استفتاء إقليم كردستان في ذكراها الثالثة… الحلقة الاولى
عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي-22-9-2020
الاستفتاء، هو الرجوع الى الشعب لأخذ رأيه بالموافقة او الرفض في أي موضوع عام سواء كان هذا الموضوع قانونياً او دستورياً او سياسياً و بمعنى أخر هو تصويت الشعب في اية مسألة و قد استخدم هذا الأسلوب لأول مرة في عام (1790) من قبل سكان مقاطعة نيس و سافوي للأنضمام الى فرنسا و غالباً ما يتم هذا الإجراء تحت أشراف دولي. وان الاستفتاء قد حدد عبر التاريخ مصير العديد من الاقاليم مثل إقليم السار فيأوروبا و جزر ماريانا في المحيط الهادئ وأخيراً إقليم الباسك في أسبانيا وبهذا الإجراء يعبر الشعب بحرية عن رأيه في إقرار مصيره بالاستقلال او الانضمام الى دولة معينة و بحد ذاته هو اجراء ديمقراطي و اشارة واضحة على تنامي الوعي الديمقراطي و الحرية في التعبير عن الرأي عند هذا الشعب أو ذاك .
إن الشعب الكردستاني قرر إن يعبر عن رأيه في استفتاء شعبي ليقرر مصيره ، ويتجاوز كل المحن ،والمعاناة السابقة، ومن ان أجل ألا يتكرر مآسي الماضي المرير، ويبدو هذا القرار ثمار التجارب الفاشلة في العيش مع العراق ، وبناءه على أسس ديمقراطية كي يكون التعامل معه على أساس المواطنة والشراكة الفعلية ،ولكنها كانت دون جدوى
حب الشعب الكردستاني بكل مكوناته القومية والدينية للاستقلال وبناء كيان سياسي خاص به ، كي يضمد جراح الآهات والآلام ، ويسقي ضمأ السنوات السابقة بالحرية والتعايش السلمي الذي طالما عمل الاعداء بكل ما أوتوا من قوة في سبيل تجزئته و زرع الفتنة لأضعافه ، وشراء ذمته.
إن قضية الاستفتاء الكردستاني و منذ الوهلة الاولى من إعلان القيادة السياسية الكردستانية في إجراءه وتشكيل المجلس الأعلى للاستفتاء ،والذي كان يضم اغلبية الاحزاب والقوى السياسية العاملة والمؤثرة في الساحة من المشاركة في الحكومة وغير المشاركة جعلت أنظار القِوى المحلية والإقليمية و الدولية تتجه نحو الاقليم , فبدأت الحركة الدبلوماسية نشاطها بين التأييد او التأجيل او الرفض ولكلٍ منها مبرراتها ودوافعها ,فإن التأييد كان مبنياً على حق هذا الشعب في تقرير مصيره ،وان تجربته في الادارة والحكم كانت ناجحة نوعاً ما واثبت جدارته في المسك بزمام الامور و تخطي العقبات و الصعاب , اما أصحاب التأجيل فقد برروا بعدم مناسبة الوقت وأن الأولوية لحرب الإرهاب (داعش) و إن الاستفتاء سيقلل من الاهتمام بحرب الإرهاب و دحره, و أما الرفض و الذي كان أشمل وأعم وله اسباب كثيرة تتأرجح بين انه سيكون خطوة نحو الاستقلال و بناء كيان سياسي يهز عروش الدول الاقليمية من تركيا و ايران و سوريا و العراق ايضاً و يحض كورد هذه الدول الى السير بخطاهم نحو هذا الهدف .
بدأت المواقف تتغير و انياب الشر تظهر و روح المؤامرة تفعل فعلتها و الزيارات العلنية و السرية ، ازدادت الاجتماعات في الغرف المظلمة لتخطط وتتآمر وتنسج من اجل عدم اجراء الاستفتاء وإذا ما جرى فما هي خطواتهم و إجراءاتهم (السلمية و العسكرية) , وبشكل عام فان المجتمع الدولي حسب ما هو معلن فقد وقف بالضد منه مع وجود اصوات هنا وهناك تؤيد و تدعو المجتمع الدولي الى قبول النتائج و التعامل على أساسها مع الشعب الكردستاني , ولكن الشعب قال كلمته في 25/9/2017 و صوت بنسبة 72% لصالح الاستفتاء بنسبة مشاركة بلغت 92% من الشعب ،ولكن طبول الحرب بدأت تقرع ولغة الحوار اختفت ولسان حالهم يقول ان النتائج مهما كانت فإنها غير معقولة ولا مقبولة , وأن المواثيق الدولية لحقوق الانسان ومبدأ حق تقرير مصير الشعوب و الديمقراطية و انسانية المجتمع الدولي مجرد اعلانات خالية من الروح الانساني و انها ادوات و وسائل لتحقيق مصالحهم و حماية أمنهم و بلدانهم لا غير . فبدأ العقاب الجماعي للشعب على انظار العالم الديمقراطي المتمدن بين غلق المنافذ الحدودية و المطارات و قطع الموازنة و الرواتب ،ومحاولة غلق السفارات والقنصليات العاملة في الاقليم ،و منع الوفود من زيارة الإقليم ، وأخيرا العملية العسكرية في 16/10/2017 ودخول القوات العراقية و الحشد الشعبي الى مدينة كركوك وسيطرتها على مناطق شاسعة من المناطق الكردستانية خارج الإقليم بعد انسحاب قوات البيشمركة منها .
لقد أيدنا الاستفتاء كحق طبيعي لشعب وكردستان وشاركنا في التصويت ،وكتبنا عنه مقالات و أبحاثاً في أوقات مختلفة كوجهة نظر,مساهمةًً منا وإيمانا بمشروعيته واغناءً للبحث ، وكجزء من واجب وطني وقومي ، لأن الحق يؤخذ ولا يمنح .