زيارة رابعة لميلوني في عام : تونس ضحية نظم اقتصادية عالمية فاقمت الهجرة غير النظامية
إعداد صبرين عجرودي: قسم البحوث والدراسات والعلاقات الدولية 18-04-2024
في زيارة إلى تونس هي الرابعة خلال عام واحد لرئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني بمرافقة وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي ووزيرة الجامعات والبحث آنا ماريا بيرنيني ونائب وزير الشؤون الخارجية إدموندو سيريلي، قامت تونس بتوقيع ثلاث اتفاقيات جديدة شملت ثلاث مجالات أساسية، هي المجال المالي، الطاقة والتعليم العالي والبحث العلمي، وذلك في إطار لقاء مع رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد في قصر قرطاج.
وكانت من بين الملفات الأخرى التي تمّ التّطرق إليها خلال هذا اللقاء هو ملف الهجرة، حيث ميلوني إلى تبني “مقاربة جديدة تجاه افريقيا في هذه المسألة مؤكدة على ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وبذلك تمّ توقيع ثلاث اتفاقيات بما فيها مساعدات بقيمة 50 مليون يورو.
وفيما يتعلّق بتفاصيل الاتفاقيات الموقعة، وقع من طرف الجانب التونسي وزير التعليم العالي والبحث العلمي منصف بوكثير، ومن الجانب الإيطالي وزير التعليم العالي آنا ماريا بيرنيني.
وضمن الشأن الاقتصادي، تمّ إمضاء اتفاقية شراكة بين الجانبين الحكومة التونسية والحكومة الإيطالية بهدف دعم وتعزيز الميزانية العامّة للدولة التونسية في كل من قطاع الطاقة المتجدّدة والنجاعة الطاقية، إلى جانب اتفاقية اخرى مالية بين البنك المركزي التونسي ومؤسسة الودائع والقروض الإيطالية تتعلّق بكيفية دعم وتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة وذلك بحضور سيميست ومدير الشؤون الأوروبية والدولية في CDP باسكوال سالزانو.
من جهته، ركّز رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد خلال محادثته مع رئيسة الحكومة الإيطالية على “موقف تونس الثابت الرافض لأن تكون بلادنا مستقرا أو معبرا للمهاجرين غير النظاميين”.
وضمن بلاغ صدر عن رئاسة الجمهورية شدّد الرئيس في هذا الإطار على “اعتماد مقاربة جماعية لمسألة الهجرة ومحاربة شبكات المتاجرة بالبشر وبأعضاء البشر في جنوب المتوسط وفي شماله، مذكّرا بأن تونس المتشبّثة بالقيم الإنسانية بذلت جهودا كبيرة لرعاية المهاجرين غير النظاميين لكنّها لا يمكن لها كأي دولة تقوم على القانون أن تقبل بأوضاع غير قانونية على أراضيها”.
كما أشار سعيد إلى “أنّ المهاجرين غير النظاميين هم ضحايا نظام اقتصادي عالمي لم تكن تونس سببا من أسبابه بل هي من ضحاياه، فضلا عن أنّ هذه التدفقات على بلادنا بهذا الشكل تدل بكل وضوح على وجود تنظيمات هي التي تقف وراءها”.
ونقل البلاغ أيضا أنّ “اللقاء مثّل مناسبة جدّد من خلالها رئيس الجمهورية الإعراب عن اعتزاز تونس بعلاقاتها التاريخية المتينة مع إيطاليا، والتأكيد على الحرص على مواصلة تعزيز سنّة التشاور والتنسيق وتوثيق روابط التعاون والشراكة وتنويعها بين البلدين الصديقين، في الإطارين الثنائي ومتعدّد الأطراف، خدمة للمصلحة المشتركة للشعبين التونسي والإيطالي”.
من جهتها نقلت وسائل إعلام إيطالية عن رئيسة حكومة بلادهم في نهاية لقائها مع الرئيس قيس سعيد أنّ الاتفاقيات الموقعّة أوضحت “مدى أهمية التعاون مع تونس بالنسبة لإيطاليا من وجهات نظر عديدة. وهي أيضا جزء من العمل الذي تنفّذه إيطاليا من خلال خطّة (ماتي) لبناء تعاون مع الدول الإفريقية على أساس متساو يجلب أخيرا الفائدة للجميع”.
وكّدت ميلوني أيضا على أهمية الطاقة وضرورة بناء تعاون صلب يجمع بين البلدين في هذا المجال، إلى جانب ملف الهجرة غير النظامية الذي يتصدّر أولويات الجانب الإيطالي قالت ميلوني في هذا الخصوص أنّ من الضروري محاربة المتاجرين بالبشر ومنظّمات المافيا التي تستغل التطلعات المشروعة للذين يرغبون في حياة أفضل، مضيفة أنّ العلاقات الاستراتيجية مع تونس أمر في غاية الأهمية وهو إحدى أهم أولويات بلادها، مشيرة انّ العمل بين البلدين يركّز على العديد من الجوانب والملفات.
أمّا فيما يتعلّق بمسألة استقبال تونس للمهاجرين ليتم إعادة ترحيلهم، أيّدت ميلوني الموقف التونسي الذي يرفض أن تكون تونس مركزا لاستقبال المهاجرين قائلة “تونس لا يمكن أن تصبح الدولة التي يُرسل إليها المهاجرون القادمون من بقية دول أوروبا” كما أضافت “نحن في حاجة الى تعزيز التعاون في هذا الشأن كما نريد إشراك المنظمات الدولية والعمل على عمليات الترحيل”، مؤكّدة أنّ بلادها تدعم تدفقات الهجرة المنظّمة وتريد العمل عليها، مشيرة في ذلك الى الاتفاقية في الرابع من شهر مارس الماضي، حيث ينص على دخول 12 ألف تونسي بصفة قانونية إلى إيطاليا.
وكان الرئيس قيس سعيد قد أكّد على موقفه قبيل زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية في رفضه على أن تكون تونس معبرا ومستقرا للمهاجرين غير النظاميين، منتقدا الدور السلبي للمنظمات التونسية في مكافحة الهجرة غير النظامية ولم تقدّم أي حل، بل على العكس تماما ساهمت في مزيد تعقيد الوضع.
بالتوازي مع ذلك دعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الى تنظيم وقفة احتجاجية تم التنديد خلالها بالمعاملة التي يتعرّض لها المهاجرون داخل الأراضي الإيطالية وتغيير وجهة النظر الداعية الى تقديم تونس على حارس لحدود السواحل الإيطالية.