آسياأخبار العالمبحوث ودراساتطريق الحرير

الصين في ريادة العالم في أفق 2024

إعداد: فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية

مراجعة وإشراف: الدكتورة بدرة قعلول

تونس 05-12-2023

تفصلنا أيام قليلة على نهاية عام 2023، هذا العام الذي يعد من أكثر الأعوام دموية وإقتتال وكوارث طبيعية وغيرها من الصراعات البشرية… ولكن لم تظهر الى الآن إحصائيات مخلفات الحروب والدمار، ولا إحصائيات القتلى والجرحى في كل بؤر العالم التي شهدت ولاتزال تحت القصف والحرب وآخرها حرب غزة وفلسطين في منطقة الشرق الأوسط وهي  الأكثر فداحة وتليها الحرب الروسية الأوكرانية…

لقد آثر ذلك سلبا على حركة الاقتصاد العالمي  وسلاسل الإمدادات المزودة للملايين من البشر من الطاقة والغاز والغذاء وازمات إقتصادية قد هزت عروش أغلب الدول العالم وخاصة الدول الفقيرة التي إزدادت فقرا وإحتياجا… ولم تكن حرب المناخ أقل ضراوة إذ سجلت الطبيعة أعلى نسب ثورانها من الزلازل والبراكين في أوضاع كارثية عالمية .

في خضم ذلك تتأرجح السياسة الدولية اليوم بين قائدين في العالم، فإنتهت زعامة الكتلة الإمبريالية التي هيمنت على البشرية بوحشيتها وتسببت في الكوارث، وفتحت من جديد باب الزعامة باب التوازن العالمي والزعامة للاقطاب العالمية… لتكون زعامة العالم بين الصين وحلفها الدولي والأمريكي وحليفه الغربي، وبذلك يوضع مصير أكثر من 8.05 مليار نسمة من البشر بين يدي زعامتين وقوتين وخاصة ستتغير موازين القوى وستظهر الكثير من الحقائق والبشاعات التي كان يرتكبها الزعيم الإمبريالية المتوحشة.

هنا السؤال الأهم والمطروح من الأقوى والأكثر تفوقًا… القطب الغربي يعني الأمريكي وحلفاؤه أم القطب الشرقي الصيني الروسي وحلفاؤها ؟

في أحدث  تقرير عن صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أظهر مقارنة بين مجموعة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها المقربين، وبين تكتل الصين والدول التي تدعمها، وخلص إلى أن واشنطن ماتزال تحتفظ بميزة اقتصادية في مواجهة منافستها الصين ولكن الصين عملاق قد لا تستطيع أمريكا وحلفائها السيطرة عليه بحسب ما جاء في التقرير، ولكن كيف ذلك؟

ينقل التقرير خلاصات لتحليل وُصف بكونه “مثيرا” قدمته شركة “كابيتال إيكونوميكس” ومقرها لندن حول شكل  العالم الممزق في عام 2024  التحليل قال إن الاقتصاد والسياسة يتفاعلان دائمًا، لكن السياسة أصبحت اليوم أكثر أهمية،

وحسب “كابيتال إيكونوميكس” يمكن تقسيم الدول إلى 5 مجموعات:

  1. الولايات المتحدة وحلفائها المقربين: الولايات المتحدة وكندا وأوروبا كلها (باستثناء المجر) واليابان وأستراليا ونيوزيلندا وإسرائيل
  2. الدول التي تميل نحو الولايات المتحدة، وتضم في المقام الأول الهند، وكولومبيا والمكسيك والمغرب وكوريا الجنوبية ( تركيا لديها كفة أخرى تجاه الصين وروسيا)
  3. دول عدم الانحياز، وتضم هذه المجموعة البرازيل وإندونيسيا ونيجيريا.
  4. دول محورية بين الطرفين ( مصر والخليج – ماليزيا وجنوب شرق اسيا )
  5. الصين وحلفائها المقرّبين، وتضم: الصين وروسيا وإيران وباكستان وكوريا الشمالية .

الكتلة الصينية تمثل من حيث الثروة البشرية نصف اليابسة في العالم، مقارنة بنسبة 35% للكتلة الأميركية، لذلك جغرافيا فإن الكتلة الصينية مع روسيا هم الأكبر جغرافيا وسكانياً. كما أنها موطن عدد أكبر من سكان العالم، 46% للصين وحلفائها مقابل 43% لامريكا وحلفائها.

كتلة الصين لوحدها  تنتج 27% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مقارنة بنحو 67% من الناتج العالمي هو في الكتلة الأميركية. حصة الكتلة الصينية وحلفائها في الصناعة العالمية  بلغت 38% من الناتج الصناعي العالمي في عام 2022، مقابل حصة الصناعة العالمية 55% للكتلة الأميركية. وتعني الصناعة العالمية الانتاج الصناعي الثقيل.

  • أما في القطاع الزراعي  تولد الكتلة الصينية 49 بالمائة من الغذاء في العالم مقارنة بنحو 39 بالمائة من انتاج الغذاء يكون في الكتلة الامريكية
  •  التجارة العالمية، تاجرت 144 دولة بسلع مع الصين لوحدها  بينما الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر لـ60 دولة فقط. لكن نصف تجارة السلع العالمية كانت  بين دول مصنّفة ضمن الكتلة الأميركية. بيد ان من بين الطرق التي قد يتغير بها هذا التوازن نمو الاقتصاد الصيني بسرعة أكبر والقلق الأمريكي الكبير التي لم تخفيه بل أن وزيرة التجارة الأمريكية قد أعلنت عنه مباشرة واتهمت الصين بأنها “تهديد مباشر لأمريكا” واعتبرتها عدو.

منذ أن سجل العالم هيمنة أميركية وحلفائها على الأنشطة المالية في العالم بشكل كامل من خلال البورصات والدولار واليورو والإسترليني والين الياباني  وتدفقات رأس المال والاستثمار الأجنبي والشركات العملاقة العابرة للقارات والسيطرة على المؤسسات المالية مثل صندوق النقد والبنك الدولي ونادي باريس. ساهمت عوامل كثيرة في إضعاف هذا المعطى شيئا فشيئا بعد الحرب الروسية الاوكرانية والازمة الأوروبية الفادحة وحرب الشرق الاوسط والجبهات الحربية التي تقودها أمريكا  .

 فأمريكا التي كانت تسيطر على  84% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر أصبحت في ضل أزمة ديون اقتصادية خانقة تنذر بإنهيار البورصة حيث إنخفضت الإستثمارات الأجنبية المباشرة حول العالم بنسبة 12% في عام 2022، لتصل إلى 1.3 تريليون دولار، بعد صعود تجاوز 53% في 2021.

 وقادت الاقتصادات المتقدمة الهبوط في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث انخفضت التدفقات الوافدة بنحو 37% لتصل إلى 378 مليار دولار  بينما صعدت التدفقات إلى البلدان النامية بنسبة 4% إلى 916 مليار دولار في العام الماضي، لتحصد حصة تتجاوز 70% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، وهو مستوى قياسي جديد.

على المستوى العسكري خلص التقرير بناء على هذه الأرقام أن الكتلتين قادرين على تدمير العامل بشكل تام، وعسكرياً لا يمكن أن يهزم أحد الكتلتين الكتلة الأخرى بسبب التوازن النووي، ولكن قد لا تستطيع كتلة الولايات المتحدة الأمريكية إلحاق الأذى عسكرياً بكتلة الصين التي تعتبر روسيا راس الحربة العسكرية فيها وقد خاضت مؤخرا حروبا قد كسبتها وتفوقت فيها، أما التنين الصين فلم يظهر الى الآن قوته العسكرية الجبّارة التي يخافها الأمريكي ويخاف من المفاجآت لأن الصين الى اليوم تعمل في سرية كاملة على المستوى العسكري.

 ولكن بالمقابل لن تتحمل كتلة الولايات المتحدة حرباً طويلة وخسائر بشرية كبيرة مقارنة بكتلة الصين وروسيا القادرتين على تحمل حرباً مدمرة وخسائر بشرية بالملايين …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق