تساؤلات حارقة حول فيروس قاتل في الصين؟
ليس جديدا الحديث عن الأسلحة الجرثومية والبيولوجية في العالم ومدى خطورتها المدمرة لمقومات الحياة البشرية..
ويُقصد بالأسلحة البيولوجية جميع العوامل المُسببة للأمراض والأوبئة المختلفة، ويندرج تحت هذا المصطلح العسكري كل من البكتيريا والفطريات والفيروسات، بالإضافة إلى جميع السموم المُنتَجة بواسطة هذه الكائنات، أو المستخلصة من النباتات والحيوانات.
وتم استخدام هذه الأسلحة في العصر الحديث خلال الحرب العالمية الأولى من قبل الجيش الألماني، وكذلك خلال الحرب العالمية الثانية من طرف القوات اليابانية ضد الصينيين.
بكتيريا الجمرة الخبيثة،على سبيل المثال،التي تصيب كلا من الإنسان والحيوان، استخدمتها بريطانيا كسلاح بيولوجي في الحرب العالمية الثانية على جزيرة غرونارد الأسكتلندية، التي لم تتعافَ من آثار المرض إلا في عام 1987.
في العاشر من شهر أبريل 1972، فتح باب التوقيع على اتفاقية الأسلحة البيولوجية، وهي أول معاهدة متعددة الأطراف لنزع السلاح تحظر استحداث وإنتاج وتخزين طائفة بكاملها من أسلحة الدمار الشامل.
ودخلت هذه الإتفاقية حيز النفاذ في 26 مارس 1975 وتتسارع وتيرة انتشار الأوبئة المعدية وتنوعها عالمياً منذ مطلع الألفية الثالثة يفرض جملة تساؤلات عن حقيقة جذورها العلمية، في الدرجة الأولى، وعن الأبعاد السياسية والإستراتيجية المترتبة على البشرية جمعاء من توجهات الدول المنتجة لترسانات الأسلحة البيولوجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
في شهر يناير 2012، فشل مؤتمر دولي عقدته الأمم المتحدة في جنيف في وضع آليات مراقبة على الأسلحة البيولوجية، وألقت فيه وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، خطاباً مشجعةً الجهود القائمة لحماية البشرية من شبح الأسلحة البيولوجية، لكنها رفضت بشدة وضع قيود دولية للتحقق من سلامة العالم. ثلاث دول “مؤتمنة” دولياً على تطبيق معاهدة الأسلحة البيولوجية المبرمة عام 1975 بتوقيع 165 دولة: روسيا وبريطانيا والولايات المتحدة..
من بين الشكاوى العلمية التي تسلمها “الثلاثة الكبار”في 9 ديسمبر 2001، إحاطة قدمتها منظمة إيثاكا، الأميركية، المعنية بحقوق الإنسان، إلى المؤتمر الدولي السابع لمعاهدة الأسلحة البيولوجية، فحواها انتهاك الولايات المتحدة للمعاهدة نظراً لانخراطها في نشاط يتعلق بتطوير برنامج أسلحة بيولوجية هجومية يجري تخزينها في مستودعات سييرا للجيش، وفي شمالي ولاية كاليفورنيا وربما في مناطق أخرى.
يُشار إلى أن الإدارة الأمريكية آنذاك أدخلت “بند 817” على مواد قانون الباتريوت، لعام 2001، يتيح للحكومة تطوير وتخزين أسلحة بيولوجية ونظم إطلاقها من دون قيود، أي إلغاء عملياً لنصوص الاتفاقية الدولية الموقعة عليها. اللافت والمقلق في آن واحد ما “تنبّأ” به نائب وزير الأمن الداخلي آنذاك، دانيال غيرستين، مخاطباً المؤتمر الدولي المذكور،عام 2012، بأن بلاده “تتوقع تفشي وباء مع نهاية عام 2013”.
وشاطره “التشخيص” الطبيب جوزيف كيم في شركة إينوفيو للأدوية المنتجة للقاحات. التنبؤ الأمريكي الرسمي بوباء قبل وقوعه أثار جملة أسئلة وتكهنات حول المدى الخطر الذي بلغه برنامج الأسلحة البيولوجية وتهديده لحياة أعداد كبيرة من البشر ورفاهيتهم..
واكبت هذا التنبؤ أوساط هوليوود بإنتاج فيلم بعنوان “كونتاجن” (العدوى) عام 2011 يدور حول انتشار وباء مصدره الخفافيش، وفق السيناريو المُعدّ، وهو ما يجري حالياً مع وباء كورونا في الصين، الذي يُرجّح أن الخفافيش هي مصدر الفيروس في مقاطعة ووهان.
وكانت الصين قد تعرضت عام 2013 لموجة هائلة من “إنفلونزا إتش 7-إن9” حيث شرعت على الفور في إبادة ملايين طيور الدجاج. كوبا في عام 1971 كانت أول دولة في منطقة بحر الكاريبي تعلن تعرُّضها لوباء (حمى الضنك)، ويُعتقد أن مصدره إسبانيا، وكان ذلك ملخص نشرة طبية صادرة عن معاهد الصحة الأميركية ، عام 2009،واتهمت كوبا الحكومة الأميركية بنشر الوباء الذي أصاب ثروتها الحيوانية من الخنازير واضطرّها إلى إبادة نصف مليون رأس.
علمياً، يصيب فيروس كورونا الجهاز التنفسي للإنسان، وهو شبيه بسابقه وباء سارس، وأصول السلالتين هي من الحيوانات وقد انتقلت إلى الإنسان، وكلاهما بدأ انتشاره من الصين. وبخصوص فيروس كورونا الجديد، تحدثت أوساط أميركية عن تطوير الصين أسلحة بيولوجية في منشأة ووهان “لانخراطها في أعمال تجسسية للحصول على مكوّنات بيولوجية”.
وسُجّل مؤخرا توجيه محكمة فيدرالية أمريكية لائحة اتهام ضد الأستاذ في جامعة هارفرد، شارلز ليبر وشخصين من الجنسية الصينية لمحاولاتهم تهريب 21 أنبوباً تحتوي على مواد بيولوجية إلى الصين،،وتلقِّي ليبر مكافأة شهرية قيمتها 50 ألف دولار من جامعة ووهان التقنية، وفق لائحة الإتهام. ما يعزّز فرضيات المصدر الأميركي للفيروس هو سياسة إدارة الرئيس ترامب في محاربة الصين بكل الوسائل، بدءً بالحروب التجارية، وتعرّضها كذلك لسلسة “هجمات بالجراثيم المميتة وأمراض فيروسية، وأعراض استهدفت الثروة الحيوانية والإنسان على السواء”.
في السياق عينه، هناك حوادث غريبة “منفصلة” استهدفت الصين مصدرها أميركا الشمالية، أبرزها حادثة وصول شحنة مصدرها المختبرات البيولوجية الكندية، في شهر مارس 2019، تضم “فيروسات خبيثة”، زعم الكنديون أنها “جزء من الجهود البحثية لدعم أبحاث الصحة العامة في العالم.” ما دفع الجانب الصيني إلى تقديم شكوى رسمية بذلك.
وفد عسكري أميركي كبير، قوامه 300 شخص وصل مدينة ووهان الصينية يوم 19 أكتوبر 2019، للمشاركة في مهرجان ألعاب عسكرية تستضيفها الصين وتُقام هناك. في الثاني من نوفمبر 2019، تم تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في تلك المقاطعة، وانتشرت لاحقاً بسرعة في شهر ديسمبر.
ووفقا لخبراء إقتصاديين، يمكن لفيروس كورونا هذه المرة أيضاً خفض معدل النمو الإقتصادي في الصين بمقدار النصف.
في الوقت نفسه، صرح وزير التجارة الأمريكي ،ويلبور روس، في مقابلة مع قناة(فوكس نيوز) بأن تفشي کورونا في الصين يمكن أن يسهل عودة الوظائف إلى الولايات المتحدة!