إفريقيا

غموض المواقف إزاء المبادرة المصرية يصب في خانة الموقف التركي

تونس-تونس- 12-6-2020

يبدو الطرح التونسي متماهياً مع الموقفين الجزائري والمغربي، على خلاف الموقف المصري الذي يحاول بعثرة الأوراق السياسية بخصوص الحل في ليبيا،حيث لم تعلق تونس بعد على إعلان القاهرة برغم الترحيب الدولي به من قبل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة.

الموقف التونسي يؤكد دائما على شرعية دولية “منتهية” تقودها الميليشيات المسلحة وتتحكم فيها تركيا ومرتزقتها.
وجاءت المبادرة المصرية الأخيرة لتنفي كل مساعي دول الجوار السابقة واجتماعاتها المتكررة طيلة السنوات الأخيرة..
وعن أفق المبادرة والموقف التونسي، قال الباحث في الشأن الليبي عبد الستار حتيتة، في تصريح خصّ به(ستراتيجيا نيوز): إن آفاق مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتضمن صيغة مهمة للأطراف الدولية، وهذه الصيغة تقول إن الصراع على ليبيا أصبح يتخطى الخطوط الحمراء التي تخص الأمن والإستقرار والسلام في ليبيا ودول الجوار وفي البحر المتوسط وأوروبا أيضا، مرجحا أن يتم التعاطي ، على نطاق واسع ومن القوى الكبرى .

من جهته، قال المحلل السياسي باسل ترجمان، في حديث لـ (صحيفة ستراتيجيا نيوز)إن تونس أعلنت على لسان وزيري خارجيتها ودفاعها قبل أيام قليلة أن موقفها واضح مما يجري في ليبيا ،معتقدا أنها تحاول أن تدفع عبر دبلوماسية هادئة كل الأطراف الليبية إلى العودة إلى الحوار وليس الإصطفاف مع هذا الطرف أو ذاك.
وأفاد ترجمان، بأن بقاء موقف تونس غير المعلن من إعلان القاهرة سيكون له أثر ايجابي أكثر بكثير مما لو أعلنت دعمها لها لأن ذلك سيكون له تأثير عكسي على الحوارات التي تجريها وزارة الخارجية مع الأطراف الليبية .
وأضاف:”لا يمكن وصف الموقف التونسي بأنه تخلف عن دعم المبادرة، بل العكس هو توسيع لفرص نجاح الحوار الليبي- الليبي، وتونس لا تدعم نهائيا الموقف التركي بل تعارضه من خلال المطالبة بسحب كل القوات العسكرية من ليبيا ورفض التدخل الخارجي ودعم حل ليبي- ليبي، بينما الموقف التركي يريد استمرار النزاع وتصعيده عسكريا ليصل إلى حدود توريط دول جوار ليبيا وأساسا مصر في نزاع مسلح مع ميليشيات ومرتزقة وجماعات إرهابية تريد تركيا استعمالها في إطار الخلاف مع مصر وهو ما يهدد الأمن والإستقرار في كامل المنطقة.

ويقول مراقبون إن تونس والجزائر والمغرب تحافظ على علاقات مع كل الأطراف ومؤهلة سياسياً للعب دور فعّال في جمع الفرقاء.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد تحدث هاتفياً،يوم الجمعة الماضي، مع رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون.
وتناولت المحادثة الوضع في ليبيا، وشدد الرئيس سعيد على موقفه المتمثل في أن يكون الحل ليبيّاً
ليبيّاً من دون أي تدخل خارجي، مجدداً موقف تونس المتمسكة بسيادتها كتمسكها بسيادة ليبيا، ولن تكون جبهة خلفية لأي طرف، وذكّر بأن تونس إلى جانب ليبيا هي من أكثر الدول تضرراً من تواصل المعارك والإنقسام.
وتحدث سعيد، أيضا ، مع العاهل المغربي محمد السادس، وقد يكون الطرفان أثارا بالضرورة تطورات الملف الليبي.

أما رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس،بدرة قعلول،فقد استغربت الصمت الرسمي التونسي إزاء المبادرة المصرية لدعم الحل السياسي و السلمي في ليبيا ،معتبرة أن النقاط المدرجة في الإعلان معقولة ويمكن تفعيلها على الارض مثل وقف إطلاق النار وعدم التدخل الاجنبي في الشأن الليبي ووقف التسلح والتخلص من الارهابيين والمرتزقة، وغيرها من النقاط التي من المفيد أن تدعمها رئاسة الجمهورية والدبلوماسية التونسية ودعم أية مبادرة ترمي إلى السلام والمصالحة الليبية وعدم الإصطفاف وراء محاور الشر.


وذكّرت قعلول، برفض البرلمان التونسي التوقيع على مبادرة رفض التدخل الخارجي في ليبيا وإعطاء صوته للتدخل الخارجي في ليبيا ،وبالتالي استغلال الأراضي التونسية لمد الدعم اللوجستي لمرتوقة أردوغان والسراج، لافتة إلى أن الموقف التونسي أصبح لا يخدم مصالح تونس وتعاونها الاقليمي والعربي والدولي، بل أصبح موقفا مضطربا بين الوضوح والغموض، موقفا مرتهنا للجانب التركي ،منتقدة أداء رئيس الدولة قيس سعيد في هذه المسألة التي تهم مصير تونس.
ووصفت رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية، الموقف الرسمي بالجبان ، مشيرة إلى ان ما يحدث هو هروب من تحمل المسؤولية .
ووجهت بدرة قعلول، رسالة إلى الرئيس قيس سعيد مفادها : “نريدك أن تكون صاحب موقف وقرار وكلمة في هذا الشأن بالذات لأن تداعياته خطيرة جدا على بلدنا وعلى الوضع الإقليمي ككل، حتى لا تجد الفتنة والتشتت طريقهما نحونا .. فأن تصطف مع محور فهذه إرادتك، وأنت الذي تؤمن بمصطلح “الإرادة” لكن نريدك أن “تتحمل مسؤوليتك التاريخية في هذه النقطة بالذات”.
وقالت محدثتنا إن تركيا تسعى إلى إغراق المنطقة بالسلاح وبالمرتزقة الإرهابيين ،مايعتبر جريمة في حق تونس وجريمة وخيانة للجارة ليبيا، خاصة أن هناك طبقة سياسية صاحبة قرار قد خانت ليبيا وأسقطتها منذ 2011 و”كأننا اليوم نرى كل المؤشرات تعيد نفسها”!
وتساءلت رئيسة المركز :هل يمكن أن تكون تونس مخزنا للأسلحة والدعم اللوجستي للميليشيات الارهابية في الغرب الليبي؟” وتساءلت:كيف سنتعامل مع واقع ينبئ بالإنفجار في ليبيا ؟

وختمت بالقول، “اقول لك سيدي الرئيس العربي هو العربي مهما اختلفنا معه و التركي و الاوربي هو الغريب مهما كانت مصالحنا معه، فلا تخذلوننا أكثر”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق