إفريقيا

ليبيا بين الخيارات العسكرية والمبادرات السياسية

طرابلس-ليبيا -زهور المشرقي


منذ أكثر من ثماني سنوات انطلقت المرحلة الإنتقالية في ليبيا ،وعوض أن يتم بناء دولة جديدة ديمقراطية تحقق أهداف ما يعتبره البعض”ثورة” ، أصبحت ليبيا بلدا تمزقه الإنقسامات السياسية والصراعات المسلحة، ويغص بالمليشيات وجماعات التطرف العنيف والإرهاب وتسلط”الإخوان المسلمين” ويعاني من انتهاك حقوق الإنسان وإفلات الجناة من العقاب في ظل عجز مؤسسات الدولة الهشة في الغرب الليبي عن فرض سيادة القانون.
المرحلة الإنتقالية التي تعيشها ليبيا، وبرغم كل المؤتمرات والتدخلات الأجنبية تفتقر للتوافق بين أطراف الصراع للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة تنهي معاناة الليبيين الذين أنهكهم النزاع وغياب الأمن والإستقرار وشظف الحياة .
وأخفق المجتمع الدولي في إدارة ملف السلام والمصالحة السياسية في ليبيا، واعتادت أطراف الصراع المشاركة في الإجتماعات الدولية وإبرام الإتفاقات تلو الأخرى ثم النكوص عنها.
وحاول الليبيون كتابة الدستور، في ظل دوامة الإستقطاب السياسي والعنف،لكن وبعد سنوات من الجدل، أصدرت الهيئة التأسيسية في صيف 2017 مشروع دستور قال ملاحظون إنه لا يحترم حقوق الإنسان ولم يذهب المشروع إلى الإستفتاء، في حين بدا أن المجتمع الدولي أسقط من حساباته حاليا ضرورة إقرار الدستور أولا، وأصبح يركز على عقد الإنتخابات باعتبارها حلًا للكابوس الليبي، إلا أن المعارك التي اندلعت فجأة في الرابع من أبريل الماضي جعلت المشهد الليبي ينحو نحو مسارات أكثر تعقيدا.
الحرب التي يخوضها الجيش الوطني الليبي منذ أبريل الماضي لم تعد مقتصرة على دحر الميليشيات التي تدير العاصمة طرابلس، بل شملت من يقوم بتمويل هذه الميليشيات، خاصة بعد أن كشفت الوقائع وجود جهات خارجية تساند الأعمال الخارجة عن القانون في العاصمة وخارجها، من بينها مجاميع من الأشخاص جرى استقدامهم من تركيا لمحاربة الليبيين، إضافة إلى تنظيمي (داعش) و(القاعدة)، اللذين اتخذا من ليبيا منطلقا لمهاجمة الجيش الوطني.
وقالت مصادر متعددة إن تركيا دفعت خلال الأشهر القليلة الماضية بالعديد من العناصر الموالية لجماعة “الإخوان المسلمين” لمساندة ودعم المسيطرين على العاصمة طرابلس ،لهذا تبدو مهمة الجيش الوطني خلال الفترة الأخيرة كبيرة واستثنائية؛ لأنها تستهدف التخلص من هذه الجماعات التي تشير ارتباطاتها الخارجية إلى كونها تشكل خطراً على استقرار ليبيا ومحيطها خاصة أنها تتلقى تعليمات من وراء الحدود لتنفيذ مشاريع الموت والخراب والدمار.
وفي إطار الدور الكبير الذي يقوم به الجيش الليبي ،قال مسؤول عسكري ليبي لاستراتيجيا نيوزاليوم الأربعاء 13نوفمبر2019،إن المعارك بين القوات المسلحة والإرهابيين تتواصل في مختلف المحاور،لافتا إلى أن الجيش يعمل وفق سياسة الإستنزاف.
وأفاد مصدرنا بأن اقتحام العاصمة التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية المتطرفة هي مسألة وقت ، مشيرا إلى أنه تمت السيطرة على عدة محاور وجبهات مهمة على تخوم طرابلس,
وتعتبر ليبيا اليوم واحدة من أكثر مناطق الصراع في العالم استقطابا على كل المستويات، بالإنحياز إلى هذا الطرف أو ذاك في النزاع الدائر لضمان الكعكة النفطية، والمصالح.
ومن جانب أخر، بدأ العد التنازلي لمؤتمر برلين،حيث عبر سياسيون ليبيون عن غضبهم من عدم تمثيل بلادهم في مؤتمر برلين المرتقب، الذي تحضّر له البعثة الأممية لدى ليبيا والقوى الدولية في ألمانيا قبل نهاية العام الحالي، بهدف البحث عن حل للأزمة الليبية.
وفي هذا الإطار قال غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، إن الإنقسام الحاد في مجلس الأمن يعرقل حل الأزمة في البلاد، وإن ليبيا تدفع ثمن علاقات التعاون والخصام الدولية، لافتا إلى أن المؤتمر يستهدف “ترميم موقف الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن من الأزمة”.
وشدد سلامة على أن الليبيين هم ضحايا عقم مجلس الأمن، وتضارب المصالح بين الدول الدائمة العضوية فيه،داعيا إلى توحيد الموقف الدولي للإنتصار لليبيا .
من جهته، قال المحلل السياسي الليبي محمد صالح اللافي،في حديث مع استراتيجيا نيوز اليوم الأربعاء 13نوفمبر2019، إن المجتمع الدولي يراقب من كثب مجريات الأحداث في ليبيا وخصوصا العسكرية منها وخاصة في ظل التقدم الذي تحرزه قوات الجيش العربي الليبي ،مضيفا أن هناك تغيرا جوهريا للدول الراعية والمشاركة في مؤتمر برلين المزمع انعقاده قبل نهاية العام الحالي،إلا أنه لم يوضح طبيعة هذا التغير.
ولفت محدثنا إلى أن ليبيا تعاني من بنية تحتية مهترئة في كل القطاعات وهي في حاجة إلى تطوير مرافقها بالتعاقد مع شركات أجنبية ،وهذا لن يحدث إلا بتحقيق الإستقرار الأمني.
وختم محمد صالح اللاّفي بالقول إن ” مؤتمر برلين هو عنوان رفع غطاء الشرعية الدولية عمّا سمي بالوفاق وحكومته،مشيرا إلى أن مشاركة أطراف ليبيه في المؤتمر أمر مستبعد.

14نوفمبر2019

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق