جنوب السودان: الوظائف الصغيرة والعقود الخاصة بالأجانب في جوبا
جنوب السودان-12-7-2021
وبعد عشر سنوات من الاستقلال، تلاشى الفرح والأمل في جنوب السودان. إن أصغر دولة في العالم تخرج من عقد اتسمت بحرب أهلية دامية أدت إلى مقتل ما يقرب 400000 شخص وإغراقها في أزمة إنسانية خطيرة لا تزال تبحث عن مخرج لها وتبحث عن مستثمر يخرجها من الفقر والضعف.
ها هي جوبا العاصمة تخطوا خطواتها الأولى نحو الازدهار، انها بالتأكيد ليست مثل كمبالا، أوغندا، أو نيروبي، كينيا، ولكن كل يوم عاصمة جنوب السودان تمتد وتتوسع وتبنى فيها المشاريع الصغرى والكبرى.
وعلى طول شوارعها المزدحمة، تنمو المباني والمنازل ذات الطابقين مثل الفطر بطريقة عشوائية. جسر جديد يمتد على النيل، اثنين من الطرق السريعة تربط المدينة مع بور ورومبيك، إلى الشمال.هذه المشاريع الكبيرة هي من أعمال الشركات الصينية العملاقة، كذلك مثل المستشفى الجامعي، الذي تم افتتاح مبناه الجديد في عام 2019، ومبنى التلفزيون الوطني.
كذلك تم بناء محطة الطاقة الجديدة من قبل شركة إثيوبية وبيد عاملة أثيوبية ففي جنوب السودان اليد العاملة ليست محلية انما أجنبية.
بدأت تتدفق اليد العاملة الاجنبية في سنة 2005، عندما انتهت الحرب الأهلية بين متمردي جنوب السودان وحكومة الخرطوم في عام 1983.ومنذ ذلك الوقت والاستقلال لم يكن في جنوب السودان الاّ 10 كيلومترات من الطرق المعبدة.
وبغض النظر عن المنشآت النفطية الموجودة على الحدود مع السودان، فإن كل شيء تقريبا كان ينبغي إنشاؤه من جديد في هذه الدولة ليصبح ضخما كما حلم به أهالي جنوب السودان المنفصل، التي تتمتع بموارد طبيعية هامة مثل النفط والمعادن والصمغ العربي والغابات والأراضي الخصبة وبنسبة سكان ضعيفة جدا.
كان لا بد من بناء الطرقات، كان لا بد من استيراد الغذاء، كان لا بد من توفير الماء والكهرباء… كعكة زادت من شهية المستثمرين وجذبت على طول النيل جيش كامل من العمال من شرق أفريقيا ومستثمرين من الدول القوية والكبرى.
بينما في 2005، كان يعيش حوالي 120000 شخص في جوبا، أصبح عدد سكان المدينة أكثر من مليون نسمة في شهر جويلية 2011 وفقا لاحصائيات”قاعة المدينةللاحصاء”.وازدهر الاقتصاد والفساد معا لبضع سنوات، حتى اندلعت الحرب الأهلية مرة أخرى في سنة 2013، وهذه المرة شهدت أنصار الرئيس “سالفا كير” ومناصري خصمه الرئيسي “رييك ماشار” الذيوفر العديد من الأجانب في الأعمال القتالية، ولكن الذين تبقوا هم الأكثر عندا وشراسة وقوة حيث قدموا خدمات لم تتمكن السلطات التي أفسدتها وتورطت في الصراع من إقامتها.
كما أن الشركات وأيضاً الأفراد العاديين حاولوا أن يصنعوا لأنفسهم مكاناً في هذا البلد الذي يعتمد إلى حد كبير على المساعدات الدولية ويستورد 90% من ما تستهلكه وهذا ما جعل من هذا البلد بؤرة للفساد والارهاب والفقر بالرغم من المحاولات للنهوض به.
ومعظم الشركات الصغرى والمتوسطة هيإريترية، تقوم بتطهير مياه النيل قبل بيعها في عشرات المنتجعات في المدينة .إن هذه الشركات الصغيرة التي استولت على سوق السلع والخدمات في جنوب السودان من الممكن أن تكون مربحة للغاية على الرغم من تخلف البلد الذي يعيش فيه 76% من السكان تحت خط الفقر.
ووفقا للمعلومات التي تم جمعها، يمكن للسائق الذي يملك شاحنة خاصة به أن يحقق أرباحا صافية تبلغ عشرات الآلاف من اليورو سنويا فما بالك بالشركات الكبيرة التي تتحصل على عقود بناء وبنية تحتية وهي أغلبها أجنبية وخاصة صينية.
وقعت الصين، أكبر مستثمر في البلاد، عقداً جديداً مع حكومة جنوب السودان في مارس2021 لمواصلة توسيع مستشفى جوبا الجامعي على مساحة 16000 متر مربع، بما في ذلك إنشاء ست وحدات طبية متخصصة.
أما بالنسبة للمغرب، فقد التزم في عام 2017 بتمويل بناء العاصمة الجديدة، رامسيل، بتكلفة قدرها 10 بلايين دولار على مدى خمس سنوات، وفقا لتقديرات الحكومة غير أن المشروع ما زال ينتظر رؤية ضوء النهار.