أخبار العالمإفريقيا

المرزوقي..ووهم عودة الإستبداد!

تونس-20-8-2021

كتبت منيرة رزقي بجريدة(الصحافة) مقالا جاء فيه:


مافتئ رئيس الجمهورية الأسبق محمد منصف المرزوقي يفاجئنا بكل غريب وعجيب من المواقف والآراء والمقولات وهو الذي أكد أنه اعتزل السياسة منذ فترة.

وآخر ما جادت به قريحته يؤكد ما ذهبنا إليه، فهو لا يزال يعيش داخل وهم لا فكاك منه وهو أن زمن بن علي عائد وأنه سيكون قائد ثورة ضده.

وبتفصيل القول أكثر، ندرك أن المرزوقي وحده يتوهم علاقة تماهٍ بين شخصية رئيس الجمهورية الحالي قيس سعيد ورئيس الجمهورية الأسبق زين العابدين بن علي برغم أنه لا تقاطع بين المسارات الشخصية والمهنية والسياسية للرجلين ولا تشابه بينهما على مستوى الخلفيات والخصائص العامة للشخصية ومع ذلك فالمرزوقي مسكون بهذه الفرضية.

والطريف هنا أنّ الدكتور المنصف المرزوقي يرى نفسه أو يتوهم ذلك بطلا لتحرير تونس وهو سيكون قائد ثورة لا تبقي ولا تذر ضد “الاستبداد” الذي يستشرفه.
لكن سيكون المرزوقي قائد من..؟ الشعب التونسي مثلا..؟
الإجابة لا، فالمرزوقي يعتقد جازما أنه سيقود اليسار والنهضة وائتلاف الكرامة وستكون من هذه الأطياف السياسية المتناقضة بين اليمين واليسار جبهة تعيد الإعتبار للثورة .. هكذا يرى أو يتوهم المرزوقي وليس في الأمر مبالغة أو تأويل لقوله.

هنا ندرك بمنتهى السهولة أن المرزوقي لم يبرأ بعدُ من أوهامه القديمة وأنه إحدى الشخصيات التي يمكن أن ينطبق عليها “ساندروم ” تراجيديا الوصول اللامتوقع للسلطة، فنحن نذكر جميعا كيف تولى رئاسة تونس بأكبر البقايا ونتذكر جيدا كيف كان أداؤه الضعيف والمرتبك خلال فترة حكمه وكيف وضع اللبنة الأولى لتفكك الدولة ولاستشراء الفساد والمحسوبية.

ففي عهده تم تسليم البغدادي المحمودي إلى الفصائل الليبية المتناحرة عندما كان البلد الجار يعيش وضع اللادولة، وهو الحقوقي الذي لم يرف له جفن وهو يسلم لاجئا إلى أعدائه ليكون ضحية التشفي والإنتقام.
وفي عهده أيضا انفتح القصر الجمهوري على مصراعيه أمام “رهط” من المتطرفين وجدوا لهم موطئ قدم، وهو الذي قسّم التونسيات إلى محجبات وسافرات، وأعاد لنا مصطلحات بداية القرن العشرين في تناقض صادم مع المنظومة الحقوقية التي يدّعي أنه يتبناها ويدافع عنها.

وليس هذا فحسب، فهو الذي هندس مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس وقطع جسور العلاقات الدبلوماسية العريقة بيننا وبين دمشق الفيحاء في ضربة قاصمة لمقومات العمل الدبلوماسي التونسي وتقاليده، واصطف بوضوح خلف الحلف القطري التركي..

تفاصيل كثيرة تلك التي يحفل بها سجلّه الرئاسي من قبيل أن أمير قطر السابق علمه كيفية المصافحة كما أنه حافظ على كتابة المقالات في موقع الجزيرة برغم توليه منصب رئاسة الجمهورية التونسية في ضرب واضح لكل الأعراف الدولية.

وإذا كان هذا السجل يسمح له اليوم بأن يطرح نفسه من جديد كمنقذ فلاشك أنه يحتاج إلى أن يصحو من أوهامه فورا قبل فوات الأوان.. فالرجل غادر من الباب الصغير خاصة بعد أن اندثر حزبه وظهر حجم جماهيريته الحقيقية في الإنتخابات بعد أن تخلت عنه حركة النهضة.

كان الأجدر به ومن باب الحكمة أن يحافظ على مكانته الرمزية كرئيس سابق وأن يتفرغ للكتابة الرصينة عله يقدم شيئا ينفع الناس ويكفر عن الأداء الرديء الذي قام به لدى تسلمه السلطة والذي كان أحد الأسباب المؤدية إلى الهبة الشعبية يوم 25 جويلية المنقضي والتي دعمها الرئيس قيس سعيد بإجراءات استثنائية جاءت متسقة مع المزاج العام ومع الرغبة في القطع مع المنظومة السياسية السابقة بشكل جذري والتي كان المرزوقي أحد أبرز رموزها والعناوين الدالة عليها والتي أدت إلى تفقير الشعب وجعل تونس دولة فاشلة تتسول الأدوية واللقاحات وتقف على حافة الإفلاس المالي.

ومن الواضح أن السيد منصف المرزوقي لم يقم بالمراجعات اللازمة لمسيرته السياسية ومواقفه الإنفعالية في أغلبها كما أنه لم يستفد من عبر التاريخ ولم يتعظ من أحداثه وهو ما يجعله يراوح مكانه قابعا داخل قوقعة أوهامه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق