أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

كيف استهدفت المقاومة اليمنية طريق التجارة الدولية لإسرائيل وقوة المهام المشتركة 153 الدولية؟

تونس 05-03-2024

   مع تزايد​ حدة التوترات والضربات التي توجهها أنصار المقاومة اليمنية ضد كبرى السفن التجارية الأميركية والبريطانية وما ناهز سفن مرتبطة بأكثر من 15 دولة من ضمنها شركات تعد الأكبر بمجال الشحن الدولي “ميرسك” الدانماركية، ومجموعة الشحن الفرنسية الإيطالية السويسرية، وشركة النفط والغاز العملاقة “بريتش بتروليوم” والعابرة في البحر الأحمر كإحدى أهم طرق الشحن في العالم، لإجبار إسرائيل على إنهاء حربها على غزة

ونتيجة لذلك، أعلنت أكثر من شركة ملاحة عن تغيير خططها الخاصة بسير رحلاتها البحرية، بحيث تكون بعيدة عن مسار باب المندب القريب من اليمن، كما أن أسعار النفط بدأت تتأثر، فحملت وسائل الإعلام أنباء عن ارتفاع أسعار النفط أمس الاثنين، بسبب المخاطر التي تهدد ما تعتبره أمريكا وبريطانيا الشريان الحيوي لتجارة الخام الدولية.

يخبرنا التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2022 أن إجمالي التجارة الخارجية لمنطقة البحر الأحمر والمقدرة ب2.6 تريليون دولار تقريبًا، يسيطر النفط على أغلبها إلا أن هذا الرقم قد نزل الى أدنى مستوياته  بالنسبة الى التجارة الخارجية للدول العربية المطبعة مع إسرائيل (مصر، الأردن، الإمارات، البحرين، المغرب، السودان) بالإضافة إلى تركيا التي لها نصيب كبير في العلاقات التجارية مع تل أبيب.

هذا وتتجنب مئات السفن قناة السويس التي تقع في الطرف الشمالي الغربي للبحر الأحمر، وتبحر مسافة 4000 ميل إضافية حول أفريقيا، لتستهلك مزيداً من الوقود، وتضيف 10 أيام من السفر أو أكثر إلى رحلتها الأمر الذي أدى الى ارتفاع صاروخي في أسعار كلفة الشحن والتزود بالوقود والتأمين ضد مخاطر الحرب، الأمر الذي أدى الى وقف طريق الملاحة البحرية وتعليق أنشطة التجارة والملاحة الدولية الى أجل غير معلوم.

يعد مضيق “باب المندب” من أهم المعابر المائية في العالم وقد برزت أهميته بوضوح مع افتتاح قناة السويس عام 1869، حيث أصبح يشكل إحدى الحلقات المهمة للطريق البحري الأقصر الذي يصل بين شرق آسيا وأوروبا والذي يمتد من المحيط الهندي مرورا ببحر العرب وخليج عدن وعبر باب المندب إلى البحر الأحمر ثم البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.

ويحتل مضيق باب المندب الرتبة الثالثة عالميا من حيث عبور موارد الطاقة، بعد مضيقي ملقا وهرمز، حيث تمر منه معظم صادرات النفط والغاز الطبيعي من الخليج العربي، التي تعبر قناة السويس أو خط أنابيب “سوميد”. ويقدر عدد السفن التي تمر عبره بأكثر من 21 ألفا سنويا، بما يعادل 57 سفينة يوميا.

تكمن الأهمية التجارية لمضيق باب المندب بكونه مكملًا لرحلة المرور من قناة السويس، وبدون استخدام باب المندب تفقد قناة السويس ميزة المرور بها، والتي تتمثل في اختصار مسافة وقت المرور، وبالتالي اختزال تكاليف الوقود والنقل.

ولعل أهم ما يمر عبر مضيق باب المندب من آسيا إلى أوروبا هو النفط والغاز، حيث يمر النفط والغاز الخليجيين من قناة السويس وباب المندب إلى آسيا وأوروبا، والمعلوم أن المنطقة العربية تنتج قرابة 25% من النفط العالمي وتنحصر الممرات البديلة للبحر الأحمر في طريق رأس الرجاء الصالح أقصى جنوب القارة الأفريقية، وهو ما سيؤدي لارتفاع تكلفة النقل بسبب طول الوقت المستغرق.

أدركت إسرائيل أهمية الممرات المائية، فعملت على السيطرة على عدد من المنافذ والموانئ الاستراتيجية إما بالاحتلال المباشر، أو بالتنسيق والتحالف مع بعض الدول المطلة على الممرات والمنافذ البحرية الاستراتيجية، ومنها مضيق باب المندب على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.

وإذ يتمتع هذا المضيق بأهمية عسكرية وأمنية، تتطلبها الحاجة للحفاظ على المصالح الاقتصادية وتأمين خطوط التجارة الدولية والبقاء قرب مراكز تصدير الموارد الطاقوية، وترسيخ النفوذ السياسي بالمنطقة الأمر الذي استدعى حرص الدول العظمى على غرار أمريكا وبريطانيا على تثبيت قواعد عسكرية لها في الجزر الواقعة داخل المضيق وفي محيطه وعلى شواطئ الدول المطلة عليه حتى عن طريق إسرائيل.

الاقتصاد الإسرائيلي هو المتضرر الأكبر، حيث تجري الاستهدافات للناقلات المرتبطة بتل أبيب على صعيدي الصادرات والواردات وفي ضوء ما ألم بالاقتصاد الإسرائيلي من خسائر تتعلق بقطاعات السياحة وانخفاض متوقع لمعدلات النمو، فإن عمليات المقاومة اليمنية للحوثي بالبحر الأحمر أدت إلى تأثيرات سلبية على عمل الموانئ الإسرائيلية، وأصبح بعضها خاويا تماما من السفن

إنه واقع تتحكم فيه الهجمات التي ألحقت أذى على الخيط الصهيوني في التجارة الدولية  وهو ما فرض على إسرائيل والمتعاملين معها استخدام وسائل نقل أخرى أو ممرات بحرية بعيدة عن البحر الأحمر، مما يع ني زيادة تكلفة التجارة، وسط توقعات بأن تتأثر تجارة إسرائيل الخارجية بشكل عام في ضوء ما أسفرت عنه تداعيات عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية

ويرى مراقبون أن قيمة التجارة الخارجية لإسرائيل التي بلغت نحو 180.7 مليار دولار عام 2022 وفقا للبنك الدولي يتوقع أن تتراجع  الى أدنى مستوى العام الحالي، وهو ما سيزيد عجز الاقتصاد التجاري لإسرائيل.

لقد كان لإطلاق عملية “حارس الازدهار” كمبادرة أمنية تتكون من قوة حماية بحرية متعددة الجنسيات، تحت مظلة القوات البحرية الدولية المشتركة، و”قوة المهام 153″ التابعة لها بأن أدت الى تصعيد الصراع في منطقة البحر الاحمر لمواجهة الاستهدافات التي تشنها المقاومة حيث  يتخذ الحوثيون جزيرة ميون ،التي تتحكم بالمدخل الجنوبي للمضيق موقعا عسكريا لهم.

تضاعف مستوى التهديد الأمني في البحر الأحمر والمضيق، خصوصا مع دعم إيران لحلفائها الحوثيين بالسلاح والتكنولوجيا والمعدات العسكرية المتطورة، مما مكنهم من تعطيل حرية الملاحة حول المضيق بالنسبة للدول الحليفة لإسرائيل حيث انخرط الحوثيون في القتال الدائر عبر إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه إسرائيل، وأعلنت المقاومة  أن “باب المندب” والمياه المحيطة به سيتم إغلاقها في وجه السفن الإسرائيلية وأي سفن حربية تحميها بشكل مباشر أو غير مباشر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق