في خطوة للجم أردوغان:الكونغرس يرفع حظر السلاح عن قبرص
واشنطن – الولايات المتحدة – 19-12-2019
أقر الكونغرس الأميركي رفع الحظر المفروض منذ أكثر من ثلاثة عقود على تزويد قبرص بالسلاح، في خطوة لاجمة لسعي أردوغان نحو التوسع في منطقة البحر المتوسط، بعد تهديده بإرسال قوات إلى ليبيا.
ووافق مجلس الشيوخ على القرار بـ 86 صوتاً مقابل 8 أصوات، كبند من ميزانية الدفاع التي أقرها مجلس النواب أيضاً.
وكانت الولايات المتحدة فرضت حظر تصدير أسلحة إلى الجزيرة بأكملها بشطريها التركي واليوناني عام 1987 بهدف منع حصول سباق تسلح فيها، وتشجيع الغالبية اليونانية والأقلية التركية على التوصل إلى تسوية سلمية.
وقالت تركيا إن الخطوة الأميركية ستشكّل “تصعيداً خطيرا”، في ظل تدهور العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، بينما تسعى واشنطن إلى تعزيز علاقاتها مع الجزيرة المتوسطية، في تحدٍ واضح لأنقرة.
ويأتي القرار الأميركي كرد على الخطوة التصعيدية التي اتخذتها أنقرة بتوقيعها اتفاقاً عسكرياً مثيراً للجدل مع ما يسمى رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، ندّدت به دول أوروبية وإقليمية باعتباره ينتهك القوانين البحرية الدولية.
من جهتها تقوم دول الإتحاد الأوروبي حالياً أيضاً بمشاورات لوضع حد للتوسّع الأردوغاني في منطقة شرق المتوسط، التي تشهد أجواءً من التوتر الشديد حول استغلال ثروات النفط والغاز.
وكانت تركيا قد هددت عام 1997 بشن هجوم على قبرص إذا مضت قدما في تثبيت نظام الدفاع الصاروخي “إس 300” الروسي.
واليوم انقلب الوضع، حيث تواجه تركيا خطر فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها لشرائها نظام “إس 400” المتطور من روسيا ، ويأتي ذلك في خضم تطور الأوضاع في شرق المتوسط وماشهده من تصعيد عقب توقيع تركيا اتفاقية مع السراج نهاية نوفمبر الماضي فيما تقدمت قبرص يوم الخميس الماضي إلى مجلس الأمن بمذكرة ضد الإتفاقية.
وقد شهدت مياه قبرص هذا الأسبوع مناورات بين البحرية الايطالية والفرنسية والقبرصية لحماية مصالح شركتي إيني وتوتال العاملة بحقول الغاز في شرق المتوسط في وقت تعترض فيه قبرص مع اليونان وإيطاليا وفرنسا على ماتم توقيعه بين السراج وأردوغان.
وفي سياق ذي صلة، قال باحثان من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في مقالة افتتاحية نشرتها صحيفة “ذا هيل” الأميركية أمس الأربعاء، إنّ بإمكان الولايات المتحدة أن تعرقل خطط روسيا والصين وتركيا في الشرق الأوسط برفع حظر الأسلحة المفروض على جمهورية قبرص اليونانية
. وكتب جوناثان شانزر، نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وبرادلي بومان المدير بمركز القوة العسكرية والسياسية لدى المؤسسة البحثية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها: “في الوقت نفسه، يمكنها تقوية العلاقة الثنائية مع حليف ديمقراطي أوروبي وتعزيز قاعدة إمداداتنا الدفاعية أيضا”.
وتسيطر حكومة القبارصة اليونانيين على المنطقة الجنوبية التي تمثل ثلثي الجزيرة منذ انقسامها في أعقاب الإنقلاب الذي قام به القوميون اليونانيون في العام 1974، وردّا على ذلك، غزت تركيا الجزيرة وأعلن القبارصة الأتراك عن تأسيس جمهورية مستقلة لهم من جانب واحد في العام 1983.
وفي حين التزمت واشنطن بالقيود الدولية التي تمنع بيع الأسلحة إلى حكومة القبارصة اليونانيين، أخذت موسكو تمد الجمهورية بالأسلحة لسنوات، وجنت ثمار ذلك حين وافقت الجزيرة على استخدام السفن العسكرية الروسية لها لإجراء عملياتها في سوريا، وفقا لما كتبه شانزر وبومان.
وتعكف الصين أيضا على تعزيز العلاقات مع الإدارة القبرصية اليونانية، مما دفع بكين إلى وصف نيقوسيا بأنها “شريك استراتيجي”.
وذكر الباحثان أنه من خلال تعديل طرحه الحزبان الجمهوري والديمقراطي بواشنطن في الآونة الأخيرة لرفع حظر الأسلحة، بات أمام الولايات المتحدة فرصة ذهبية لتحسين علاقاتها مع نيقوسيا شريطة أن تحدّ من تعاونها مع منافسي الولايات المتحدة في بكين وموسكو.
ومن شأن رفع حظر الأسلحة أن يكون له فائدة إضافية تتمثل في ردع أي عدوان تركي في شرق المتوسط، حيث أدّى استكشاف موارد النفط والغاز قرب قبرص إلى إذكاء التوترات بين أنقرة ونيقوسيا. وأضاف الباحثان إن معدات الجيش الأميركي بما فيها أجهزة الرادار والسفن والمروحيات قد تساعد نيقوسيا على “حماية ثروتها من موارد الطاقة البحرية المكتشفة حديثا”.