أخبار العالمالشرق الأوسط

الجريمة الإرهابية الإسرائيلية باستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق

جريمة إرهابية جديدة، يقدم عليها الكيان الصهيوني من خلال اغتياله لقائد قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإسلامية  سوريا ولبنان، اللواء محمد رضا زاهدي “أبو مهدي”، في القنصلية الإيرانية بدمشق، والتي تشكّل انتهاكا سافراً للاتفاقيات الدولية المتعلقة بأمن المنشآت الدبلوماسية والقنصلية.

هذه الجريمة تؤكّد بأن كيان الاحتلال يخسر أكثر فأكثر على المستوى الاستراتيجي في مواجهته مع محور المقاومة، ولذلك يعمد الى تحقيق إنجازات تكتيكية علّها تعوض بعض خسائره.

وهذا ما عبّر عنه رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران إبراهيم رئيسي عن عملية اغتيال اللواء زاهدي حينما قال: “الكيان الصهيوني يلجأ إلى الاغتيالات الجبانة بعد هزيمته وفشله المتكرر أمام عزم مجاهدي جبهة المقاومة”.

مهدداً إسرائيل بالقول “ليعلم الصهاينة أنهم لن يحققوا أهدافهم وجريمة الاعتداء على القنصلية بدمشق لن تمر من دون رد”.

كما أنّ الجريمة الإسرائيلية تتعلق باستهدافهم لمقر ذي صفة دبلوماسية، وهو ما يشكّل اعتداءً على القانون الدولي قد يشجّع جهات وأطراف أخرى على تنفيذ عمل مشابه له.

وربما هذا ما دفع روسيا الى الدعوة لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، ردا على الغارة الجوية الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في سوريا، والذي قالت الوزارة الخارجية الروسية بأنه سيعقد الثلاثاء (2/4/2024).

وفي تعليق على عملية الاغتيال، قال وزير خارجية الجمهورية الإسلامية حسين أمير عبد اللهيان خلال اتصال هاتفي مع نظيره السوري فيصل المقداد، بأن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على ما يبدو قد “فقد عقله”، بسبب إخفاقاته المتتالية بعد عملية طوفان الأقصى. 

مشيراً الى أن “الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق يعد انتهاكا لكافة الالتزامات والمواثيق الدولية، مما يجعل النظام الصهيوني مسؤولا عن تبعات هذا العمل”.

فبموجب القانون الدولي، يعتبر مهاجمة سفارة دولة أخرى انتهاكا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي تنص على أن للسفارات حرمتها ويجب حمايتها من الاقتحام أو الضرر.

وعليه فإن مهاجمة مبنى القنصلية الإيرانية يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وبالتالي يجب أن تعقبه عواقب دبلوماسية، أو عقوبات، أو غير ذلك من أشكال الانتقام.

غادر اللواء زاهدي من العاصمة اللبنانية بيروت الساعة 1:30 متوجهاً الى مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق المعروف باسم “مبنى ياس”، والذي يقع بين مبنى سفارة الجمهورية الإسلامية ومبنى السفارة الكندية، ويضم المبنى قسماً مخصصاً لإقامة سفير الجمهورية الإسلامية في سوريا، وقسماً آخرا مخصص للاجتماعات ولتسليم تأشيرات السفر.

وعليه فإن اللواء زاهدي بصفته مستشاراً عسكرياً لدى الدولة السورية- مع الإشارة إلى أنه في مقدمة الأهداف الموضوعة على لائحة الاغتيالات الإسرائيلية – اختار هذا المبنى الدبلوماسي “الآمن وفق اتفاقية فيينا” لعقد اجتماعه، ولا صحة للكثير من المزاعم والسيناريوهات الافتراضية حول وجود اختراق أمني إسرائيلي كبير.

تمت عملية الاغتيال الساعة الـ 5:00 بعد ظهر الإثنين 1 أبريل 2024، بواسطة 6 صواريخ أطلقتها الطائرات الإسرائيلية من فوق منطقة الجولان باتجاه مبنى القنصلية، بعد انتظارها لخروج آخر دبلوماسي من المبنى.

ارتقى برفقة اللواء زاهدي كلاً من الشهداء:

1 اللواء محمد هادي حاج رحيمي – معاون اللواء زاهدي ومسؤول العمليات في ساحتي لبنان وسوريا.

2 القائد حسین أمان اللهي – مدير المكتب اللواء زاهدي.

3 القائد مهدي جلالتي – مستشار عسكري.

4  القائد محسن صداقت – مستشار عسكري.

5 القائد علي آغا بابائي – مستشار عسكري.

6 القائد علي صالحي روزبهاني – مستشار عسكري.

7 المجاهد حسين يوسف – مستشار عسكري لبناني في حزب الله. بالإضافة الى 6 شهداء آخرين.

عطفاً على السياسة الإسرائيلية المتّبعة منذ سنوات، باستهداف القيادات الإيرانية العسكرية بعمليات الاغتيال، خاصةً الذين يتولّون مهاماً ومسؤوليات مرتبطة بمحور المقاومة بمختلف ساحاته بدءاً من فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وصولاً الى اليمن. فإن لتل أبيب العديد من الأهداف الأخرى:

1 محاولة جديدة لاستدراج إيران الى المواجهة المباشرة مع الكيان ومع الولايات المتحدة الأمريكية.

لذلك كان لافتاً ما نقلته قناة NBC عن مسؤولين أمريكيين، بأن إدارة جو بايدن أبلغت إيران بأن “واشنطن لم تكن على علم بالهجوم على قنصليتها بدمشق”.

وهذا ما أكّده موقع أكسيوس نقلاً عن مسؤول أمريكي أيضاً، والذي قال إن واشنطن أبلغت إيران بأن لا دور لها في الهجوم على القنصيلة الإيرانية بدمشق.

فيما أشارت مصادر إعلامية أخرى، إلى أن الإدارة الأمريكية قد علمت بعملية الاغتيال عندما أقلعت الطائرات الحربية الإسرائيلية متوجهة نحو هدفها، دون أن يعلن الأمريكيون هوية الشخص المستهدف.

2 من أبرز المهام التي يتولاها اللواء زاهدي هي تأمين الدعم اللوجستي لقوى محور المقاومة في سوريا ولبنان (على مستوى وضع الاستراتيجيات وتنفيذها)، وهذه المسؤوليات مرتبطة بأكثر المجالات المرعبة لإسرائيل: الطائرات دون طيار، الدفاع الجوي، الصواريخ.

لذلك تحاول إسرائيل منع مسار تطوير هذه المجالات في لبنان وسوريا وفلسطين وغيرها من ساحات المحور بأي طريقة، وتظن بأنها من خلال عمليات الاغتيال وقبلها باستهداف قوافل النقل، تستطيع وقف هذا المسار، فيما هي تقوم فعلاً بدفعه أكثر للإمام، كما أثبتت التجارب السابقة.

وفي سياق متّصل، يعتقد الإسرائيليون بأن محور المقاومة بمساعدة أساسية من إيران، يتّجهون الى تفعيل بعض منظومات الدفاع الجوي في لبنان وسوريا تحديداً، لذلك يحاولون منع هذه الجهود عبر استهداف القادة الموكّلين بهذه المهمة، وأيضاً القادة الموكّلين بمهام مرتبطة بسلاح المسيّرات والصواريخ.

وهذا ما يتقاطع مع ما قاله المراسل العسكري دورون كدوش لإذاعة جيش الاحتلال، من أن الشهيد زاهدي “ضابط كبير في قوة القدس التابع للحرس الثوري.

تولى الإشراف على الفريق المسؤول عن نشر الدفاعات الجويّة الإيرانيّة في سوريا خلفاً للواء مصطفى جواد غفاري”. لافتاً إلى أن من “شأن هذه المنظومة الجوية التي يتم تطويرها في سوريا حماية مواقع ومصالح عسكرية إيرانية تتعرّض لهجمات إسرائيلية”.

ويُشار هنا إلى أنه بعد ساعات من الاغتيال فقط، جرى عقد اجتماعات، لتعيين قائد جديد يستكمل مسيرة الشهيد زاهدي في المسؤوليات والمهام.

3 قلق رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو من الزيارة الأخيرة لقيادات حركة حماس والجهاد الإسلامي الى الجمهورية الإسلامية في إيران، والتي تم خلالها عقد اجتماع عسكري رفيع المستوى من أركان القوات المسلحة الإيرانية، وخشيته من أن يكون ذلك مقدمة لهجوم آخر شبيه بعملية طوفان الأقصى.

كما أن قادة الكيان العسكريين والسياسيين والاستخباراتيين، يخشون بشكل كبير من قدرات محور المقاومة الكثيرة والتي لا تزال مجهولة لديهم، لذلك يحاولون بأي طريقة (حتى لو كان على شاكلة حماقة)، منع تفعيل هذه القدرات لأنها ستوقع خسائر كبيرة بهم. ولعلّ عملية إيلات منذ أيام دليل كبير على مدى تطّور هذه القدرات، بحيث أصابت منشأة بحرية عسكرية مهمّة لجيش الاحتلال، وعلى بعد أمتار من المدمّرة ساعر 6.

من المؤكّد بأن الرد على الاغتيال وكيفيته، سيكون في مقدّمة المواضيع المطروحة أمام قائد الثورة الإسلامية الإمام علي الخامنئي  والذي قال الرجال سيردون، والرد سيكون في الوقت المناسب، والمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لكن بالتأكيد سيكون بأسلوب لا تُستدرج الجمهورية الإسلامية من خلاله، لما يريده الكيان من خشبة خلاص (أي مواجهة إيرانية أمريكية عسكرية مباشرة)، يُنهي بها عدوانه الفاشل والعبثي على قطاع غزة.

وعليه سيكون الردّ الأمثل الذي بدأ فعلياً، من خلال استكمال جهود الشهيد زاهدي ورفاقه على امتداد ساحات المحور، بتطوير وتفعيل القدرات كماً ونوعاً بمديات لا يتخيلها الكثيرون لا سيما في مجالات الدفاع الجوي والمسيّرات الانقضاضية والصواريخ الدقيقة.

وهذا ما عبّر عنه الامام الخامنئي في بيانه تعليقاً على الجريمة عندما قال: “سوف يُعاقب النظام (الصهيوني) الخبيث على أيدي رجالنا الشجعان، وسنجعلهم يندمون على هذه الجريمة وأمثالها بحول الله وقوته”.


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق