شائعات الإخوان واستراتيجية “الاستقطاب النفسي”
القاهرة-عمرو فاروق-4-5-2020
اتخذت جماعة الإخوان وعناصرها من مختلف الأزمات والأحداث منصة للهجوم على الدولة المصرية ومؤسساتها، من خلال منابرها الإعلامية التي يتم إدارتها من تركيا، وبأموال قطرية.
وأطلقت آلاف الشائعات التي تستهدف الأوضاع الداخلية المصرية، والنيل منها وفق نهج مدروس وممنهج بدقة، خارج إطار العشوائية والعفوية في مواجهتها للنظام السياسي المصري.
ومن ثم فإن لجماعة الإخوان مجموعة من المنطلقات والأطر الفكرية تعتمد عليها في عملية توظيف الشائعة تحت ما يسمى بـ”السيكولوجية النفسية”، للاستفادة من تأثرها في تحقيق سيناريوهات الفوضى الممنهجة.
أولاً: تتعامل جماعة الإخوان بشكل مباشر مع الدولة المصرية ومؤسساتها على أنها “كافرة” شعبا وحكومة، وفقا لأدبيات التيار القطبي، التي وردت في كتاب “معالم في الطريق”، لسيد قطب، وبناء على الكثير من الدراسات البحثية التي قدمتها قيادات الجماعة، وأكدت على هذا الطرح.
ثانياً: يهيمن على تعامل جماعة الإخوان مع الدولة المصرية النسق والسلوك الانتقامي الثأري، لكونها لم ولن تنسى أبدا سقوط مشروعها الديني والسياسي على أيدي المصريين، بعدما تحقق حلم الوصول للسلطة، ومن ثم فشل بقائهم على قمة المشهد، وبالتالي يتمحور سعيهم ومختلف تحركاتهم وأهدفهم حاليا نحو مشروع “الهدم”، وليس “البناء”، وهي استراتيجية واضحة المعالم في نهج الإخوان وتيارات الإسلام السياسي الجهادي، وفقا لنظرية “النكاية والإنهاك”، أو النكاية والإرباك”، وتعني السقوط والإنهيار، مثلما طرحها كتاب “إدارة التوحش”، الذي استلهم فكرته من نظريات سيد قطب.
ثالثاً: المنطلق الأيدلوجي المسيطر على الإخوان حاليا ليس الأيدلوجية الدينية أو الأيدلوجية السياسية، لكنها “الأيدلوجية النفسية”، التي تنتظر لمصر الهلاك مشمولا بفكرة العقاب الإلهي، شفاء لغليل صدور قيادات الجماعة وعناصرها.
رابعاً: يدرك تيار كبير داخل الإخوان أن السلاح الأقوى تأثيرا في تلك المرحلة هو سلاح سيكولوجية “التأثير النفسي”، والتركيز على خفض الروح المعنوية، للشعب المصري، بعد فشل المشروع المسلح في ظل قوة الأجهزة الأمنية المصرية وقدرتها على تدمير البنية الاقتصادية والتنظيمية للجماعة.
خامساً: تعتبر الأداة الأولى في مشروع “التأثير النفسي”، هي “الشائعات”، ويتم توظيفها فيما يعرف بـ”الاستقطاب النفسي” في ظل تعثر مشروع “الاستقطاب الفكري”، بهدف بناء دوائر شعبية تسير في نفس خط المشروع “الهدمي” للجماعة وأهدافها خلال تلك المرحلة، وايضا في ظل صعوبة تنفيذ مشروع الانتشار المجتمعي والاستقطاب الفكري التي كانت تسير عليه منذ تاريخها من أجل التغلغل في مؤسسات الدولة وتطويعها لمخططها تدريجياً.
سادساً: 90% من الشائعات التي يتم الترويج لها من قبل أبواق جماعة الإخوان، تسير في اتجاهين، الأول يستهدف النيل من النظام السياسي الحالي ورموزه، وفي مقدمتهم رئيس الدولة، ثم يليه استهداف الإنجازات التي تحققها مؤسسات الدولة على أرض الواقع، لمحاولة صناعة حالة من الكراهية والعداء وفقدان الثقة بين المواطن والحكومة.
بينما الإتجاه الثاني يستهدف وصم المجتمع المصري اجتماعيا ودينيا وسياسيا، وتشويه عاداته وتقاليده التي يتعارض غالبيتها مع توجهات الجماعة ومشروعها.
سابعاً: اكتسبت جماعة الإخوان خبرة طويلة في مجال الشائعات منذ العهد الملكي، ثم المرحلة الناصرية التي شهدت مئات الشائعات التي تم ترويجها ضد نظام الرئيس جمال عبد الناصر، لاسيما التي شككت في دينه وعقيدته، انتهاء بشائعة حفلات التعذيب في السجون، وتم ترجمة غالبيتها في مذكراتهم الشخصية، مثل كتاب “أيام من حياتي”، والذي ثبت أنه من تأليف القيادي الإخواني يوسف ندا، بهدف تشويه صورة عبد الناصر تاريخيا.
ثامنا: تستخدم جماعة الإخوان الشائعات في إطار معركتها مع الأنظمة السياسية، فيما يسمى بـ”تفكيك الظهير الشعبي”، مثلما تم في المرحلة الناصرية بهدف القضاء على شعبية الرئيس جمال عبد الناصر، وساروا على نفس النهج بعد سقوط حكم الجماعة في 30 يونيو2013، بهدف تفكيك شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومحاولة النيل من سمعته بعدما تمكن من تحقيق الاستقرار داخليًا وخارجيًا على المستوى الأمني والسياسي والاقتصادي للدولة المصرية.
تاسعاً: غالبية الأبواق الإعلامية الإخوانية، التي تتنوع بين القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية، وصفحات السوشيال ميديا، واللجان الإلكترونية وبرامج اليوتيوب وغيرها، تقع تحت إشراف المخابرات التركية والقطرية، بحكم أنها تبث وتمول من داخل تركيا وقطر، تحديدا، وبعضها يبث من داخل بريطانيا، الحليف الاسترايتجي للجماعة، التي يقبع بها مقر التنظيم الدولي، وتعتبر بمثابة العاصمة الثانية لها، كما تعتبر مقرا لمجموعة من المؤسسات الإعلامية والاستثمارية القطرية، ويتم توظفها لخدمة مشروع الإخوان سواء داخل أوروبا أو في المنطقة العربية.
عاشراً: أدرك الإخوان مبكرا أهمية حروب الجيل الرابع والخامس، لذلك أسسوا وفق استراتيجية “حرب اللاعنف” ما يسمى بـ”أكاديمية التغيير”، في بريطانيا عام 2006، ودشنوا لها فروعا في عدد من دول المنطقة العربية، ودربوا من خلالها عدد كبير من الشباب على “مشاريع التثوير”، و”علوم التغيير”، والترويج والتدريب على مفاهيم العصيان المدني، وتأصيل فكرة التمرد، وتكتيكات إشعال الثورات الشعبية.