أخبار العالمإفريقيابحوث ودراسات

هل تسفر محادثات بريطانيا السرية عن عسكرة السودان والتدخل الأجنبي؟

6 ملايين شخص تحت وطأة المجاعة في حرب السودان، تلك هي الإحصائيات الواردة بعد أكثر من عام مر على الحرب المستعرة في السودان، والتي توشك البلاد أن تتحول معها إلى “ثاني أكبر أزمة إنسانية في العالم” بحسب وصف المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، في ظل تراكم المعضلات التي تثقل كاهل السودانيين بما تسبب في نزوح أكثر من 8.5 ملايين شخص من منازلهم، وبما يشكل أكبر أزمة نزوح في العالم.

وعلى مدار عامٍ كامل عانى فيه السودان ويلات الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، ظهرت عديد من محاولات الوساطة الإقليمية والدولية، ولقاءات سرية بريطانية لحسم تلك الحرب التي لا تقتصر تداعياتها على الداخل السوداني فحسب، إنما تلقي بمزيدٍ من التهديدات الأمنية خارج الإقليم عموماً حسب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فشظايا هذه النار ستتفجر في كل أرجاء المنطقة في أوروبا و الأكثر في إفريقيا فالبلد الذي تمزقه الحرب صار بؤرة لتفجير الصراع إقليميا وفي خضم هذا الخطر الوشيك نفهم المحادثات السرية البريطانية التي تسعى الى عسكرة المنطقة واحلال التدخل الأجنبي سيرا على بكرة أبيهم أمريكا ومن لف لفها فماذا يريد هؤلاء من شطر العالم وأي وازع لتصدير الحروب وتفجير المعارك في شتى أرجاء القارة يحرك بوصلة سلاحهم؟

امتداد المخاوف لتأثيرات أزمة السودان كان محركاً لعديد من تلك الجهود، سواء على المستوى الأفريقي أو كذلك على المستوى الدولي، والتي كان أحدثها المؤتمر الدولي حول السودان في باريس، ومطالبة المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة  أطراف الأزمة بالعودة إلى طاولة الحوار في جدة من أجل إيجاد مخرج يُنهي تلك الحرب وشددت على أن “الوضع يجب أن يتغير الآن” .

رغم تعدد مساعي الوساطة من اتفاق جدة في 2023 ومروراً بوساطة الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق القارة الأفريقية (إيغاد) ومبادرات دول أفريقية أخرى إلا أن أياً منها لم يكن ذي فائدة حتى لو بإسكات بندقية واحدة.

ازمة السودان التي لا تزال واقفة عند نقطة الصفر وأمام حائط من التحديات. أبرزها عدم وجود أي توافق بين أطراف الصراع قوات الدعم السريع والجيش النظامي أدت الى  فشل كل مساعي السلام والوساطات الدولية حتى الآن لأسباب مختلفة… وهكذا هي السودان في “لعبة الأمم” انقسام وتقاسم وتقسيم لدولة مضطربة وجيش مواز قد يجرها الى بوادر التدخل الأجنبي.

تقول صحيفة “غارديان” إن وزارة الخارجية البريطانية تجري محادثات سرية مع “قوات الدعم” السودانية التي تخوض قتالا شرسا مع الجيش السوداني منذ أكثر من عام، وتواجه اتهامات بارتكاب تطهير عرقي وجرائم حرب.

وأفادت الصحيفة البريطانية بأن مسؤولين بوزارة الخارجية البريطانية يقودون تلك المحادثات مع قوات الدعم السريع، في حين أدانت جماعات حقوقية تلك المحادثات مع القوات المتهمة بالتطهير العرقي وجرائم الحرب.

وأضافت الغارديان أن هذه الأنباء تثير تحذيرات من أن مثل هذه المحادثات “تخاطر بإضفاء الشرعية” على ما وصفتها بالمليشيا السيئة السمعة التي تواصل ارتكاب جرائم حرب متعددة، في حين تقوض مصداقية بريطانيا في المنطقة وفق تعبيرها.

ووصفت إحدى جماعات حقوق الإنسان استعداد المملكة المتحدة للتفاوض مع قوات الدعم السريع بأنه “صادم”، حيث ذكرت الغارديان أن استجابة بموجب قانون حرية المعلومات البريطاني تكشف أن كبار المسؤولين في “وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية” حثوا على عقد محادثات مع قوات الدعم السريع وكانت أحدث هذه المحادثات بين المملكة المتحدة و”الدعم السريع” خلال مارس الماضي.

 وفيما يدفع استمرار الحرب إلى الخطر الأكبر المحتمل والمرجح أحياناً من اتساع دائرة الحرب بدخول أطراف جديدة من قبائل وعشائر السودان وامتداد الاقتتال جغرافيا إلى ولايات كانت مستقرة نسبياً بالمقارنة بالولايات المركزية والغربية.. وتدفع كل هذه الظروف إلى احتمالية التقسيم الجغرافي للسودان .

يبدو أن المحادثات السرية لبريطانيا قدمت مقترحا في مجلس الكومنولث يقضي باستدراج السودان نحو تأجيج الأوضاع اعتمادا على مزيد إرسال شظايا الحرب ليعم كامل الإقليم الجغرافي ثم عسكرة الدولة وهو الورقة الأبرز في هذا المخطط البريطاني كثغرة لإحلال التدخل الأجنبي ليبدو “كأنه مشروع”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − ثمانية =


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق