الصين : القوة الثالثة والأهم في التوازن العالمي ومن أجل الإستقرار الإستراتيجي لحفظ السلام
الحوكمة الإجتماعية محاضرة الدكتورة بدرة قعلول في منتدى الحوكمة الإجتماعية بالصين إن غياب الحوكمة الرشيدة في أي مجتمع يؤدي بالضرورة إلى تفشي الفساد.
فعندما نتحدث عن الفساد المؤسساتي والإجتماعي في أي قطاع فنحن نعبر عن إحدى أهم وأخطر الظواهر التي تهدد الإنسانية لكونها تمثل معوقًا رئيسيًا لتحقيق التنمية على جميع مستوياتها وتعتبر عائقا للتنمية المجتمعية التي نعتبرها أساس كل مجالات التنمية، ولكونها أيضا انتهاكًا لحقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة وسيادة القانون، وتضعف الثقة بين الحكومة والمواطنين وتؤدى كذلك إلى غياب الشعور بالمواطنة والإنتماء فيصبح هناك عدم توازن اجتماعي.
ويعتبرعمل أي دولة على إرساء مبادئ الحوكمة الرشيدة في كل مؤسساتها مؤشرا من مؤشرات الإصلاح وقطع الطريق عن تفشي الفساد، وصولا إلى إرساء مبادئ الشفافية والمحاسبة تجسيدا لكون القانون فوق الجميع ويسري على الجميع.
فالفساد هو بالضرورة نتيجة لاختلال في المنظومة، يعكس خللا في الصلة بين مختلف الهياكل داخل نفس المؤسسة أو بين مؤسسة ومؤسسات أخرى ذات الصلة وكذلك هو إساءة استخدام المناصب العامة لتحقيق مكاسب شخصية ليتحول الفساد إلى ثقافة متفشية لدلى أفراد المجتمع وجب العمل على محاربتها.
ومن ثمّة،فإن العلاقة بين تحقيق الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد علاقة ارتباطيه، بمعنى أن عملية مكافحة ثقافة الفساد تعد مدخلاً من مداخل تحقيق الحوكمة الرشيدة، وأن الأخيرة من المتطلبات الأساسية اللازمة لمكافحة الفساد.
وحين نطرح موضوع الحوكمة الرشيدة في المجتمع فلا يتوقف الأمر عند مبدإ مكافحة الفساد باعتباره جريمة، بليتعدّاه إلى العمل على تغيير ثقافة الفساد والتواكل الإجتماعي، ودعم معايير النزاهة والشفافية والمساءلة، حيث يجب التعامل مع الفساد كظاهرة متشابكة ومتعددة الأطراف، ولها آثارها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، لذا وجب أن تشارك كافة الأطراف وتتجند حول فكرة محددة وهي اجتثاث الفساد، واستبداله بمعايير الشفافية والمساءلة والنزاهة. الحوكمة = شفافية + مساءلة + نزاهة إرادة الإصلاح عندما تنمو ظاهرة الفساد داخل المجتمعات والدول فهي تربك مسار الإصلاح والتقدم والحوكمة، لذلك نرى من الأهمية بمكان أن تكون هناك إرادة للإصلاح وحتمية تضافر الجهود لمكافحة الفساد والوقاية منه، وقد ظهرت العديد من المحاولات لتعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة ولكن السؤال الذي يطرح: إلى أي مدى نجحت هذه المحاولات وما هي النقائص ؟
و ما هي أهم الآليات والعناصر للحوكمة الشاملة ؟ وكذلك ما هي وسائل تنفيذ الحوكمة الرشيدة ؟ إن التحديات التي تواجه مكافحة الفساد لا تقتصر فقط على التحديات القانونية والأمنية، بل إن هناك تحديات أخرى تتعلق بثقافة الفساد، وإدراك أفراد المجتمع فعلَ الفساد وآثاره ، فضًلا عن التحديات الإقتصادية والإجتماعية والنفسية، لذلك يجب رفع الوعي بمخاطر الفساد وأهمية إرساء منظومة الحوكمة الرشيدة ومبدإ الشفافية والقانون والإلتزام بها. المفهوم النظري للحوكمة الرشيدة يعتبر مصطلح الحكم الرشيد أو الحوكمة الرشيدة واحدًا من أهم المصطلحات التي حظيت باهتمام العديد من الجهات والمنظمات الدولية – وخاصة تلك العاملة في مجال التنمية –
وكذلك الأوساط الأكاديمية، الأمر الذي أدى إلى تبلور مفاهيم متعددة ومتنوعة لهذا المصطلح ..عرَّفه البنك الدولي بأنه ” الطريقة التي يتم من خلالها ممارسة السلطة في إدارة الموارد الإقتصادية والإجتماعية للدولة “، كما عرَّفه البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بأنه “ممارسة السلطة الإدارية والإقتصادية والسياسية لإدارة كافة شؤون الدولة، وهو ما يشمل الآليات والعمليات والمؤسسات التي يعبر من خلالها المواطنون عن مصالحهم، ويمارسون حقوقهم القانونية، ويوفون بالتزاماتهم، ويوفقون بين اختلافاتهم “. ومن ثمَّ فإن مفهوم الحوكمة الرشيدة يدور حول تفاعل مجموعة من العوامل والآليات التي تؤدي إلى الأسلوب الأمثل لإدارة الدولة. المبادئ التسعة للحوكمة الاجتماعية
-1 المساءلة Accountability: هي خطوط واضحة وفعَّالة للمساءلة القانونية السياسية- المالية – الإدارية لضمان المحاسبة المالية، والقانونية والإدارية والسياسية للجهات المختلفة المقدمة للخدمات للقطاعين الحكومي و الخاص.
-2 المشاركة Participation: تعتبر مشاركة المواطنين والمجتمع المدني فاعًلا أساسيًا في عملية الحوكمة، لكونها تساهم في دعم الحكم ، وتسهل التفاعل بين الدولة والمجتمع. وتُعرَّف المشاركة بأنها انخراط واشتراك كل فاعل من الفاعلين في عمليات: تحديد الإحتياجات، إعداد الخطط والبرامج، إعداد الموازنات، النواحي المالية، التنفيذ.
-3 الشفافية Transparency: تنصرف إلى معرفة المواطنين بقرارات الحكومة، ومن هنا يمكن النظر إليها باعتبارها تتعلق بوجود علاقة منفتحة بين الحكومة والمواطنين، وضمان سهولة الحصول على معلومات، ودرجة الإنفتاح في العلاقة بين الحكومة أوالقطاع الخاص أو المجتمع المدني من جانب، والمواطنين من جانب آخر.
-4 سيادة القانون Rule of Law: ينصرف مفهوم احترام القانون إلى مدى امتثال كافة الأطراف – سواء أكانوا أفرادًا أو مؤسسات حكومية أو مجتمعا مدنيا – للمنظومة القانونية من قوانين أو تشريعات أو لوائح …الخ. وبعبارة أخرى يمكن القول إنها درجة التطابق بين سلوكيات وسياسات الفاعلين – من حكومة، وقطاع خاص، ومجتمع مدني – والقواعد القانونية.
-5 مكافحة الفساد Combating Corruption: يُعرف الفساد بأنه إساءة استخدام السلطة العامة من أجل تحقيق مكاسب خاصة.. وتتعدد صور الفساد لتشمل الرشوة، الإبتزاز، المحاباة، استغلال النفوذ وغير ذلك من الأفعال، ويتطلب الحد من الفساد وجود بيئة مواتية سياسياً وقانونياً، وقدرات مؤسسية ملائمة، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في مكافحته، ومن ثمَّ يقصد بمكافحة الفساد ودود نظام متكامل وفعَّال لمجابهة الفساد لدى كل فاعل من الفاعلين الإجتماعيين، ودرجة تطبيق مختلف الفاعلين لهذا النظام.
-6 الإستجابة Responsiveness: يُقصد بها استجابة الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لرغبات واحتياجات المواطنين، وللتغييرات السياسية والإقتصادية والمؤسسية.
-7 العدالة Equity: يُقصد بها درجة تقديم الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، للخدمات على قدم المساواة، طبقًا للإحتياجات ومبدإ تكافؤ الفرص.
-8 الكفاءة Efficiency: يركز مفهوم الكفاءة على تقديم الخدمات، أو تنفيذ السياسات العامة في أقل وقت وبتكلفة مناسبة، ووفقًا لمعايير الكفاءة/ الجدارة.
-9 الفعالية Effectiveness: هي جودة الخدمات والسياسات، ورضا المواطنين عنها. آليات تنفيذ الحوكمة التأكيد على آليات تنفيذ الحوكمة الرشيدة وهي كالتالي:
- التدابير الوقائية : تتضمن مجموعة من السياسات التي يتعين العمل بها أو تفعيلها لمنع تفشي الفساد، ومن بينها إنشاء هيئة أو هيئات مستقلة تضطلع بمكافحة الفساد، ونشر التوعية، ووضع مدونات سلوك بهدف تعزيز النزاهة والمسؤولية، وتعزيز التعاون بين كل الهياكل المجتمعية وخاصة أجهزة إنفاذ القانون، كما نؤكد على الدور الذي يقوم به المجتمع المدني والمنظمات المدنية في مجال الوقاية من الفساد. – التجريم وإنفاذ القانون : إيجاد الإطار التجريمى وتفعيله للأعمال غير المشروعة التي تشكل جرائم فساد يتعين فرض عقوبات على مرتكبيها مهما كانت صفتهم أو رتبهم.
- التعاون بين الهياكل : التعاون بين الهياكل الإجتماعية وكل الأطراف في مجال مكافحة الفساد والوقاية منه من خلال التعاون في تبادل المعلومات، وتسليم المذنبين و الفاسدين.
- استرداد الموجودات: يجب أن يكون هناك نصوص قانونية تضمن مجموعة من النصوص الإجرائية تهدف إلى إعادة الأموال المتحصلة من جرائم الفساد إلى أصحابها من خلال آليات وذلك بهدف حرمان مرتكبي الجرائم من ثمار أفعالهم
. – المساعدة التقنية وتبادل المعلومات : توجيه القائمين على مشروع مكافحة الفساد إلى استحداث وتطوير برامج لموظفيها لمنع الفساد ومكافحته، وكذلك القيام بدراسات تشخيص وتحليل اتجاهات الفساد داخل المجتمع، وتبادل الخبرات، والمساعدات التقنية مع دول لها الخبرة في مجال الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. – آليات التنفيذ: إنشاء آلية متابعة وتنفيذ المقترحات تفعيل الحوكمة الرشيدة –
2 مراجعة التنظيم الهيكلي للأجهزة المجتمعية: التنظيم غير المتوازن في المجتمع وخاصة في هياكله يحدث تداخلا كبيرا في المصالح والمشمولات ويخلف العديد من الإشكاليات في ظل تنظيم هيكلي يتسم بالضبابية والتضخم، كذلك العمل على خلق إطار قانوني وعملي يضمن حسن التنسيق بخلق مناخ للثقة المتبادلة وتحديد المهام.
3- إيلاء الأولوية المطلقة لإشكالية الموارد والإمكانيات البشرية وإيجاد حل لضعفها على مستوى المهني في العمل وكذلك على مستوى العلاقات الداخلية و الخارجية وذلك بالتكوين المستمر وتطبيق القانون على الجميع بدون استثناء.
4- – إرساء منظومة قانونية تحمي المواطن من خلال مراجعة النصوص القانونية ونشر ثقافة حقوق الإنسان - العمل على ضمان حيادية المؤسسات والنأي بها عن التجاذبات السياسية.
5- توفير مناخ سياسي وأمني يكفل للمواطن حرمة الجسد المادية والمعنوية ويضمن له حقوقه وحرياته ويحافظ على القيم الإنسانية، لأن الأمن من المنظور المجتمعي يكون حافزا للتنمية لما يوفره من بيئة سليمة للعمل والإستثمار
. 6- يجب على الدولة أن تضع استراتيجية لسياستها المجتمعية حفاظا على أمنها القومي ووضع خيارات أساسية على المدى الحيني والمدى المتوسط والبعيد تتعلق بمجلات الأمن القومي كمكافحة الإرهاب – الجريمة المنظمة – أمن الحدود – التسليح..
. 7- العمل على إعطاء المرأة مكانة داخل المجتمع للمساهمة الفعالة بفتح المجال لها في كل المهام وعلى قدم المساواة مع الرجل. 8- تدعيم آليات الحوكمة الرشيدة وما تقتضيه من رقابة ومساءلة وشفافية واحترام للقانون وحقوق الإنسان.
9- رقابة منتظمة لمتابعة مدى الإلتزام بإنفاذ القانون.
10- وضع إستراتيجية وطنية واضحة ودقيقة لإصلاح المنظومة الإجتماعية الشاملة ورفع الثغرات القانونية من خلال وضع إطار قانوني واضح لتنظيم كل الهياكل و الأطر الإجتماعية. 11- التعاون بين المجتمع المدني ومجلس نواب الشعب والحكومة والتعاون بين السلطة التنفيذية والإعلام
12- تدريب وتكوين أطراف وقيادات من المجتمع المدني وأشخاص داخل المؤسسات على مبادئ الحوكمة الرشيدة –
13 تنظيم استشارات وطنية في كامل أنحاء الجمهورية حول إصلاح المنظومة المجتمعية مع مختلف الأطراف المتداخلة : قوات أمن، علماء نفس، خبراء تقنيات تواصل، أطباء…