آسياأخبار العالمالشرق الأوسط

هدوء مشوب بالتوتر يرسم ملامح العلاقات المصرية الإسرائيلية وسط تصاعد الخلافات السياسية وتواصل التنسيق الأمني

تبنّت العلاقات المصرية الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة نمطاً متأرجحاً بين التوتر السياسي والتنسيق الأمني، حيث تكرّرت الإدانة المصرية لممارسات الاحتلال، في وقت حافظ فيه الطرفان على اتصالات متواصلة في قضايا أمنية وإنسانية حساسة، أبرزها ملف الوساطة في غزة.

ففي ظل تصعيد خطابي متبادل، أدانت القاهرة خلال 24 ساعة فقط تصريحات إسرائيلية بشأن ضم الضفة الغربية، إلى جانب انتهاكات متكررة للسيادة السورية. كما عبرت مصر عن رفضها لما وصفته بـ”جرائم الاحتلال” في غزة والضفة الغربية، بينما تحدّثت إسرائيل عن إسقاط طائرة مسيّرة قالت إنها قادمة من مصر، في اتهامات كررتها تل أبيب سابقاً بشأن تهريب أسلحة عبر سيناء.

رغم ذلك، شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على أن بلاده تضع علاقتها مع إسرائيل في إطار معاهدة السلام، مشيراً إلى أن التصعيد الإسرائيلي يلقي بظلاله السلبية على العلاقات، دون أن يمس جوهر السلام. وتتّسق هذه التصريحات مع غياب التمثيل الدبلوماسي الكامل بين البلدين، في ظل عدم تعيين القاهرة سفيراً جديداً لها في تل أبيب، وعدم اعتماد السفير الإسرائيلي الجديد في مصر.

ويتفق محللون مصريون على أن العلاقات تتسم بـ”الفتور والتوتر المدروس”، معتبرين أن القاهرة ترفض جرّها إلى مواجهة مباشرة رغم الاستفزازات المتكررة، سواء عبر التصريحات أو الإعلام العبري. ووفقاً للسفير السابق حسين هريدي، فإن تل أبيب تسعى إلى الضغط على مصر عبر تسريبات تتعلق بتحديث البنية العسكرية في سيناء، وهو ما تتجاهله القاهرة حفاظاً على استقرار العلاقة.

وفي خضم ذلك، لا تزال القاهرة تلعب دوراً محورياً في الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب قطر والولايات المتحدة. وأوضح العميد خالد عكاشة أن مصر تضطلع بمسؤوليات إنسانية وأمنية، تجعل التواصل مع إسرائيل قائماً على مدار الساعة، خصوصاً عبر مكتب الاتصال الأمني المشترك.

وتشير تحليلات خبراء إلى أن تل أبيب تشعر بقلق من تنامي الدور المصري في حشد موقف إقليمي ودولي ضد تهجير الفلسطينيين وتكريس الاحتلال، ما دفعها إلى تصعيد إعلامي يستهدف القاهرة. لكن مصر، وفق الدكتور طارق فهمي، تعتمد سياسة عقلانية تتجنب الصدام، دون التخلي عن مواقفها الصلبة ضد الانتهاكات.

ورغم أن السلام بين الجانبين ما زال قائماً، إلا أن علاقاتهما لم تعد تُختزل في المعاهدة فقط، بل باتت مرهونة بتعقيدات إقليمية واستقطابات سياسية، تجعل من كل مناورات التهدئة أو التصعيد أدوات ضمن لعبة توازن دقيقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق