إتّفاق السراج وأردوغان ينبئ بمخاطر دراماتيكية في ليبيا والمنطقة
طرابلس- ليبيا- 04-12-2019
تتلبّد غيوم كثيفة في سماء المشهد السياسي والأمني الليبي وتسود حالة من الحذر والترقّب في المنطقة، وتنبئ عديد المؤشرات بأن ليبيا مُقبلة على فصل جديد من التصعيد العسكري الخطير الذي من شأنه أن يتطوّر إلى حرب إقليمية على الساحة الليبية، وذلك على ضوء الإتفاق “المشبوه”بين السراج وأردوغان ،خاصة أن هذا الأخير لديه أحلام كبيرة تتعّدى حدود تركيا، منها السياسي والإقتصادي والعقائدي.
وفي ظل التطورات المتسارعة تشهد المنطقة تحركات سياسية كبيرة،حيث بحث،أمس، وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مع المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، تطورات الأزمة الليبية، وشدد شكري على أهمية الحيلولة دون إعاقة العملية السياسية في المرحلة القادمة، من قبل الأطراف الليبية أو الخارجية.
كما أشار الوزير المصري إلى أن الإتفاقين اللذين وقعهما السراج مع تركيا، برغم عدم امتلاكه الصلاحيات، من شأنهما تعميق الخلاف بين الليبيين، وتعطيل العملية السياسية، في وقت يتشكل فيه توافق دولي حول مساعدة الليبيين على الخروج من أزمتهم.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد، بحثا خلالها تطورات الأوضاع في ليبيا.
وبحسب إيجاز صحفي للخارجية المصرية، اتفق الوزيران على تكثيف التواصل في المرحلة القادمة مع المجتمع الدولي والأطراف المعنية بالإستقرار في ليبيا، لدفع الأمور نحو الحل السياسي المنشود من الليبيين.
من جهتها،أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أمس الثلاثاء، أن روسيا تعتمد على حكمة تركيا وحكومة الوفاق الليبية، اللتين وقعتا مذكرة التفاهم بشأن الحدود البحرية والتعاون الأمني..
وقالت زاخاروفا “نأمل أن تبدي الأطراف الموقعة على المذكرة المذكورة الحكمة السياسية، وأن تمتنع عن اتخاذ خطوات قد تزيد من تفاقم الوضع الصعب في ليبيا والبحر الأبيض المتوسط كله”.
وأشارت زاخاروفا إلى أن ظهور مذكرة تعاون أمني “أثارت تأكيدات بشأن محاولات تركيا تقنين دعمها العسكري للحكومة في طرابلس في مواجهتها مع الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، من خلال انتهاك صريح لحظر الأسلحة”.
وكانت مصر وقبرص واليونان قد أدانت الإتفاق، مؤكدة أنه يتجاوز صلاحيات حكومة الوفاق الليبية .
وهدد وزير الخارجية اليوناني يكوس ديندياس، بطرد السفير الليبي في أثينا اذا لم يكشف عن تفاصيل الإتفاق العسكري مع أنقرة.
ووفقا لما أوردته قناة (العربية) أمس الأول الإثنين، قال الوزير :”اذا لم يحضر لنا السفير الإتفاق، فسيتم يوم الجمعة اعتباره شخصا غير مرغوب فيه وسيغادر البلاد”، مضيفا أنه يتم اخفاء الاتفاق عن اليونان.
وكان رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس،قد سبق أن أعلن،الأحد الماضي، أن أثينا ستطلب الدعم من حلف شمال الأطلسي خلال قمته المقررة في لندن بعد توقيع أنقرة الإتفاق مع حكومة اسراج. من جهته،وجه البرلمان اليوناني،أمس الثلاثاء دعوة رسمية إلى رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح لزيارة أثينا. ومن المنتظر أن يبحث صالح مع الجانب اليوناني تطورات الأوضاع وتعزيز العلاقات بين البلدين.
وتأتي هذه الدعوة على خلفية الإتفاقية التي وقعها رئيس السراج مع أردوغان، والتي أثارت حفيظة اليونان. أما السفير الأمريكي لدى اليونان، جيفري بيات،فقد ثقال أمس الثلاثاء، إن الإتفاقية بين تركيا وحكومة الوفاق بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط، يمكن أن تهدد الإستقرار الإقليمي.
وأعرب المسؤول الأمريكي عن أمله في أن يعود التركيز في أسرع وقت ممكن إلى بناء مجالات التعاون القائمة على القانون الدولي. من جانبها،أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بالجيش الوطني الليبي بياناً جديداً بشأن التهديد التركي لمصالح الدولة الليبية ودول حوض المتوسط.
وجاء في البيان، أن القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية تابعت ما يتداول حول توقيع حكومة السراج لمذكرتي تفاهم أمنية وبحرية مع الحكومة التركية دون أن تمتلك حق توقيع الإتفاقيات بما يجعل مثل هذه الإتفاقيات والتفاهمات باطلة ، لا تنتج أي أثر في مواجهة الدولة الليبية.
وقال البيان إن هذه الخطوة التي اتخذتها الحكومة التركية وحكومة السراج خطوة عدائية تهدد السلم والأمن الدوليين والملاحة البحرية ، كما تؤثر بشكل مباشر على مصالح دول حوض البحر الأبيض المتوسط وتنافي القوانين والأعراف الدولية ومبدأ حسن الجوار بين الدول والمجتمعات الإنسانية وذلك من خلال محاولة تركيا توسعة نفوذها بالمنطقة تحقيقاً لأطماعها في السيطرة على أهم خطوط النقل البحري التي تتحكم في التجارة الدولية وكذلك سيطرتها على منطقة جنوب أوروبا.
وأوضح البيان ان تركيا تستغل الموت الذهني السريري لحكومة السراج وشللها التام وانهيارها أمام القوات المسلحة العربية الليبية في منطقة العمليات الغربية على تخوم العاصمة، وكذلك سيطرة الميليشيات على طرابلس والمدعومة عسكرياً وسياسياً وإعلامياً من تركيا.
وأكد البيان أن الدولة التركية أصبحت تتحكم بالمشهد بطرابلس وتُسخر حكومة السراج لتحقيق مطامعها بالمنطقة معتقدة أنها ستصل إلى تحقيق أحلامها في إعادة الإحتلال العثماني من جديد.
وأتهم البيان تركيا بأنها أصبحت طرفاً مباشراً مهدداً لمصالح الشعب الليبي في قيام الدولة وفي أمنه واستقراره بدعمها للإرهاب والجريمة وبتهريب كافة أنواع الأسلحة والتقنيات العسكرية الحديثة لصالح المجموعات الإرهابية والميليشيات المسلحة، بالإضافة إلى تهديد تركيا لمصالح دول المنطقة من خلال محاولتها السيطرة على مقدرات ما يعرف بالمنطقة الإقتصادية بحوض البحر الأبيض المتوسط الغنية بالثروات ما بعد المياه الإقليمية الليبية بما يدخل المنطقة في صراع مصالح إقليمية لمواجهة الأطماع التركية وهو ما يهدد السلم والأمن الدوليين.
وشددت القيادة العامة في بيانها التأكيد على رفضها القاطع لهذه الإتفاقيات البحرية والأمنية وطالبت بتدخل مجلس الأمن ودول حوض المتوسط لمواجهة المخططات التركية وإحباطها وكبح جماحها في استعادة نفوذها المدمر بالمنطقة “زمن الدولة العثمانية”.
بدوره، وصف رئيس حزب الإئتلاف الجمهوري،عزالدين عقيل، زيارة رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح إلى السعودية واستقباله من العاهل السعودي، بالتطور الهام الذي أملته تداعيات الإتفاقية التي وقعها السراج مع الرئيس التركي أردوغان.
واعتبر، في اتصال هاتفي مع صحيفة (العرب) اللندنية: أن هذه الإتفاقية التي أثارت غضب الليبيين ومصر واليونان وعدد من دول حوض المتوسط تتجاوز مخاطرها ليبيا لتشمل الأمن القومي العربي، وبالتالي، فإن استقبال العاهل السعودي للمستشار عقيلة صالح من شأنه تقديم جرعة دعم إضافية في مواجهة التهور التركي في المنطقة.
وأضاف أن زيارة المستشار صالح إلى السعودية في هذا التوقيت بالذات تأتي في سياق توازنات “سياسة الرعب” في المنطقة، ذلك أنه من الواضح أن الملف الليبي دخل في مرحلة جديدة شديدة الخطورة.
ميدانيا،أعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة بالمنطقة الغربية التابع للجيش الوطني الليبي، أن القوات المسلحة باتت تسيطر على أغلب منطقة الزياينة.
وأشار المركز إلى أن مشروع الهضبة شهد معارك شرسة وسط احتمالات انهيار وشيك لقوات الوفاق هناك، متوقعاً دخول منطقة بوسليم والسيطرة عليها من قبل قوات الجيش.