لماذا يزجّ أردوغان بقياداته العسكرية البارزة في معاركه الكبرى؟
طرابلس-ليبيا-7-6-2020
استهدفت تسع ضربات جوية عنيفة مواقع تركية في قاعدة الوطية الخاضعة لسيطرة الأتراك والميليشيات المسلحة التابعة لـ”الوفاق”، حيث أدى ذلك الى مقتل عدد من القادة العسكريين الأتراك البارزين.
وقالت مصادر عسكرية ليبية إن نسبة تدمير التجهيزات التي كانت في القاعدة بلغت 80 في المائة تقريبا، مضيفا أن الخسائر الناجمة عن الضربة شملت أفرادا ومختصين وأجهزة ومعدات.
ولفتت ذات المصار إلى أن المصابين الأتراك نقلوا في طائرات إلى طرابلس، في حين نقل أخرون إلى تركيا.
ونقلت وسائل إعلام ليبية، عن مصدر مسؤول بالجيش الوطني، قوله إن ضربات جوية استهدفت رادارات ومنظومات دفاع جوي من طراز “هوك” ومنظومة “كورال” للتشويش أنهت القوات التركية تركيبها حديثا.
ونشرت أنقرة في الوطية طائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي تركية، وتنفذ القوات الموجودة فيها طلعات جوية وتوفر غطاء للقوات الموجودة على الأرض..
وتحتل قاعدة الوطية مكانة استراتيجية في مسار الصراع بالمنطقة الغربية من ليبيا، وهي تبعد عن الحدود التونسية 72 كيلومترا.
ومن الواضح أن الأطماع السياسية والإقتصادية التركية في ليبيا أصبحت مكشوفة،وفي محاولة لاستغلال الظرف الحالي بوجود حكام طيّعين قد لا يجود بمثلهم الزمن،يرسل أردوغان قيادات بارزة من المؤسسة العسكرية التركية خاصة ممّن ساهموا في إحباط “الإنقلاب” المزعوم عام 2016، للإسراع في تثبيت الإحتلال والسيطرة على الثروات الليبية،تماما كما يحدث في سوريا والعراق والصومال.
ولكن إلى جانب هدف تركيز الوجود التركي لضمان السيطرة على الثروات،يثير عديد المراقبين تساؤلات كثيرة بشأن أبعاد إرسال تلك القيادات إلى جبهات القتال وفوّهات المدافع سواء في سوريا كما حدث في السنوات الماضية أو في ليبيا اليوم..
ويعتبر هؤلاء المراقبون أن أردوغان الذي أصبح يشك في الكثير من القيادات العسكرية ويخشى مواقفها خاصة بعد أن تم الزج بالآلاف من زملائهم في السجون على أثر ما حدث عام 2016،أن السلطان العثماني قد لا يأسى أوينزعج مما قد يصيبهم في جبهات القتال،حيث يكون مطمئنا للتخلص منهم.
ويرى ملاحظون أن توقيت الضربات التي استهدفت قاعدة الوطية يحمل الكثير من الرسائل لأنقرة.
فقبل ساعات من تنفيذها كان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، يتجول في ليبيا ويتفقد قواته في طرابلس ومصراتة.
وكان الوزير قد حلّ بليبيا على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة أثارت الجدل واعتبرها كثيرون انتهاكاً صارخا للسيادة الليبية، خصوصاً بعد إعلان أكار من على متن بارجة حربية قبالة السواحل الليبية، نية بلاده البقاء في ليبيا إلى الأبد.
ويسعى اردوغان إلى إعادة تكوين الجيش الخاص به أساسه كتائب إخوانية مؤدلجة ، خوفا من انقلاب قد ينهي حكمه ، علما أن المعارضة التركية كانت قد حذّرت من عاصفة ستضرب هذا النظام الذي دمّر الإقتصاد وأفسد علاقات تركيا الإقليمية والدولية وجعلها في خانة التصنيف الأسود الممول للإرهاب والتطرف.
وعاد مؤخرا الجدل من جديد في تركيا حيال المشروع الذي تقدم به نظام الرئيس أردوغان إلى لجنة المحليات في البرلمان، من أجل تعديل قانون “حراس الأسواق والأحياء الليليين”، الذين يعتبرون جيش أردوغان الإحتياطي وهو “خليط إخواني متطرف”،وفق وصف المعارضة.
و”حراس الليل” فكرة أمنية لنظام الرئيس التركي بدأ تطبيقها بعد نحو عام من محاولة الإنقلاب المزعومة في 2016، عبر تعيين المئات من أفراد حزب العدالة والتنمية لحماية الأحياء.
والمقترح المقدم من قبل حزب أردوغان يتكون من 18 مادة قانونية، ويهدف إلى منح هؤلاء الحراس صلاحيات توازي تلك التي يتمتع بها عناصر الشرطة في البلاد، وهؤلاء الحراس في الأساس أنصار الحزب الحاكم في المدن والبلديات ومليشيا أردوغان.
ويقول الكاتب التركي، ذو الفقار دوغان، إن توسيع صلاحيات حراس الليل وتسليحهم يعني تشكيل قوة شبه عسكرية موالية لأردوغان.
وأفاد بأن هناك مفارقة غربية في أمر الحزب الحاكم، فهو الذي ألغى في 2007 قوة الحراس الذين كانوا يقومون بدوريات في الأسواق منذ عهد العثمانيين، لكن بعد محاولة الإنقلاب في 2016 أعاد حزب أردوغان إحياء هذه القوة.
وبيّن الكاتب أن “الكثيرين متأكدون من أن هذه المبادرة تنبع من رغبة حكومة أردوغان في بناء قوة أمنية مسلحة موثوقة، إذ أنها لا تثق في قوات الأمن النظامية التي تم طرد الآلاف من عناصرها بشبهة الإنتماء إلى جماعة فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالضلوع في محاولة الإنقلاب عام 2016”.
وتتفاقم الخسائر فى صفوف الضباط الأتراك في ليبيا، خاصة بعد خسارة أنقرة العديد من قياداتها العسكرية في المعارك التي خاضها الجيش الوطني الليبي ضد الإرهابيين في طرابلس، واستهدافه بعض السفن التركية التي تمد الميليشيات بالأسلحة والإرهابيين..
ومن جانبه قال المؤرخ التركي الشهير، يالتشين كوجوك، إأن سياسات رئيس النظام التركي الداخلية والخارجية أوصلت البلاد إلى حافة الدمار الإقتصادي والإحتقان السياسي والأمني متوقعا أن تكون هذه السياسات السبب لإنهاء حكم حزب العدالة والتنمية.