سفير فرنسي: أوروبا المخدوعة لا تستطيع أن ترى أنها انتهت
لندن-بريطانيا-29-8-2023
اعتبر سفير فرنسا السابق في الولايات المتحدّة، جيرارد أور، أنّ “جميع الدلائل تشير إلى أنّ مستقبل البشرية سيتقرر في مكان آخر”.
وفي مقال له، في صحيفة “تلغراف” البريطانية، قال إنّ “أوروبا المخدوعة لا تستطيع أن ترى أنها انتهت”، مضيفاً: “نحن الأوروبيين لا نزال مقتنعين بمركزية قارتنا الصغيرة ليس فقط في تاريخ البشرية بل في تشكيل العالم اليوم. نحن نفكر في أنفسنا، على أننا نبلاء وأقوياء وذوي نوايا حسنة”.
واستطرد قائلاً: إلا أنّ فترة القوة الأوروبية الحقيقية كانت في الحقيقة “مجرد لمحة تاريخية”، مذكراً بأنّ سيطرة الأوروبيين على العالم كانت بين عامي 1815 و1945، “لكن منذ ذلك الحين وحتى اليوم وقفنا خلف الولايات المتحدة مباشرة”.
ولفت إلى أنّه حتى عام 1650، كان الناتج المحلي الإجمالي للهند، وحتى عام 1750، كان الناتج المحلي الإجمالي للصين أكبر من أي بلد في أوروبا.
لذا في نيودلهي وبكين، “كان ينظر إلينا باعتبارنا الشركات الناشئة خلال فترة هيمنتنا”، لكن بات يُنظر إلى إعادة التوازن الاقتصادي الجارية على مدى العقود القليلة الماضية، بين أوروبا وآسيا، على أنها “مجرد عودة إلى القاعدة التاريخية الطويلة الأمد”.
وأضاف السفير، أن واشنطن ترى أنّ روسيا “قوة إقليمية ومصدر إزعاج”، لكنها “ليست مركز اهتمامها”، بل باتت واشنطن تتطلع إلى وضع حد للحرب في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن “لمواجهة التهديد الحقيقي: الصين”.
وتساءل أور: “هل نحن الأوروبيين قادرون على إثبات أننا ما زلنا مهمّين، وأننا لسنا وجهة سياحية هامشية؟”
وفي إجابته قال: “أشك في ذلك، ولسبب خاص جداً. بصفتي فرنسياً رأى بلاده تفقد قوتها تدريجياً بالتوازي مع انحدارها الديموغرافي، فإنني أعتقد اعتقاداً راسخاً أن الديموغرافيا هي القدر”.
كذلك توقع، أور، أن يزيد عدد الأوروبيين الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاماً عن الضعف في العقود المقبلة، موضحاً أنّ الشيخوخة تعني الإنفاق المتزايد باستمرار على الصحة والمساعدة الشخصية.
والأزمة الديموغرافية بدورها “ستمزق مجتمعاتنا بين الأشخاص في سن العمل والمتقاعدين، في سياق يتمتع فيه الأخيرون بمستوى معيشي لا يأمل الأول في الوصول إليه، في كثير من الأحيان”.
وأكّد السفير الفرنسي السابق، أنّ “الأمر الأكثر حدةً هو أن الأوروبيين سوف يتقاتلون حول مسألة الهجرة. والخبراء واضحون للغاية في تقييمهم: لا يوجد بديل للتغلب على الانحدار الديموغرافي في أوروبا بخلاف الهجرة”.
واعتبر أنّ الهجرة من القارة العجوز “غير مرحب بها بشكل خاص، لأننا نفقد الشباب المتعلمين تعليماً عالياً، الذين يذهبون بشكل أساسي إلى الولايات المتحدة، حيث سيكون لديهم فرص أفضل، سواء كان ذلك في القطاع البحثي أو الأكاديمي أو الخاص”.
وخَلُص في نهاية مقاله إلى أنّ “كل الإشارات تشير إلى توجه أوروبا نحو الداخل، ومن المؤكد أن مستقبل البشرية سيتقرر في مكان آخر”.