ما هي المصالح التي تربط بين الكيان الصهيوني وهيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني؟
قسم البحوث والدراسات والعلاقات الدولية 02-04-2024
تثير العديد من الأحداث الميدانية التي تحصل في سوريا الشكوك، خاصةً في الأشهر الأخيرة خلال معركة طوفان الأقصى، عن وجود ارتباط وتخادم ما بين الكيان الصهيوني وهيئة تحرير الشام الإرهابية بقيادة أبو محمد الجولاني “جبهة النصرة سابقاً”، نظراً لحصول تقارب مكاني وزماني ومصالحي في العديد من العمليات التي يقوم بها الطرفين، وكان آخرها نهاية شهر مارس.
وهذا ما أشار إليه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطابه بمناسبة ليلة القدر الأولى (29/03/2024)، عندما قال: “في الأمس ليلاً مثلاً أغارت إسرائيل على خط التماس مع الجماعات المسلحة في شمال سورية، في جبهة حلب. أغار الطيران الاسرائيلي وغدرت الجميع هناك، وبعد الغارات الإسرائيلية مباشرة قامت الجماعات المسلحة بالهجوم على خط المواجهة، ولكن طبعًا انهزموا بحمد الله وانكسروا”.
فما يعزّز الشكوك كثيراً، هو تزامن الغارات الجوية الإسرائيلية التي وُصفت بالأعنف منذ سنوات، والتي استهدفت مناطق جنوبي حلب للمرة الأولى من أصل 28 اعتداء إسرائيلي على سوريا خلال هذا العام 2024، مع هجمات “كتيبة الغرباء التركستان” التابعة للواء عمر بن الخطاب في هيئة تحرير الشام، بواسطة الطائرات المسيرة والمقاتلين ضد محور ريف حلب الغربي (يا لها من مصادفة!).
ولكي تزداد الشكوك أكثر فأكثر، أفادت مصادر عسكرية سورية، عن حصول هجوم لمجموعات تابعة اتنظيم داعش بالتزامن أيضاً، على بعض مواقع الجيش في محيط تدمر.
ورغم العدوان الإسرائيلي الذي أدى الى ارتقاء أكثر من 40 شهيد من الجيش السوري وحلفائه (من ضمنهم المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله)، إلّا أنهم تمكّنوا من التصدي لهجوم المجموعات الإرهابية وإيقاع جميع عناصرها بين قتيل وجريح.
وفي السياق نفسه، بحسب مصادر ميدانية متعددة، استهدفت إحدى الضربات الإسرائيلية مستودعاً للذخيرة في المنطقة، مرتبط بالعمليات القتالية للجيش السوري وحزب الله ضد الإرهابيين.
وهذا ما يعزز من الارتباط المصالحي ما بين إسرائيل وهيئة التحرير، فالأولى هدفت الى توجيه ضربة قاسية لحزب الله (رداً على تصاعد عمليات الحزب في جبهة المساندة للمقاومة الفلسطينية)، فيما استغلت الثانية هذه الهجمات كنوع من الدعم والتمهيد لهجومها.
وقد سبق لبعض الشخصيات المقربة من المجموعات الإرهابية في إدلب، ان دعوهم لاستثمار الهجمات الاسرائيلية، بهدف تعزيز وضعهم الميداني!
فرصة للجولاني المأزوم داخلياً
كما تعدّ هذه الهجمات، خاصةً إذا تبعها تصعيد عسكري من جهة الجيش السوري وحلفائه، فرصة للجولاني وهيئته من أجل تخفيف حدّة حركة الاحتجاجات الداخلية والشعبية ضده في هذه المنطقة، والتي بات هناك إجماع على وصفها بأنها أكبر تحدّ تواجهه الهيئة في منطقة إدلب وريف حلب، وأنها تشكّل تهديداً لتماسك الهيئة واستمرار سيطرتها.
فالأزمة الداخلية للجولاني، دفعته الى تصعيد في وتيرة العمليات “الانغماسية” ضد مواقع الجيش السوري وحلفائه بشكل كبير، وخاصةً خلال شهر مارس الجاري، بحيث تخطت الـ 10 عمليات على امتداد المحاور في ريفي اللاذقية الشمالي وإدلب الجنوبي، وغربي حلب.
لذلك، فإن من مصلحة الجولاني إعادة شدّ العصب الداخلي لهيئته وللمنطقة التي يسيطر عليها، تلتقي مع مصالح إسرائيل في إشغال واستنزاف جهات محور المقاومة، من خلال تسعير هذه الجبهة.