عربدة أردوغان والمخاطر على ضفتي المتوسط
طرابلس-ليبيا-10-6-2020
المتابع للأزمة الليبية منذ البداية، يجد أن الرئيس التركي استفاد من الصراع الإيطالي – الفرنسي في ليبيا، حيث تسعى كل منهما لبناء نفوذ خاص، وقد منحت الأولى تركيا الضوء الأخضر لدخول ليبيا لإحداث توازن عسكري بين حكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي، الذي حظي بدعم فرنسي، على اعتبار أن تقدم الجيش الوطنى الليبي يهدد مصالح روما.
ويبدو أن أكثر ما يقلق الجانب الإيطالي هو التسريبات التي تتحدث عن صفقة أو تفاهم تركي – روسي في الملف الليبي على أرضية اقتِسام الكعكة وحفظ المصالح للطرفين ، ومن غير المستبعد أن تكون زيارة نائب رئيس حكومة الوفاق للعاصمة الروسية موسكو في هذا الإطار، لتقديم عرض للروس يحفظ مصالحهم في روسيا ومشاركة شركاتهم في مشاريع البنى التحتيّة، والتنقيب عن النفط، علاوة على الإفراج عن أكاديميين روسيين اثنين جرى اعتقالهما قبل عامٍ في طرابلس وجرى توجيه تهمة التجسس لهما.
وبغض النظر عن لعبة المصالح والمكاسب فإن سيطرة «أردوغان» على الساحل الليبي يجعل أوروبا في مرمى نيران ميليشياته الإرهابية، التي يتجاوز عددها أكثر من 15 ألف عنصر، بالإضافة إلى تحول الساحل إلى نُقطَة انطِلاق مُستَقبلي لمِئات الآلاف من اللّاجئين غير الشّرعيين، حيث تبعد الشواطئ الليبية عن فرنسا وإسبانيا بـ 500 كيلو متر، و200 كيلومتر عن السواحل الإيطالية، لاسيما أن الرئيس التركي، يجيد الضغط على أوروبا بملفي اللاجئين، و«داعش» لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة.
وإلى حد كبير تمكن من فرض سياسة الإبتزاز، ففي عام 2016 عقد اتفاقًا عُرف بـ”إعادة القبول”، يقضي بإنهاء تدفقات الهجرة غير الشرعية من تركيا إلى الدول الأوروبية، وضمان تحسين ظروف استقبال اللاجئين في تركيا؛ حيث يوجد على أراضيها 3.6 مليون لاجئ سوري، مقابل دعم بقيمة 6.7 مليار دولار.
وحصلت تركيا بموجب هذا الإتفاق على مكاسب ومساعدات من الدول الأوروبية، وفي مقدمتها إنجلترا وفرنسا وألمانيا، تنعش اقتصادها المنهك، وتدفقت بالفعل 6.2 مليار دولار مساعدات من الإتحاد الأوروبي.
وأصبح اللاجئون السوريون ورقة الضغط الرابحة في يد «أردوغان»، يلوح بها من وقت لآخر في وجه أوروبا، حال اعتراضها على خططه بشأن سوريا، وأفضت في النهاية إلى الوجود التركي في شمال سوريا، بعد ساعات من انسحاب القوات الأمريكية، على أثر العملية التي شنها جيش «أردوغان» في 11 أكتوبر 2019.
كما لجأ «أردوغان» إلى استغلال «داعش» في تهديد دول الإتحاد الأوروبي، بإعادة سجناء التنظيم الإرهابي إلى بلدانهم الأصلية في الدول الأوروبية، ما يضع الغرب في مأزق بالغ الخطورة أمام شعوبه، لأنهم يشكلون خطرا على أمنها القومي.
وهذا يفسر الدعم والترحيب العالمي الذي لاقته مبادرة «إعلان القاهرة»، التي أعلنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السبت 6 يونيو 2020 ، لحل الأزمة الليبية وإنهاء الصراع المسلح، إذ أشادت دول عربية وغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا والإمارات بالجهود المصرية لوقف إطلاق النار.
محمود البتاكوشي