آسياأخبار العالمبحوث ودراسات

طالبان: من أقوى الجماعات المسلحة: “سوق السلاح والانتشار الإقليمي” المرعب

  بعد حرب استمرّت عشرين عامًا بين حركة طالبان الأفغانية وقوات الحلف الأطلسي الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأميركيّة وقبل مغادرة آخر وحدات الجيش الأميركي مطار كابل، سيطرت حركة طالبان على الأراضي الأفغانية وتوّجت انتصارها بالاستيلاء على العاصمة كابل خلال العام 2021.

في تقرير نشره موقع دليل القوات الجوية العالمية ذكر ما يلي:

“بعد عشرين عاما…لا أحد ينسى ذلك المشهد الذي تضمن استعراضا عسكريا في شوارع مدينة قندهار للأليات والعربات المدرعات العسكرية الأمريكية التي استولت عليها حركة طلبان  بعد مغادرة كامل القوات الأمريكية لأفغانستان والتي حلقت بطائرات الهليكوبتر من طراز “بلاك هوك” فوق سماء كابل… ظهر الكثير من مقاتلي طالبان بزي القوات الخاصة مع نظارات شمسية ومعدات تكتيكية وأسلحة أمريكية، ويتنقلون في عربات “هامفي” الأمريكية المصفحة، حصلت عليها حركة طالبان من الجيش الأفغاني بالإضافة إلى مجموعة من الطائرات، يتراوح حجم هذا العتاد العسكري الى 85 مليار دولار أمريكي و 73 طائرة و 100 مركبة.

بحسب تقارير تعود للعام 2018 وصلت عائدات طالبان الى مليار ونصف دولار سنويا زيادة على تجارة المعادن الثمينة والمخدرات وتجارة السلاح في السوق السوداء.

70 ألف الى 100 ألف مقاتل طالباني يمتلك أكثر من 600 ألف قطعة سلاح خفيف أمريكي الصنع، مدافع الهاون، قنابل يدوية، مضادات دبابات، معدات تكتيك واستشعار ليلي و نحو 16 عشر.

ألف نظارات ليلية وسترات واقية من الرصاص،75ألف مركبة عسكرية من بينها ناقلات جنود للمناطق الوعرة.

الصين  روسيا وإيران، دول كبرى ذات تصنيع عسكري قادر على اختراق أي أنظمة دفاع وباعتبارها  منافسة لأمريكا ان لها نصيب من سردية ومجريات الأحداث.

لقد طرح الرئيس الأمريكي السابق حلا بخصوص هذه الترسانة الضخمة والتي تركتها امريكا في أفغانستان وذلك من خلال تفجيرها او التخلص منها، بالمقابل طرحت طالبان عرضا يتمثل في بيع كل سلاح بات غير فعّال، ناهيك أن الأنظمة والمخططات وأنظمة التشغيل والصيانة المتعلقة بالعتاد الأمريكي بما في ذلك طائرات.

 بلاك –هوك و تي – أي 92 والتي كانت روسيا والصين مهتمة بالحصول عليها قصد التمكن من التعرف واختراق أنظمة العدو وهنا كانت صفقة السلاح مع طالبان.

ولّد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان واقعاً جديداً في المنطقة كما السيطرة السريعة لطالبان على أفغانستان فرصاً وتحديات للقوى الإقليمية في أوراسيا، وخاصة بالنسبة إلى الصين. 

إن الوضع الجديد في أفغانستان يخلق فرصاً جديدة للشركات الصينية، خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات في المعادن الأرضية النادرة.

قُدرت المعادن الأرضية النادرة في أفغانستان بما يتراوح بين تريليون دولار و3 تريليونات دولار في عام 2020.

وتوفر الصين أكثر من 85 في المائة من ثروة المعادن الأرضية النادرة في العالم مقابل القوى الغربية واليابان.

ثانياً، قد يؤدي الاستقرار المحتمل في البلاد إلى زيادة جاذبية أفغانستان كدولة عبور لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

 ففي سبتمبر2019، وافق وزراء خارجية الصين وباكستان وأفغانستان على الدفع بتمديد الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان لأن المزيد من الاستقرار في البلاد قد يدفع إلى توسيع الممر عبر أفغانستان كما أن دمج أفغانستان في مبادرة الحزام والطريق يحسّن نفوذ الصين على الهند لأن لديها فرصة أكبر لتطويق الهند اقتصادياً من خلال الشركاء التجاريين المحيطين بها.

علاوة على ذلك ستساعد خطوط السكك الحديدية أو الطرق السريعة الجديدة في جميع أنحاء أفغانستان على تنويع طرق التصدير والاستيراد في الصين، وتعزيز الاتصال البري بين الاتحاد الأوروبي والصين.

هذه الأنواع من الاستثمارات والمشاريع المتعلقة بدمج أفغانستان في مبادرة الحزام والطريق ستزيد من اعتماد “طالبان” الأفغانية على الصين وتمنعها من دعم الجماعات المتطرفة داخل الصين أو آسيا الوسطى.

عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان سوف تفتح الطريق أمام تعزيز الوجود الروسي القوي أصلًا في دول آسيا الوسطى،  فتاريخيا تظل هي القوة الخارجية المهيمنة على المنطقة في مواجهة تهديدات الجماعات الإرهابية الجهادية التي خلقتها امريكا أصلا.

 كما ستظل موسكو على الأرجح المزود الرئيس للأسلحة لكل دول آسيا الوسطى…(بصفقة سلاح فرطت فيه القوات الأمريكية عقب خروجها فكانت غنيمة لروسيا).

ومما يعزز من وجهة نظر مؤيدي هذا الاتجاه أن موسكو أبدت استعدادها لاستخدام القوة العسكرية لحماية “حلفائها” في طاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، وهي الدول الثلاث التي لديها جوار مباشر مع أفغانستان، حيث يشعر الروس بالقلق من احتمال صعود تنظيم “داعش” الإرهابي، والجماعات المتطرفة الأخرى الناشئة  في شمال أفغانستان بالقرب من حدودها مع دول آسيا الوسطى كلها، وهو الأمر الذي برز في آخر جولة محادثات روسية مع طالبان في موسكو، منذ 2021 عندما حرص الروس على الحصول من الحركة على تعهد واضح بأن مكاسبها العسكرية في أفغانستان لن تشكل تهديدًا لروسيا، أو لمصالحها في دول آسيا الوسطى. 

وإلى جانب التعامل الدبلوماسي مع طالبان لتأمين دول منطقة آسيا الوسطى، تُمثِّل التدريبات العسكرية الروسية على الحدود جانبًا آخر من استراتيجية موسكو في التعامل مع التهديدات المحتملة من جانب طالبان لدول آسيا، ويـمـكن النظر إلى هذه التدريبات باعتبارها “استعراضًا للقوة” من أجل إظهار استعداد روسيا لمعاقبة قادة طالبان إذا ما خرجوا عن الخط المتمثل في عدم تهديد دول آسيا الوسطى من الناحية الأمنية.

وكان هذا الاستعراض واضحًا بشدة بمجرد انهيار الحكومة الأفغانية السابقة في كابول أين تركزت مئات المركبات المدرعة وقطع المدفعية الروسية على الحدود بين طاجيكستان وأفغانستان، وذلك في إطار مناورة عسكرية رفيعة المستوى.

كما أجرت القوات الروسية أيضًا مناورات عسكرية مشتركة مع أوزبكستان قرب الحدود الأفغانية لمنع أي تسلل إلى أراضيها من الجانب الأفغاني، وكانت هذه المناورات رسالة واضحة من موسكو بأن روسيا الآن أصبحت “الحامية” لدول آسيا الوسطى من العنف المحتمل في الجوار الأفغاني.

كما تحتفظ  روسيا بقواعد عسكرية في طاجيكستان وقرغيزستان، حيث يقع مقر “الفرقة 201 الروسية” في طاجيكستان منذ أربعينيات القرن الماضي وستبقى هذه الفرقة هناك حتى عام 2042 على الأقل. كما تمتلك روسيا أيضًا قاعدة عسكرية في قيرغيزستان حتى عام 2027 على الأقل.

صحيفة “بوليتيكو الامريكية”، أكدت بأن حجم المساعدة العسكرية الأمريكية المقدمة الى افغانستان على مدى العقدين الماضيين مذهل حيث تم إنفاق 83 مليار دولار لتدريب وتجهيز جيش بعد سنوات من الخسائر الفادحة في ساحة المعركة ومن الممكن أن تؤدي الأسلحة الأمريكية الصنع التي استولت عليها طالبان إلى سوق أسلحة إقليمي، وانه ليس من الواضح للمسؤولين الأمريكيين مقدار المعدات التي استولت عليها طالبان.

تقول التقارير الصادرة عن مجلس الدفاع الامريكي، أن التهديد الحقيقي اليوم هو عودة طالبان وقيام سوق أسلحة إقليمي يمكن أن يكون في متناول الجماعات الإرهابية الجهادية والمتمردين إذ من المحتمل أن تنتشر في المنطقة لعقود عديدة قادمة حيث يمثل خطرًا أمنيًا يمكن بيع الأسلحة بسهولة لميليشيات مجهولة، لقد تشكل بالفعل سوق سوداء لسماسرة السلاح الأمريكي الصنع حيث تم بيعه بأبخس الأثمان الى جهات روسية، صينية والتي مثلت الرابح الأكبر من غنيمة طالبان علاوة على ذلك ماتزال المصالح العسكرية والاقتصادية للحزام الأوراسي تحتاج الى التعامل بدبلوماسية براغماتية مع طالبان حتى وان كانت هذه الحركة مصنفة جهادية بالنسبة الى الإدارة الروسية، و إرهابية بالنسبة لواشنطن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق