تصاعد التوتر بين إثيوبيا وإريتريا وتحذيرات من اندلاع حرب شاملة تهدد استقرار القرن الأفريقي

قسم الأخبار الدولية 12/03/2025
دخلت العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا مرحلة جديدة من التوتر الحاد، وسط تحذيرات من اندلاع مواجهة عسكرية شاملة قد تغير موازين القوى في القرن الأفريقي. وأكد الفريق تسادكان قبرتسائيل، نائب حاكم إقليم تيغراي والرئيس السابق لأركان الجيش الإثيوبي، أن الاستعدادات العسكرية بين البلدين بلغت مراحل متقدمة، مما يشير إلى احتمال اندلاع صراع واسع النطاق.
بوادر الحرب وامتداد الصراع إلى دول الجوار
صرح تسادكان في مقابلة مع وسائل إعلام محلية بأن الأوضاع الميدانية تزداد تعقيدًا، وأن النزاع قد لا يقتصر على إثيوبيا وإريتريا، بل قد يمتد إلى دول أخرى في المنطقة، مثل السودان، مما قد يفاقم الأوضاع الأمنية على ضفاف البحر الأحمر. وأوضح أن القيادة في تيغراي تسعى إلى تفادي المواجهة، لكن تراجع الخيارات الدبلوماسية يجعل الحرب احتمالًا قائمًا.
تفكك التحالفات وزيادة عزلة إريتريا
تشير التقارير إلى أن العلاقات بين أديس أبابا وأسمرا شهدت تراجعًا ملحوظًا منذ توقيع اتفاقية بريتوريا للسلام في نوفمبر 2022، والتي أنهت حربًا استمرت عامين بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي. واعتبرت إريتريا الاتفاقية بمثابة “طعنة في الظهر”، حيث شعرت بأنها استُبعدت من ترتيبات ما بعد الحرب رغم دعمها العسكري لإثيوبيا ضد قوات تيغراي.
ويتهم قادة تيغراي الحكومة الإريترية بانتهاج سياسة توسعية تهدف إلى تعزيز نفوذها الإقليمي على حساب استقرار إثيوبيا والسودان. كما حذر تسادكان من أن الانقسامات داخل جبهة تحرير تيغراي قد تؤثر على مسار الأحداث، حيث يقال إن بعض القادة يسعون إلى تحالفات مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لضمان مصالحهم الشخصية، رغم مخاطر ذلك على مستقبل الإقليم.
الخلفيات التاريخية: من المصالحة إلى الصدام المحتمل
شهدت العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا تحولات متسارعة خلال السنوات الأخيرة. فبعد عقود من النزاع، وقّع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي اتفاق سلام تاريخي في عام 2018، ما أنهى رسميًا حالة العداء المستمرة بين البلدين منذ حرب 1998-2000. وحظي الاتفاق حينها بإشادة دولية، وحصل آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام عام 2019 تقديرًا لجهوده في تحقيق المصالحة.
لكن سرعان ما ظهرت تحديات كبيرة في تطبيق الاتفاق على أرض الواقع، خاصة مع اندلاع الحرب بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي عام 2020، حيث انحازت إريتريا إلى جانب آبي أحمد في الصراع. وبعد انتهاء الحرب باتفاق بريتوريا، شعرت أسمرا بأنها أصبحت معزولة دبلوماسيًا، ما أدى إلى تصاعد التوترات بينها وبين أديس أبابا من جديد.
مخاطر الحرب وتأثيراتها على القرن الأفريقي
يعتقد مراقبون أن أي صراع عسكري بين إثيوبيا وإريتريا قد يؤدي إلى إعادة رسم الخريطة السياسية في المنطقة، حيث يمكن أن تستغل أطراف أخرى حالة الفوضى لتعزيز نفوذها.
وتزداد المخاوف من أن النزاع سيؤثر على منطقة البحر الأحمر الاستراتيجية، التي تشهد تنافسًا دوليًا مكثفًا بين الولايات المتحدة، الصين، وروسيا، إضافة إلى قوى إقليمية مثل تركيا ودول الخليج.
كما أن السودان، الذي يعاني أصلًا من نزاع داخلي بين الجيش وقوات الدعم السريع، قد يجد نفسه متورطًا في تداعيات أي حرب جديدة في المنطقة، خاصة مع وجود علاقات متشابكة بين الفصائل المتنازعة.
دعوات دولية للحل الدبلوماسي
في ظل تصاعد التوترات، دعا تسادكان المجتمع الدولي إلى التدخل لمنع اندلاع الحرب، مشددًا على أن التنفيذ الكامل لاتفاق بريتوريا يظل الخيار الأفضل للحفاظ على استقرار المنطقة.
وفي الوقت الذي يتركز فيه الاهتمام العالمي على الحرب في أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط، يخشى محللون من أن تجاهل الأزمة المتفاقمة في القرن الأفريقي قد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة.
يواجه القرن الأفريقي مرحلة دقيقة، حيث تتراوح السيناريوهات بين تصعيد عسكري قد يكون مكلفًا لجميع الأطراف، أو نجاح الجهود الدبلوماسية في تهدئة الوضع ومنع اندلاع مواجهة جديدة. لكن في ظل استمرار التصريحات المتوترة، وغياب مؤشرات واضحة على تهدئة الأزمة، يظل خطر الحرب قائمًا بقوة، ما لم تحدث تطورات مفاجئة تغير مسار الأحداث.