هل ستشهد المنطقة سيناريو جديدا بعد الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان؟
كابول-أفغانستان-21-8-2021
ظل العالم أجمع يراقب سقوط الولايات الأفغانية واحدة تلو الأخرى في أيدي طالبان، دون أن يعلّق أحد على تساقط المدن والمناطق الأفغانية بهده السرعة الدراماتيكية.
هذا المشهد جسد حقيقة التجربة الأمريكية في هذا البلد، على حدّ قول المتحدّثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي عدّت الصراع القائم في أفغانستان الآن صراعاً بين قوّتين تمّت صناعتهما أمريكيا..
.
وقبل ذلك، عبّر أكثر من مسؤول روسي رفيع عن استغرابه من الإنسحاب الأمريكي المتسرّع من أفغانستان بعد حوالي عشرين عاماً من احتلاله، بزعم مكافحة الإرهاب، على خلفية أحداث 11 سبتمبر2001، المثيرة للريبة بحدّ ذاتها.
ما هو السيناريو الذي تبحث عنه واشنطن من وراء هذا الإنسحاب؟ وهل هناك المزيد من الفصول التي سيكون العالم أجمع متفرّجاً عليها؟
بالعودة إلى طبيعة الجهات الأفغانية التي كانت تسيطر على المشهد في أفغانستان حتى وقت قريب، يتضح أن الرئيس الأفغاني أشرف غني تخرّج من الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم انتقل بعدها للحصول على الماجستير والدكتوراه من جامعة كولومبيا الأمريكية، بمنحة دراسية أمريكية، إلى جانب زلماي خليل زاد، السفير الأمريكي السابق في أفغانستان ذي الأصول البشتونية الأفغانية وعرّاب المفاوضات التي جرت في الدوحة، ثم عمل غني مدرساً في جامعة كاليفورنيا، وكان فوزه في الانتخابات الرئاسية في أفغانستان مثيراً للجدل بعد جولة انتخابات أخرى مع المرشح الأول آنذاك عبد الله عبد الله، وبعد توليه الرئاسة بيومين وقع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية التي كان الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي يرفض توقيعها، وقد شرّعت هذه الاتفاقية الوجود الأمريكي في أفغانستان.
وبعدها نسجت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه” شبكة علاقات مع جميع الجهات الفاعلة في هذا البلد، وانتعشت خلال وجودها تجارة المخدرات بشكل كبير، وخاصة مع حركة طالبان التي كانت تسيطر عموماً على الجبال في أفغانستان، ولم يحدث طوال فترة الاحتلال الأمريكي أن اصطدم الطرفان بشكل عنيف نتج عنه خسارة مناطق، أو تغيّر في مناطق النفوذ، الأمر الذي يثير كثيراً من التساؤلات حول الطريقة الدراماتيكية التي تمكّنت فيها طالبان من السيطرة على الولايات الأفغانية المترامية الأطراف وصولاً إلى إسقاط العاصمة كابول في زمن قياسي أحدث مفاجأة للعالم.
وضمن هذه المعطيات، يستطيع المراقب لما جرى أن يستغرب وجود مسلحي طالبان في الشوارع المؤدية إلى مطار كابل على صعيد واحد مع القوات الأمريكية المنسحبة، دون أي دور يذكر للطيران الأمريكي في منع مسلحي طالبان من دخول العاصمة، وذلك في مشهد يؤكد أن ما جرى، برغم كل محاولات التغطية الأمريكية، لا يعدو كونه عملية استلام وتسليم منظّمة تمّت بين الجانبين.
ويبقى الدليل الأكبر على أن ما جرى في أفغانستان مؤخراً ليس حالة طبيعية، هو أن جميع التحليلات تؤكد أن الانسحاب الأمريكي المفاجئ كان هو السبب الرئيسي لسيطرة طالبان على البلاد.