الشرق الأوسط

وحشية العقوبات الأمريكية تعرض 17مليون سوري للخنق والضرر

واشنطن-الولايات المتحدة-24-6-2020

ذكر موقع (أميريكان هيرالد تربيون) أنه منذ عام 2011، دعمت الولايات المتحدة المسلحين الذين يحاولون “تغيير الحكم” في دمشق بالدعاية والسلاح والمال.

وبعد أن فشلت في مسعاها، حاولت خنق سوريا اقتصادياً، ولطالما كان هدفها ثابتاً لا يتغير، أي إجبار سوريا على تغيير سياساتها. ووصل عدوانها هذا الشهر مستوى جديداً بعقوبات ا!

للقانون وجهان مخادعان، فهو يُدعى “قيصر” في إشارة إلى حيلة دعائية انخرط فيها سوريّ مجهول الهوية يُزعم أنه مصور عسكري. واستناداً لما قالته صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) آنذاك، كان تقرير قيصر” ممارسة دعائية دقيقة التوقيت مولتها قطر”..

والوجه المخادع الآخر للقانون هو الإدعاء بـ “حماية المدنيين”. إنه في الحقيقة يؤذي ويعاقب 17 مليون شخص يعيشون في سوريا، وسيؤدي إلى تعذيب وموت آلاف المدنيين دونما فائدة.

ظلّت الولايات المتحدة معادية لسوريا لعقود عديدة، إذ رفضت سوريا إبان حكم الرئيس حافظ الأسد عقد معاهدة سلام مع “إسرائيل”، فحددتها الولايات المتحدة “دولة راعية للإرهاب” وفرضت عليها عقوبات لأول مرة في عام 1979.

وبعد غزو الولايات المتحدة للعراق واحتلاله في عام 2003، استقبلت سوريا نحو مليون لاجئ عراقي، ودعمت المقاومة العراقية بطرق مختلفة. ورداً على ذلك، زادت الولايات المتحدة عقوباتها في عام 2004.

وفي عام 2010، ضغطت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون،على سورية لتغيير سياستها الخارجية وأن تتودد أكثر لـ “إسرائيل”، لكن الرئيس السوري بشار الأسد رفض رفضاً قاطعاً.

وبعد اثني عشر شهراً، حينما بدأت الحرب على سوريا عام 2011، دعمت الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج ما يسمى “المعارضة” بسرعة وفرضت مزيداً من العقوبات.

وفي عام 2016، وبعد مضي خمس سنوات على الحرب، أُعدّت لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا تقريراعن تأثير العقوبات على الحالة الإنسانية في سوريا، ذكر أن “العقوبات الأمريكية والأوروبية على سوريا هي من أكثر العقوبات تعقيداً وأبعدها مدى من أي عقوبات واجهتها أي دولة أخرى”.

وهذه العقوبات تجعل الحال أكثر صعوبة وخطورة حتى إنها منعت وصول المساعدات الإنسانية بشكل فعال. واختتم التقرير بثلاث عشرة توصية للسماح بمرور المساعدات الإنسانية والإنمائية.

لكن لم يكن هناك انفراج أو تغييرات في متاهة القواعد والعقوبات للسماح بالإغاثة الإنسانية، بل على العكس، فبينما كانت الحكومة السورية تطرد الإرهابيين من شرق حلب وجنوب دمشق ودير الزور، عرقلت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي كل مساعدات إعادة الإعمار، وعزمت الولايات المتحدة وحلفاؤها على عدم السماح لسوريا بإعادة البناء والإعمار.

يوسع قانون “قيصر” تطبيق العقوبات على المواطنين والشركات ليطال أيّ فرد أو شركة. ويفرض القانون تطبيق القوانين الأمريكية على أي شخص كان، وتتضمن “العقوبات المتعلقة بالأجانب” حظر وحجز ممتلكات وأصول شخص أو شركة تنتهك القانون الأمريكي، ويضاف إلى ذلك غرامة مالية كبيرة.

أضف إلى هذه الهجمات الشديدة أن الولايات المتحدة تضعف العملة السورية وتزعزع استقرارها. ففي أكتوبر من عام 2019، كان الدولار الواحد يساوي 650 ليرة، أما الآن، وبعد مرور ثمانية أشهر فقط، فأصبح سعر الدولار 2600 ليرة، ويعود جزء من ذلك إلى تهديد عقوبات قانون “قيصر”.

ثم إن الضغط الأمريكي على لبنان، شريك سوريا التجاري الرئيسي، هو سبب آخر. عادة ما يكون لبنان الشريك الرئيسي في الصادرات والواردات.

وفي ربيع عام 2019، توعد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لبنان إن لم يغير سياساته- ويعد هذا تدخلاً صارخاً في شؤون لبنان الداخلية- سيلقى العقاب اللازم، وبالفعل في خريف عام 2019 بدأت الأزمة المصرفية في لبنان وسوريا.

ومع انخفاض قيمة العملة السورية، ارتفعت أسعار العديد من المواد بشكل هائل، وأمسى يستحيل الحصول على السلع تامة الصنع والمواد الزراعية والطبية والصناعية وغيرها من المواد الخام.

وتفاقم نقص الغذاء بسبب إضرام النار عمداً في حقول القمح في شمال شرقي سوريا، ما وضع عبءً أكبر على الحكومة في تأمين الخبز. وفي الأسبوع الماضي، حالت مجموعات موالية لأمريكا في لبنان دون وصول شاحنات تحمل مساعدات غذائية إلى سورية.

في هذه الأثناء، احتلت الولايات المتحدة والميليشيات التابعة لها حقول النفط في شرقي سوريا وانتفعت من عائداتها، فيما تعاني الحكومة السورية والمدنيون من نقص حاد في النفط والغاز.

وفي ندوة عقدت عبر الإنترنت في السابع من حزيران الجاري، بيّن الممثل الأمريكي الخاص لشؤون سوريا، السفير جيمس جيفري، بصفاقة سياسة الولايات المتحدة، إذ إنها تسعى إلى منع سوريا من إعادة الإعمار.

وقال “وضعنا عقوبات في قانون قيصر كل ما يمكن تخيله”، ويستثنى من العقوبات محافظة إدلب التي تسيطر عليها “القاعدة” وقوات الإحتلال التركي،وكذلك شمال شرقي سوريا الذي تسيطر عليه قوات الإحتلال الأمريكي وأتباعه الإنفصاليون.

وخصصت الولايات المتحدة 50 مليون دولار لتأمين “المعونات الإنسانية” للمنطقتين، وسيضخ حلفاء الولايات المتحدة مساعدات تقدر بمئات الملايين إليهما، حيث يُضخ الدولار الأمريكي والليرة التركية إليهما كتكتيك آخر لإضعاف العملة والسيادة السورية.

في المقابل، يتعرض الغالبية العظمى- نحو 17 مليون نسمة- للخنق والضرر جراء هذه العقوبات الجائرة.

في بال الولايات المتحدة أهداف عديدة، أحدها منع سوريا من التعافي، وآخر إطالة الصراع وإلحاق الأذى بالدول التي تساعد سوريا. وبكل سخرية ولا أخلاقية، قال المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري: “وظيفتي هي خلق مستنقع للروس هنا”.

في بيان “نهاية المهمة” في عام 2018، كان المقرر الخاص للأمم المتحدة دبلوماسياً وواضحاً بشأن استخدام العقوبات القسرية أحادية الجانب ضد سوريا، وقال: “قد يكون استخدام هذه التدابير مخالفاً للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقواعد والمبادئ التي تحكم العلاقات السلمية بين الدول”.

قانون “قيصر” والديمقراطيون

حثّ صقور اليمين في أمريكا، وخاصة أشد داعمي “إسرائيل”، على الهجمات الإقتصادية وغيرها على سوريا، وضغط إليوت إنجل، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، لإقرار قانون “قيصر” لسنوات، وتم ذلك أخيراً بتضمينه في قانون إقرار الدفاع الوطني لعام 2020.

وفي علامة تبعث على التفاؤل بأن الأحوال قد تتغير، قد يعزل جمال بومان، المرشحُ التقدمي في الإنتخابات القادمة، إليوت إنجل، حيث يدعم إنجل هيلاري كلينتون وغيرها من صقور السياسة الخارجية، لكن حتى تلك الساعة تظل الغالبية العظمى من السوريين ضحايا لأوهام سياسة الولايات المتحدة الخارجية ونفاقها ووحشيتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق