية  تستهدف الروس من أجل خسارة حلفاءهم في المنطقة… واستحكمت القبضة الأمريكية عليها وأصبحت  أمريكا هي الفاعل الوحيد في المنطقة، من هنا واصلت السياسة الدعائية الامريكية مخططها لأجل توطيد تلك الصورة النمطية في نفوس الرأي العام العربي والإسلامي.

  جاءت عملية “طوفان الأقصى”، حاملة معها  خفايا الغرب حيث كشفت حقيقة المخططات الصهيونية الأمريكية وما بثته الألة الدعائية الغربية من مغالطات  في الوقت نفسه قدمت  للاتحاد الروسي خدمة كبيرة  لقد كشفت عن اللعبة التي كانت أمريكا قد ابتكرتها وروجتها، ولإجلاء تلك الصورة النمطية التي التصقت بهم عبر سنوات… لقد أبانت عن الموقف الحقيقي الروسي الداعم دائما وأبدل لحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن مصيره وأرضه ضد الكيان المغتصب لقد حملت روسيا راية القضية الفلسطينية أمام الأمتين العربية والإسلامية، بل فضح الرأي الغربي أمام مجلس الأمن الدولي والذي دافعت فيه روسيا وبشدة عن القضية الفلسطينية وإدانة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وسط صدمة أمريكية أين أعلن ممثل الخارجية الروسية موقفه وقد تجلى موقفهم في رفض الكرملين التام اعتبار المقاومة الفلسطينية المسلحة “حماس” حركة إرهابية، وإنما حركة تحررية أثر ذلك لم يتردد الشعب الروسي ولو للحظة في الخروج الى الساحة الحمراء والساحات العمومية مساندا مساندة إنسانية مطلقة لأبناء الشعب المقاوم منددا بقتل الأطفال الأبرياء والنساء وارتكاب أبشع المجازر ضده وضرورة وقف العدوان والالة الحربية الباطشة التي دمرت كل أحياء غزة، ناهيك عن المساعدات الانسانية التي أرسلتها دولة روسيا والدعوات المتكررة أمام مجلس الامن الدولي من أجل فتح المعابر وإيصال هذه المساعدات ومازالت المقاومة الروسية الى جانب الشعب الفلسطيني حتى وصل الامر الى إتهامها مباشرة من الجانب الغربي بدعمها المسلح لإيران ومن ثم المقاومة .

ظهر للرأي العام العربي والإسلامي التوجه الروسي الحقيقي الداعم للقضية الفلسطينية  برفح راية  “فلسطين حرة “، وأسفر عن الموقف الحقيقي لروسيا من القضية الفلسطينية، وهذا سيخدم روسيا أكثر في حربها مع الغرب وذلك أن الذي سينهي الحرب الروسية الغربية، ويدفعها إلى طاولة المفاوضات، ليس ساحة المعركة  بل قدرة كل طرف على كسب العالم العربي والإسلامي والإفريقي، وذلك أن  الغرب يرغب في كسب مواقف الدول العربية والإفريقية؛ لأجل عزل روسيا عالميًّا  وحتى تكون للعقوبات العسكرية أثر قوي في اقتصادها، فتحشر في الزاوية  ولا يكون أمامها حل إلا الخنوع والذهاب إلى المفاوضات راضية  بما يفيء عليها به الغرب الا أن ذلك يبقى صعب المنال …

تتقدم روسيا وآلتها الدبلوماسية من جلب الدول العربية والإسلامية والإفريقية إليها من خلال كسب ثقتها وبناء علاقات جيدة معها بسياسة نموذجية تضع الجميع على قدم التعاون والمساوات والصالح الدولي المشترك بعيدا عن هيمنة وترفع واستنزاف الغرب الكاذب، وهذا  ما سيجعل روسيا في فسحة اقتصادية .

 ان دور الرأي العام الشعبي في العالمين العربي والإسلامي له تأثير في صناعة القرار السياسي، فمهما شاغبت الحكومات شعوبها، وسارت على خلاف رغباتها، فإنها لا تملك في النهاية إلا موافقة المزاج الشعبي العام المنتصر للموقف الروسي وعدم معارضته، الموقف الذي فرض واقعا جديدا على أمريكا وحلفائها  وهي نزع القطبية الأحادية ذات السياسة المهيمنة والمدمرة، ولنا في أحداث غزة خير دليل فقد أسهم التحرك الشعبي في توقيف عملية التطبيع، وإجبار الكيان الصهيوني على القبول بالهدنة وفق الشروط التي وضعتها المقاومة الفلسطينية، وفي هذا إعتراف دولي بوزن المقاومة  كعنصر متحكم في السياق العام ضمن منطقة الشرق الأوسط   وهنا، سيكون يسيرًا على أي دولة أو حكومة العودة إلى التطبيع أو الإبقاء عليه بما تعنيه إسرائيل دوليا من عدو بل طرف معاد للإنسانية جمعاء.

تعمل روسيا اليوم على تعزيز الشراكة العربية الإسلامية، بمظهر قطب جديد واعد على مختلف الأصعدة سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وثقافيا، ومن هنا ينبغي تقوية الآلة الإعلامية وتطويرها خاصة الموجهة إلى الرأي العام العربي والإسلامي، وأن تكون لهذه الآلة القدرة على كشف الألة الغربية المزيفة كما أن هناك خيار جديد أمام الانظمة العربية والإفريقية، والإسلامية في الانخراط البناء في السياق الدولي الجديد واعتناق الفكر التحرري الجديد من مستعمرة الغرب الى معسكرة العالم الشرقي بما هي بوابة للتحرر والتنمية الإنسانية المشتركة والقدرة على تطوير النماذج الاقتصادية العربية في كل المجالات و الميادين .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق