الناشط الحقوقي الكردي كادار بيري: الإغتصاب والتنكيل بالفتيات الكرديات من قبل الأتراك صار بشكل يومي شمال سوريا
- حاورته: زهور المشرقي من تونس
في ظلّ التصعيد غير المتوقّع مؤخرًا بين تركيا والولايات المتحدة في سورية، يبدو أن التحديات المستمرة التي يواجههاالشعب السوري تضاعفت في الوقت الراهن، وأضحت موضع خلاف إقليمي وتراجعت وتيرة الحديث عنه في ظل جائحة كورونا.
غير أنه بالنسبة لـ “قوات سوريا الديمقراطية”، التي لا تزال تسيطر بشكل متزعزع على منطقة ذات حكم ذاتي شمال شرقي البلاد، كانت الأشهر القليلة الماضية بمثابة إختبار لقبضتها على المنطقة.
ويبدو أن التوصّل إلى إتفاق سياسي مع دمشق لا يزال بعيد المنال.
وفي حال عجزت “قوات سوريا الديمقراطية” ودمشق عن التوصل إلى اتفاق، من المرجح أن تزداد التوترات مرة أخرى، ويمكن للتوترات الإقليمية الراهنة بين الولايات المتحدة وإيران أن تؤثر سلبًا أيضًا على “قوات سوريا الديمقراطية”، ولا سيما في دير الزور.
الناشط الحقوقي والسياسي كادار بيري، يتحدث في حوار مع صحيفة ستراتيجيا نيوز التونسية، عن الوضع المأساوي في شمال شرقي سورية، وعمّا يروج حول إقصاء “قسد” من مختلف المؤتمرات تحت ضغط تركي.
- بداية، أستاذ كادار كيف هو حال الأوضاع الإنسانية بالشمال السوري الآن؟
ج– عشر سنوات مرّت على الثورة السورية المسروقة، وأضحت هذه المنطقة مُهملة تماما بطريقة ممنهجة من قبل النظام السوري الذي تخلّى عن كل تلك المناطق لصالح التنظيمات الإرهابية والفصائل المسلحة ليركّز على ما يسمى بالمناطق الحيوية والساحل والعاصمة وحمص وحماه وحلب، وهي المناطق الحساسة بالنسبة إليه، أما الشمال السوري فكان ولا يزال مُهمّشا مهملا، وقد زادت الهجمة البربرية من قبل التنظيمات المسلحة “داعش” وأخواتها المدعومة من قبل المحتل التركي، الأوضاع سوءً وترديا، إلى جانب تداعيات الحصار السياسي والإجتماعي والإقتصادي من قبل تركيا و”داعش”من جهة، والنظام من جهة آخرى، بحيث لا يسمح إلا بدخول الفُتات من المساعدات الإنسانية وبشروط..
تعاني مناطق الشمال السوري من نقص في الأدوية والكهرباء والماء، ناهيك عن الهجمات التي يقوم بها مرتزقة تركيا من ناحية والنظام من ناحية أخرى، كل منهما حسب أجندته.
- تعرض الشمال في الفترة الأخيرة لتفجيرات متتالية.. من يقف وراءها، علما أن اتهامات كثيرة وجهت لأنقرة؟
ج– أولا نود التوضيح بأنه من المستحيل العودة إلى ما قبل 2011 بعد المعارك الطاحنة التي خاضها الأهالي ضدّ الإحتلال التركي والإرهاب.. من جهته، يحلم النظام بإعادة السيطرة عن تلك المناطق وكأن شيئا لم يكن، في حين يتمسك السكان الذين ضحوا بأكبادهم في الحرب ضد الإرهاب بكل ما حققوه برغم الحصار والتجويع والتفقير الممنهج الذي تفرضه أنقرة من جهة والنظام من جهة أخرى لخلق الفتن والبلبلة عبر سلسلة من التفجيرات التي مسّت واستهدفت المدنيين الأبرياء، لكن الهدف واحد وهو عدم تحقيق الإستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي في تلك المناطق لإظهار أن الإدارة الذاتية التي تدير شمال سوريا غير جديرة وغير قادرة على تحقيق الأمن وفرضه، علما أن الإدارة تمكنت من الحفاظ على الإستقرار برغم الهجمات التركية المستمرة أمام صمت النظام الذي يجند بعض عملائه لإثارة البلبلة أيضا، وهناك مجموعات تم القبض عليها من قبل “قسد” اعترفت بأنها تعمل لصالح النظام وأخرى لصالح تركيا وجُندت لنشر الفوضى.
- من يردع الإنتهاكات الكثيرة التي ارتكبها الجيش التركي في مناطق الشمال السوري.. ولماذا هذا الصمت إزاء التصرفات العدوانية لأنقرة؟
ج-لا يوجد للأسف من يردع هذه الإنتهاكات التركية في المناطق المحتلة بدءً من عفرين إلى رأس العين وتل أبيض ، هذه المناطق كانت نقطة بارزة في الأمن والإستقرار ونقطة بارزة في التعايش السلمي مهما كانت الإختلافات بين جميع المكونات في سورية، وتحديدا عفرين التي يوجد بها مهجرون أكثر من السكان الأصليين بَيْدَ أن ما يحصل الآن مهين جدا للإنسانية حيث تلعب تركيا على حبلي الشرق والغرب، ففي حين أن مصالحها وجغرافيتها ضمن الناتو، تسعي روسيا من ناحيتها إلى التقرب منها وجذبها لتحمي حدودها من الناتو على ضوء قرع طبول الحرب الباردة من جديد.
الولايات المتّحدة الأمريكية تريد الحفاظ على تركيا، والهدف اليوم هو كيفية القضاء على وجود الإدارة الذاتية ومن ثمّ القضاء على المكوّن الكردي تحديدا.. يحدث هذا عبر ممارسات مبرمجة من قبل أنقرة حيث لايوجد هناك تصرف عفوي.
وتعمل تركيا على إفراغ عفرين في إطار عملية التغيير الديمغرافي الجارية عن قدم وساق في المناطق التي تحتلها تركيا، كمقدمة لضمّ تلك المناطق إلى تركيا، يعني سرقة أجزاء من سورية. . - بعد التصعيد الأخير.. كيف هي الأوضاع الإنسانية والصحية داخل المخيمات في مناطق الكرد؟
ج– الأوضاع الإنسانية تتحوّل من السيئ إلى الأسوأ خاصة بعد احتلال رأس العين.. وعلى سبيل المثال،
محطة ضخ المياه بالحسكة، التي تزود عفرين بالمياه تم إغلاقها من قبل تركيا، لتنعدم الحياة في تلك المنطقة بعد قطع الكهرباء عنها أيضا، في وقت لا تزال جائحة كورونا في الإنتشار، لكن أنقرة لم توقف عدوانيتها في مناطق احتلالها بل ازداد شرّها لتقوم بفرض سياسات احتلالية وتحديدا في المخيمات التي تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة وأبسط الحقوق والضروريات، وهي مخيمات الهاربين من المحتل التركي ومن بطش تنظيم الدولة الإسلامية حيث يعامل سكانها معاملة سيئة وهم أكثر المتضررين في هذه الفترة.
5-حديث عن انتهاكات كثيرة للكرديات في شمال سوريا واغتصاب وتنكيل من قبل الأتراك، ومن ثم نقلهن كسبايا للمرتزقة في ليبيا .. لماذا هذا الصمت من قبل الحكومات ومنظمات المجتمع المدني إزاء هذه الممارسات الإجرامية ؟
ج-للأسف..تتم بشكل يومي عمليات اغتصاب وتنكيل بالفتيات الكرديات من قبل الأتراك، حيث تواصلنا مع فتيات قاصرات أعمار بعضهن أقلّ من سبع سنوات طالهنّ جشع وجرم هؤلاء المجرمين.. الفيديوهات الكثيرة والمرعبة والحقائق أثبتت أن أنقرة تقوم بذلك وتستهدف النساء خصوصا لدفع عائلاتهن إلى مغادرة تلك المناطق وإفراغها ضمن مخططها الجديد، وقد نشرت عدة فيديوهات مؤخرا أظهرت فتيات كرديات يقوم المرتزقة بنقلهن إلى ليبيا كسبايا وهدايا للإرهابيين السوريين والليبيين وغيرهم من الجنسيات في طرابلس. تركيا هي حقا راعية الإرهاب ومغذيته في العالم حيث تقوم بكل ماهو منكر وغير إنساني أمام مرأى العالم.
كنا نأمل لو أن كلمة سبايا اندثرت منذ عقود وسنوات لكن تركيا أعادتها من جديد مع تنظيم “داعش” الذي تموله وهو ربيبها ومنفذ أجندتها الخبيثة في المنطقة كلل.. هناك منظمات حاولت الحديث عمّا تتعرض له المرأة الكردية شمال سورية من قبل تركيا لكن سلطة أنقرة كانت أقوى لإسكاتهم وتهميشهم.
6- في كل فترة يتم الترويج لوجود تحشيد تركي في مدينة رأس العين وتجهيز لاقتحام مناطق شرق الفرات.. ما هي صورة المشهد هناك؟
ج-حقيقة ، لاتوجد معارضة سورية، فالمحسوبون على تركيا هم مرتزقة ولاعلاقة لهم بما يحدث في مناطق البلاد.. ليس لديهم موقف أو رأي، هم فقط أدوات تنفيذ، أما النظام فيطلب من السكان مساندته بتعلة أنه هو وحده القادر على حمايتهم في مناطق الإحتلال التركي ، مستثنيا قوات سوريا الديمقراطية ومتناسيا وجودها.
رأس العين أفرغت من سكانها وهو هدف تركيا لتنفيذ مخطط الإحتلال والتقسيم والضم.. تركيا الآن، بعد أن كانت تريد كل الشمال وبعد أن تم لجم سياستها بفعل قوات سوريا الديمقراطية التي قضت على “داعش” ومشتقاتها، تفكر في كيفية القضاء على الإدارة الذاتية شمال وشرق سورية وإحداث التغيير الديمغرافي في تلك المناطق وتهجير الأكراد من أراضيهم.. ونحن لا نستبعد أن يقوم التركي بمزيد التوسع والعدوان، ولا شك في أن الذي تعوّد على السياسات العدوانية يلزمه قرار دولي قوي يلجمه ويسكته، والمسألة لاتكمن في حزب العدالة والتنمية بل في العقلية السادية للساسة الأتراك تجاه المنطقة ككل.
7- أيضا، لماذا يتم دائما الترويج للحرب على مناطق شرقي الفرات ومحاربة “قسد” تزامنا مع المؤتمرات الخاصة بالوضع السوري، علما أن هذا الترويج جاء يومين بعد لقاء السيدة إلهام أحمد مع الإدارة الروسية في موسكو.. ما السبب برأيك؟
ج-منذ اليوم الأول من الحديث عن المفاوضات والمحادثات بين النظام والمعارضة، كان لتركيا تدخل مباشر أساسه أن لا يكون للكردي وجود في مختلف المفاوضات سواء في جنيف أو سوتشي أو أستانا ، لقد ظل التركي على الدوام يرفض مشاركة الكرد ، لذلك في مسألة مثل اجتماعات اللجنة الدستورية تجد النظام والمعارضة التي تتزعمها تركيا يرفضان رفضا قطعيا مشاركة ممثل عن الإدارة الذاتية في الإجتماعات لإلهاء سكان تلك المناطق بمعارك جديدة ، فالنظام يريد فرض سيطرته من جديد وتركيا تريد الإحتلال وإحداث التغيير ويلتقي الطرفان حول عدم حضور” قسد” أو أن تكون ممثلة، لأن الطرفين يرفضان وجود تغيير ديمقراطي في سورية.
-ولن يكون هناك حل في سورية مادام هناك إقصاء باستبعاد نسبة 30 بالمائة من مكونات المجتمع، بما تشكله من قوة هي الأفضل عسكريا والأكثر التزاما بالمقررات الدولية والأفضل من ناحية الإنضباط ،حيث تسعى جهات عديدة إلى إبعاد”قسد” عن مسألة النقاشات والمفاوضات لإيجاد الحلول للأزمة.. ومنذ انطلاق جينف1، قلنا إن لم تحضر مكونات شمال وشرق سورية من الكرد والعرب والأرمن والسريان والأشوريين فلن تكون هناك حلول، والآن نكررها مؤكدين أن استبعاد سكان تلك المناطق يعني ابتعادا للحلول ومضيعة للوقت وإعطاء مهلة أكبر للإرهابيين لإعادة تشكيل أنفسهم وهو ما يقوم به اليوم تنظيم”داعش” بدعم تركي مباشر، من خلال تجميع الدواعش مجددا لتنفيذ أجندتها بالمنطقة، وتحدث كل هذه الجرائم أمام سمع وبصر مَن يتشدقون اليوم بالمعارضة، وهمّهم الوحيد هو كيفية إسقاط الإدارة الذاتية، متناسين وجود النظام وغافلين عن تمدد “داعش” من جديد ومختلف التنظيمات الأخرى التي انطلقت في استرجاع أنفاسها..-