أخبار العالمبحوث ودراسات

تكنولوجيات الزراعة: المزايا والتحديات “الشعوب التي لا تزرع تموت”

يمكن تعريف تكنولوجيا الزراعة على أنّها كل التقنيات التكنولوجية المستخدمة في النشاط الزراعي لتحسين الإنتاج، وتعتبر التكنولوجية الزراعية هامّة لكونها تؤثر إيجابيا على جودة وكميات المحاصيل الزراعية بتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبيانات الأنظمة لجعل المزارعين أكثر إلماما بكل المعلومات حول حقولهم، سعيا لتكريس تنمية اجتماعية واقتصادية مستدامة، باعتبار أنّ الزراعة تعتبر احدى أهم ركائز التنمية داخل المجتمعات.

فيما تتمثّل أهم تقنيات تكنولوجيا الزراعة؟

 ولما تعتبر جانبا مهما في النمو الاقتصادي؟

وما هي التحديات التي تقف في وجه تكنولوجيا الزراعات؟ 

تتعدّد تقنيات تكنولوجيا الزراعة منها:

تقوم هذه الحساسات بتحديد نسب الرطوبة ومستويات النتروجين في التربة، حيث يتمّكن المزارع بناء عليها من تحديد أوقات السقاية وأوقات التسميد المناسبة. وتعتبر تقنية حساسات المياه والتربة من التقنيات الرخيصة التي يمكن حتى للمزارعين الصغار شرائها واستخدامها في نشاطهم الزراعي.  

من بين أهم العوامل المؤثرة على الزراعة والمجال الفلاحي بصفة عامّة، هي العوامل المناخية وحالة الطقس، وهو ما دفع الى الإقرار بضرورة معرفة المزارعين بصفة دائمة لحالة الطقس والتقلبات المناخية التي يمكن أن تطرأ على المنطقة المعنية بالنشاط الزراعي. وهو ما أخذته بالاعتبار التكنولوجيا الزراعية حيث تقوم بتوفير مجموعة من مواقع الويب المختصّة في كل تفاصيل الطقس من درجة الحرارة وتوقّعات بشأن نزول الأمطار وغيرها، عندها يتمكّن المزارع من استباق أي ظرف طارئ يمكن أن ينجم عن حالة الطقس ويتخذ التدابير الضرورية لتجنّب كل الأضرار.

بالاستعانة الى تقنية التصوير بتوظيف الأقمار الصناعية يمكن للمزارعين التدقيق في كل الزراعات عن بعد وهم في غرفة التحكم الخاصة بالمشروع الزراعي بكل وضوح ودون الحاجة الى التجول في كامل الأرض، ممّا يوفّر التعب عليه.   

تعوّل تقنية الزراعة العمودية على توفير أكبر مساحة من الأراضي الصالحة للزراعة، حيث تتم الزراعة بشكل طابقي دون الحاجة الى مساحات كبيرة من هذه الأراضي، وذلك ما يسمح باستغلال المساحات الصغيرة الموجودة في المدن ويساهم بدوره في زيادة كمية المنتجات الزراعية.

تستخدم الروبوتات بصفة عامّة لتعويض نقص اليد العاملة في المجال الزراعي، حيث أنّ هناك بغض الدول التي تعمل كثيرا على تطوير مثل هذه الروبوتات للقيام بمختلف الأنشطة الزراعية كالحصاد ورش المبيدات ومراقبة المحاصيل والتربة.

استخدمت في الفترات الأخيرة بكثرة لمراقبة الأراضي ورش المبيدات.

يقوم بعض المزارعين بتعديل جينات النباتات حتى تقاوم مختلف العوامل التي يمكن أن تتلفها، وهو ما يساهم في تلافي تراجع نسلب المنتوجات الزراعية.

تنعكس أهميّة تكنولوجيا الزراعة في الكثير من النقاط، بحيث تساهم في زيادة إنتاجية المحاصيل، التقليص من كلفة الزراعة كالمياه والأسمدة والمبيدات الزراعية.

 ومن اهم المزايا الأخرى التي تضمنها تكنولوجيا الزراعة هو الحفاظ على البيئة، حيث أنّ التقليل من استعمال المبيدات الكيميائية في التربة والمياه الجوفية يساهم في تحسين جودة الزراعات، من ناحية أخرى يضمن توظيف تكنولوجيا الزراعة سلامة العاملين في المجال الزراعي.

كما تضمن تكنولوجيا الزراعات المراقبة المثلى للموارد الطبيعية باستعمال الوسائل الروبوتية الحديثة، مثل تكريس العوامل الطبيعة الفعّالة في زيادة جودة المنتجات الطبيعية.

من ناحية أخرى كانت الآليات التقليدية للزراعة تستعمل بشكل شامل لكل النباتات (مثلا استعمال نوع واحد من الأسمدة والمبيدات لكل الزراعات) إلاّ انّه بتوظيف تكنولوجيا الزراعات يصبح التركيز على كل نبته بشكل منفرد، ممّا يساهم في تحسين جودة المحاصيل الزراعية.

وبالتالي فإنّ تكنولوجيا الزراعة أثبتت فاعليتها بالنسبة للدول التي تستخدمها في نشاطها الزراعي من خلال جعل المزارعين أكثر قدرة على السيطرة على الإنتاج النباتي ومعالجته بطرق أكثر فعالية وتخزينه بطرق آمنة، وذلك من شأنه أن يساهم خاصّة في التقليل من كلفة الإنتاج الزراعي وضمان نموّه بطرق تضمن “نظام غذائي آمن”.

في عصر تسيطر عليه مظاهر العولمة، يعتبر الاستغلال الاستراتيجي للتقنيات التكنولوجية عاملا فعّالا ونقطة حاسمة في التغيير الإيجابي للأنظمة الزراعية من خلال زيادة كفاءتها وصمودها مع مختلف التحديات التي يمر بها عالمنا اليوم من تغيرات مناخية وشح في المياه وتدهور اليد العاملة في القطاع الزراعي، لذلك يعتبر النظر في كيفية الاستغلال الإيجابي للتقنيات التكنلوجية اليوم أمرا ضروريا  لضمان أنظمة غذائية تستجيب لكافّة الضوابط الصحية وتتماشى مع مختلف التحديات الاقتصادية والاجتماعية لكافّة الدول، سواء منها الدول النامية أو المتقدمة، ويندرج ذلك باختصار في الأمن الغذائي، فمتى وجدت أنظمة زراعية آمنة ومتطورة وجد الأمن الغذائي.  

ولعلّ ما لا يمكن بأي شكل من الأشكال تجاوزه في السعي لنشر ثقافة التكنولوجية الزراعية، هو الاختلاف الكامن بين طبيعة الدول من حيث احتياجاتها وقدرتها على الابتكار وتوظيف هذه التقنيات الزراعية الحديثة، فصحيح أنّ العولمة وما يتبعها من توسع حضري كبير تفرض بعض التطورات الطفيفة على مستوى الأنظمة الزراعية والغذائية.

 لكن ومع ذلك ليس هناك حل تكنولوجي واحد يتماشى مع طبيعة كل الدول ويلبي كافّة احتياجاتها في جميع السياقات المختلفة، فالتكنولوجيا الزراعية ليست مجرّد عصى سحرية تستجيب لكافّة المشاكل في المجال الزراعي.

 إذ أنّ هناك الكثير من العوامل والمتغيرات التي يجب النظر فيها بعمق والقيام قبل الإقدام على أي خطوة توظيف لتكنولوجيا الزراعة بدراسات استباقية تأخذ بعين الاعتبار كل المفضالات المحتملة والمنافع المشتركة بين الدول وداخل هذه الدول نفسها.

 فمثلا هناك احتمالات بأن تؤثر تكنولوجيا الزراعة على اليد العاملة في مختلف الدول بطرق متباينة، فهناك من الدول التي تبدوا فيها نسب البطالة مرتفعة واليد العاملة في المجال الزراعي ليست بذاك القدر من الكفاءة.

 وبالتالي فإنّ تطويع التكنولوجيا الزراعية من شأنه أن ينهض بالأنظمة الزراعية مقابل تأثيره غير المحبذ على اليد العاملة، في حين أنّ هناك من الدول التي تبدو اليد العاملة داخلها أكثر كفاءة يمكن استغلالها في مجالات عمل أخرى ضمن التكنولوجية الزراعية.

 وبالتالي فإنّ توظيف الأنظمة الزراعية من شأنه أن يحفز التوظيف لليد العاملة في مجالات أخرى كالمجالات اللوجستية والتوجه نحو مراقبة الإنتاج التي ستزيد كميته، وهي مجموعة من الوظائف التي تتطّلب قدرات معرفية عالية غير موجودة بالنسبة للعمال في الدول الأخرى.

 وبالتالي الانتقال أو تطوير الأنظمة الزراعية يتطلّب عناصر هامّة يجب أن تتوفر داخل الدول منها توفر يد عاملة ذات إمكانيات عالية يمكن أن تنجح في استخدام تقنيات الزراعة المتطورة وتكون لها القدرة على الاستجابة لكمية الإنتاج المرتفعة.

ويؤكد هذا التوجه الهام المحيط بالكيفية التي يجب أن يقع من خلالها تطبيق تكنولوجيات الزراعة على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار لكل الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والأخلاقية التي يمكن أن تنجم عن توظيف التقنيات الزراعية الحديثة.

وتجدر الإشارة، بأنّ توظيف التكنولوجيات لا يستوجب فقط الأخذ بالاعتبار كيفية اعتمادها أو تأثيراتها بقدر البحث والتطوير فيها.

وعن قائمة الدول التي تضاعفت استثماراتها في البحث والتطوير الزراعي، تتصدّر الصين والهند والبرازيل هذه القائمة حيث لوحظ ارتفاع كبير في حجم استثمارها في تكنولوجيات الزراعة بين عام 1981 وعام 2016، إلا أنّ الدول متوسطة الدخل أو النامية لا تزال استثماراتها ضئيلة في هذا المجال مقارنة باستثماراتها في مجالات أخرى كالبنية التحتية.

 ويُرجع المحللين الاقتصاديين ذلك الى القدرات الاقتصادية لهذه الدول والتي لا يمكنها بأي شكل من الإشكال الاستثمار في مجالات قد لا يُرى لها أي تأثير على المدى القريب على أرض الواقع  ولا يمكنها تمويل دراسات وبحوث لها تـأثيرا تغير ملموسة، على عكس ما هو موجود بالنسبة لاستثمارات البنية التحتية، لذلك قد تجد أنّ إنفاق هذه الدول على البحوث والتطوير في المجال الزراعي متواضعا مقارنة بالإنفاق الخاص.

وقد شهد الانفاق الخاص على البحوث والتطوير في مجال الزراعة قفزة نوعية بين عامي 1990 وعام 2014 في جميع أنحاء العالم، بحيث تضاعف الى أكثر من ثلاثة أضعاف، إذ أنّ الشركات ذات الدخل المرتفع في الدول المتقدمة تنفق 88بالمائة من الانفاق الزراعي الخاص في العالم على البحوث والتطوير.

 كما ناهزت استثمارات رأس المال في قطاع تكنولوجيا الأغذية الزراعية29.6 مليارات دولار أمريكي في عام   2022  رغم أنّ ذلك يمثّل تراجعا بنسبة 44 بالمائة مقارنة بعام 2021، وذلك بسبب التحديات الكثيرة التي تواجه القطاع الخاص في مجال البحث والتطوير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − 12 =


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق