قراءة قانونية وعسكرية في استهداف جسر القرم
28-09-2023
الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي
استهدفت أوكرانيا غير مرة جسر القرم منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير عام 2022، ووقعت أبرز هذه الهجمات في 24 أكتوبر 2022، حين زعمت أوكرانيا أنها استهدفت جسر القرم باستخدام صواريخ كروز من طراز توشكا-يو.
ووقع الهجوم الثاني في 20 يوليو 2023، حيث زعمت أوكرانيا أنها استهدفت جسر القرم هذه المرة باستخدام مسيّرات، وحينها أفاد الجيش الروسي أن الهجوم ألحق أضرارًا جسيمة بالجسر، مما أدى إلى إغلاقه لمدة أسبوع.
أما الهجوم الثالث فقد حدث يوم 25 سبتمبر 2023، وزعمت أوكرانيا أنها استهدفت جسر القرم باستخدام صواريخ من طراز توشكا-يو، و أفاد الجيش الروسي أن الهجوم ألحق أضرارًا طفيفة بالجسر، لكنه لم يتسبب في أي إصابات أو خسائر.
بالإضافة إلى هذه الهجمات الثلاث، زعمت أوكرانيا أنها شنت عدة هجمات أخرى على جسر القرم، لكنها لم يتم تأكيدها من قبل السلطات الروسية أو الأوكرانية.
قانونا:
يجادل بعض الخبراء بأن جسر القرم هو هدف عسكري شرعي لأن استخدامه يسمح للجيش الروسي بنقل القوات والمعدات إلى شبه جزيرة القرم، والتي تعتبرها أوكرانيا جزءًا من أراضيها، وأن جسر القرم يعد جزءا من البنية التحتية العسكرية الروسية؛ ولذلك فجسر القرم هو هدف ذو قيمة استراتيجية بالنسبة للجيش الروسي، مما يجعله هدفًا مشروعا جذابًا للاستهداف.
في المقابل، يجادل خبراء آخرون بأن جسر القرم ليس هدفًا عسكريًا شرعيًا، ويؤسس هؤلاء رأيهم علي فكرة “المشاركة المباشرة في العدائيات العسكرية”، فيزعمون أن الجسر لا يشارك بشكل مباشر في العمليات العسكرية، فضلا عن أن استهداف جسر القرم سيؤدي إلى وقوع ضحايا مدنيين كثر، وذلك يشكل انتهاك لمبادئ القانون الدولي الإنساني، وعلي وجه الخصوص مبدئي الضرورة العسكرية والتناسب .
واقعا:
يمكن أن يكون لاستهداف جسر القرم تداعيات كبيرة على القدرات اللوجستية الروسية في أوكرانيا، حيث يوفر الجسر رابطًا حيويًا بين شبه جزيرة القرم، التي تحتلها روسيا، ومناطق أوكرانيا التي تسيطر عليها روسيا، و من خلال تدمير الجسر أو تعطيله، يمكن لأوكرانيا أن تجعل من الصعب على روسيا نقل القوات والمعدات إلى مناطق القتال.
من المرجح أن يكون لتدمير جسر القرم التأثيرات التالية على القدرات اللوجستية الروسية:
- أولا: زيادة الوقت والتكلفة اللازمة لنقل القوات والمعدات الروسية، حيث سيتعين على روسيا الآن استخدام وسائل النقل الأخرى، مثل السفن أو الطائرات، لنقل القوات والمعدات إلى شبه جزيرة القرم، وهذا سيؤدي إلى زيادة الوقت والتكلفة اللازمة لنقل القوات والمعدات، مما قد يؤثر على قدرة روسيا على الحفاظ على تقدمها العسكري.
- ثانيا: أيضا ستكون القوات والمعدات الروسية عرضة للهجوم أثناء نقلها عبر البحر أو الجو، و هذا قد يؤدي إلى خسائر في الأرواح والمعدات، مما قد يضعف قدرة روسيا على القتال.
- ثالثا: زيادة صعوبة التنسيق بين الوحدات الروسية، يعتمد الوحدات الروسية في أوكرانيا على جسر القرم لتلقي الأوامر والتوجيهات من القيادة العليا. إذا تم تعطيل جسر القرم، فقد يكون من الصعب على الوحدات الروسية التنسيق مع بعضها البعض، مما قد يؤدي إلى ضعفها.
- رابعا: زيادة الضغوط على الاقتصاد الروسي، سيؤدي تعطيل جسر القرم إلى زيادة التكلفة الاقتصادية للحرب بالنسبة لروسيا. سيتعين على روسيا الآن استخدام وسائل نقل أكثر تكلفة وكفاءة لنقل السلع والأفراد بين روسيا وشبه جزيرة القرم.
- خامسا: يقينا، ستحتاج روسيا إلى إعادة إمداد وحداتها في أوكرانيا باستمرار بالطعام والوقود والذخيرة. إذا تم تدمير جسر القرم، فسيجعل هذا من الصعب على روسيا إعادة إمداد هذه الوحدات، مما قد يؤدي إلى إضعافها أو إجبارها على التراجع.
