أخبار العالمإفريقيا

ماذا وراء زعم البنتاغون أن لا دليل على أن المرتزقة السوريين في ليبيا إرهابيون؟

الدكتورة بدرة قعلول: رئيسة المركز الدولي للدراسات الأمنية والعسكرية بتونس

اضطراب كبير وصراع بين ميليشيات “الإخوان” وعصابات السراج على أثر النقص الكبير في الموارد والعجز المالي.. السراج وحكومته في مأزق وجودي.

واللافت للنظر أنه حتى الأموال التي زودت بها قطر السراج خلال زيارة وزير الدفاع القطري لطرابلس لا تفي بالحاجة، فالمأزق المالي بات كبيرا، خاصة لتسديد أموال المرتزقة السوريين الذين لم يتحملوا هذا العجز المالي لأنهم مرتزقة يعملون بمقابل مادي وأصبحوا يرتكبون الجرائم من أجل العيش.

ومن خلال تواصلنا مع مجموعة من شهود العيان في طرابلس أكّدوا لنا أن هناك صراعا وتقاتلا بين المرتزقة السوريين أنفسهم وبين المرتزقة وميليشيات طرابلس من ناحية أخرى، في إشارة إلى أنّ العصابات والميليشيات الليبية ترفض استباحة طرابلس وكذلك التسلط الذي أصبح واضحا للعيان من قبل هؤلاء المرتزقة.

من أهم مظاهر غطرسة المرتزقة الإرهابيين السوريين، أنهم يتجولون بكل أريحية في شوارع طرابلس وعلى متن سيارات عسكرية ليبية، وهم مدججون بالأسلحة، كذلك سطوتهم على منازل الليبيين ومحلاتهم ونهب البيوت والإستلاء على ممتلكاتهم أمام أعين الميليشيات وحكومة الوفاق التي لا تقدر أن تحرك ساكنا خوفا من ردة فعلهم.

كذلك من مظاهر العجرفة والتسيب أنهم يتقاتلون فيما بينهم ويتعاملون بمنطق البقاء للأقوى وبمفهوم قانون الغاب، مما جعل الشعب الليبي ينزح بأعداد كبيرة نحو الشرق الليبي وإلى دول الجوار مثل تونس ومصر، وهذا الوضع المقيت جعل الشباب في طرابلس يخرجون للتظاهر ضد حكومة “الوفاق” التي تستعين بالإرهابيين من أجل السيطرة وقمع الناس، علما أن عديد المدن الليبية وعلى رأسها طرابلس شهدت احتجاجات شعبية رفضا للوضع المعيشي المتردي ورفضا للإحتلال التركي لبلدهم وقد تم قمعهم بشتى الوسائل من قبل حكومة السراج المحتمية بالميليشيات .

ويرجع الإقتتال بين المرتزقة إلى عدم حصولهم على مستحقاتهم المتفق عليها، ومع ذلك لا تتواني تركيا عن ارسال دفعات جديدة من المرتزقة الى ليبيا وذلك طبعا ضمن مهام مخطط لها كتحويلهم إلى الغرب الإفريقي ودول الساحل والصحراء، وكذلك لأداء مهام بعينها في طرابلس وخاصة على الحدود التونسية والجزائرية.

وفي سؤالنا عن المجموعات الإرهابية المدججة بالسلاح التي تتجول بطرابلس، أكد مسؤول رسمي من حكومة “الوفاق” وجودهم وأسماها “بالقوات الأجنبية المساعدة”، وزعم أن عناصرها ليسوا كما يظن البعض بأنهم يستعرضون قوتهم ويستفزون السكان،مدعيا أن خروجهم “من أجل شراء بعض مستلزماتهم اليومية”، مضيفا “أن خروجهم عادي لأن الأوضاع العسكرية قد هدأت ولا توجد جبهات قتال حول طرابلس”!

في المقابل، تم التواصل مع عدد من المواطنين الليبيين من طرابلس وهم ستة أشخاص : أربعة رجال وامرأتان، رفضوا أن نضع أسماءهم خوفا من ردة فعل الميليشيات من تصفيتهم أوتتبعهم من حكومة “الوفاق” وعصاباتها، وسألناهم عن الوضع الميداني في طرابلس وخاصة وجود ما يسمى “القوات الأجنبية” كما يحلوا لمسؤولي” الوفاق” تسميتهم.

كانت الإجابة شبه واحدة بصياغات مختلفة، بأن هناك خرقا كبيرا للسيادة الوطنية وكرامة المواطن الليبي، مشيرين إلى عامل الخوف الذي يشوب الجميع، جراء سطوة الميليشيات السورية على سكان المدينة، إلى درجة أن يصل المرء إلى الإعتقاد بأنه في سوريا وليس في ليبيا.. وما يثير الخوف أيضا هو التصرفات والتحركات الإستفزازية لهؤلاء السوريين المرتزقة والتي تعتبر غير أخلاقية، هي تصرفات مستعمر ويمكن تشبيهها بعصابات الإحتلال الصهيوني في تعاملها مع الفلسطينيين.

كما اعتبر أغلب المستجوبين أن وجود المرتزقة وتحركاتهم في الشارع في طرابلس مستفز للكرامة وللشرف الليبي، فأغلب المواطنين يخافون على بناتهم ونسائهم من أي تحرش مع ملاحظة أن وجوه هؤلاء المرتزقة وتقاسيمها توحي بوحشية كبيرة ومخيفة.

وأكد المستجوبون أن المرتزقة فعلا قد استولوا على منازل أصحابها الذين نزحوا أو سافروا إلى تونس أو مصر، كذلك وصل الأمر بالمرتزقة إلى التعدي على أملاك ومحلات بيع للغذاء أو الملابس وغيرها، فهم يستولون على ما يريدون من دون دفع المال.

وقال شاهد عيان من طرابلس “إنهم فعلا يلبسون بدلات عسكرية لكنهم ليسوا عسكريين، شعرهم طويل ولحي ووسخين، تشم رائحة مقرفة تنبعث منهم، كذلك تلاحظ من مشيتهم أنهم يتناولون المخدرات وليسوا في وعيهم”.

وفي نفس السياق ذكرت العديد من وكالات الأنباء والتقارير أن هناك حالة من الإحتقان تدور بين الميليشيات الليبية والمرتزقة في مناطق وأحياء العاصمة طرابلس خاصة بعد عملية قتل أحد عناصر ميليشيا “صقر الشام” ويدعى “الذيب” والعثور على جثته ملقاة في الطريق بالعاصمة، ما أثار حفيظة المرتزقة السوريين.

وقال المفتش العام بوزارة الدفاع الأمريكية إن تركيا أرسلت ما بين 3500 و3800 مقاتل سوري “مدفوعي الأجر” إلى ليبيا، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، واتهم البنتاغون في 03 سبتمبر 2020 تركيا بإرسال “آلاف المرتزقة” من مسلحي “المعارضة السورية” إلى ليبيا.

ونقلت وكالة “أسوشييتد برس”، عن تقرير البنتاغون الفصلي حول عمليات مكافحة الإرهاب في إفريقيا، أنّ تركيا عرضت الجنسية على آلاف المرتزقة، الذين يقاتلون إلى جانب حكومة “الوفاق” الليبية برئاسة السراج، دعماً لبقائهم في ليبيا.

كما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، بتاريخ 02 سبتمبر 2020 وفقاً للتقرير، أن تركيا عرضت الجنسية التركية على”آلاف المرتزقة الذين يقاتلون مع ميليشيات طرابلس ضد قوات الجيش الوطني”، بقيادة المشير خليفة حفتر، لافتة إلى أن “الجيش الأميركي لم يجد دليلاً على انتماء (المرتزقة) إلى تنظيمات متطرفة مثل (داعش) أو (القاعدة)، مرجحاً أن الدافع الأكثر لهم هو الحزم المالية السخية، أكثر من الأيديولوجية أو السياسة”، وكأنّ البيت الأبيض لا يريد أن يعترف بأن المرتزقة إرهابيون أو أنهم ينتمون إلى تنظيمات “داعش”، بل يريد أن يضعهم في خانة المرتزقة ليبعد بالتالي التهمة عن وكيله التركي في ليبيا وتورطه مع الإرهاب، كما يبعد شبهة التعاون الأمريكي مع وكيله التركي في ممارسة الإرهاب وهو “المحارب العالمي للإرهاب” ضمن سياسة الأمريكان للكيل بمكيالين، في عملية ليّ لذراع الحقيقة.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أكد بالدليل في العديد من المرات أن تركيا تصدر آلاف الإرهاب والإرهابيين إلى ليبيا ، الى أن وصل عددهم الى حدود 16 ألفا، كما أشار المرصد إلى رقم مفزع بشأن الأطفال الذين وصلوا إلى ليبيا إذ بلغ عددهم 340 طفلا من (أشبال الخلافة)، في سابقة من نوعها، وبيّن أيضا الجنسيات المتعددة للمرتزقة، مشيرا إلى أن أغلبهم من شمال إفريقيا يحملون الجنسية التونسية و المصرية والجزائرية والمغربية.

وأوضح أن هؤلاء في أغلبهم كانوا يقاتلون في سوريا وانتقلوا إلى تركيا ومن ثمّ تم نقلهم إلى ليبيا.. وضمن عملية عكسية تم إجلاء أعداد من هؤلاء من ليبيا إلى العراق،واتهم المرصد السوري تركيا بتجارة المرتزقة والتعامل مع الارهاب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق