روسيا تنفي الإتهامات الأمريكية بشأن تدخلها في ليبيا
بنغازي – ليبيا – 27-11-2019
علّق ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى على لقاء المشير خليفة حفتر بوفد أمريكي رفيع المستوى، مذكّرا بأن اللقاءات مع الإدارة الأمريكية تُعقد منذ فترة طويلة من أجل إيجاد مخرج للأزمة الليبية ووقف أعمال العنف والحرب .
وأفاد شينكر، بأن الوفد الأمريكي شدّد خلال لقائه بحفتر على حرصه على سيادة ليبيا، وسلامتها الإقليمية، كما حذروه من التدخل الروسي المتزايد في الشأن الليبي..
وجاء اللقاء الذي أثار جدلا واسعا تزامنا مع ارتفاع حدّة القلق الأمريكي من تقارير أكدت أن روسيا توسع تدخلها في ليبيا ،متهما موسكو بمحاولة زعزعة الإستقرار في ليبيا عبر تزايد وتيرة نشر القوات الروسية في ضواحي طرابلس،وفق تعبيره.
ولفت شينكر إلى أن الوفد الأمريكي أكّد على أهمية وقف الحرب، والعودة إلى حل سياسي، مقرّا بأن الجيش الوطني يسيطر على نحو 80% من الأراضي الليبية.
من جهته،نفت روسيا، اليوم الأربعاء، صحة ما جاء على لسان مسؤولين أمريكيين، بشأن تدخلاتها في ليبيا.
ونقلت وكالة سبوتنيك،الروسية عن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، قوله إنه لا يحق للعديد من الدول الحديث عن زعزعة استقرار الوضع في ليبيا بعد أن دمروها بأفعالهم التي تنتهك القانون الدولي، وفق تصريحات على موقع سبوتنيك الروسي.
وقال بيسكوف للصحفيين، معلقا على تصريحات مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، التي قال فيها إن التدخل العسكري الروسي يهدد السلام والأمن والإستقرار في ليبيا، داعيا الدول الأوروبية إلى فرض عقوبات ضد شركة الخدمات العسكرية الخاصة (فاغنر): “ما يقال عن زعزعة هذه الشركات العسكرية للوضع في ليبيا، في هذه الحالة، يمكننا ببساطة أن نقول، إنه لا يحق للكثير من الدول، من الناحية الأخلاقية، الحديث عن زعزعة استقرار الوضع في ليبيا بعد أن دمروها بأفعالهم التي تنتهك القانون الدولي”.
وشدد بيسكوف على أن هذه كلها شائعات كاذبة، ودعا إلى التعامل مع هذا كله على هذا الأساس.
من جهة أخرى، قال المحلل المهتم بالشأن الليبي،عبد الهادي ربيع،في حديث مع صحيفة (ستراتيجيا نيوز)، اليوم الأربعاء 27 نوفمبر2019، إن بيان الخارجية الأمريكية بخصوص اللقاء المذكور مطمئن ومهم،لافتا إلى أن قيادة الجيش الليبي لم تبادر بأي تصريح أو تعقيب عن اللقاء بل لم تنشره في وسائل إعلامها كخبر إستباقي.
وأضاف المحلل السياسي،أن الوفد الأمريكي تشكّل من الخارجية الأمريكية والأمن القومي والطاقة وقيادة أفريكوم ، ما قد يفسّر تطابق وجهة النظر الأمريكية مع رؤية قيادة القوات المسلحة في اعتبار الأزمة الليبية أمنية بالدرجة الأولى وأنه لا وجود لأي دولة أو مسار سياسي أو أية حلول قبل نزع أسلحة الميليشيات،حسب تقيينه..
ولفت محدثنا، إلى أن واشنطن تدرك جيدا أن أسلحة الجيش الليبي أغلبها أسلحة روسية ،ومن الطبيعي وجود تعاون فني بدرجة ما مع روسيا بالإضافة إلى العلاقات التاريخية بين البلدين،ومن الطبيعي أن تبدي أمريكا أن تبدي مخاوفها من عدوها التقليدي روسيا،وفق قوله. .
وتابع، ” لو كان اللقاء يخص الجيش الليبي لأرسلوا ضابطا من الأفريكوم يتفاوض مع حفتر ولكن اللقاء تم على مستوى الدولة ما يعني”أن الطرف المقابل هو الذي يمثل الدولة الليبية الحقيقية”.
ولم يتضمن البيان أية إشارة إلى ما يسوقه الطرف الآخر من” الخوف على الديمقراطية والدولة المدنية وحكم العسكر” وهو ما يعني أنها “جماعة مفلسة على كل المستويات لم تستطع إقناع أقرب حلفائها بخطابها الغوغائي والخشبي”، يقول عبد الهادي ربيع..
من جانبه، علّق إبراهيم الدرسي،عضو مجلس النواب، على اللقاء معتبرا أنه يأتي ضمن التخوف الأمريكي من تنامي الوجود الروسي في ليبيا، حيث تعمل الإدارة الأمريكية على تعزيز تواصلها مع القيادة العامة والتنسيق معها أمنيًا في ليبيا.
وشدد الدرسي في تصريحات إعلامية ،أن اللقاء يعكس الجدّية التي أبدتها أمريكا مؤخرا في معالجة الملف الليبي، وحرص واشنطن على ترسيخ علاقتها بالمشير خليفة حفتر. يشار الى أن اللقاء مع المشير خليفة حفتر جاء بعد زيارة قام بها وفد من حكومة الوفاق إلى واشنطن، لمطالبة أمريكا بمساعدتها على وقف إطلاق النار.
وردّا على الإنتصارات والتطورات الميدانية التي يحققها الجيش الليبي في البلاد قبل معركة دخول طرابلس التي تسيطر عليها المليشيات المسلحة، تسعى حكومة فائز السراج إلى اتفاقية لوقف إطلاق النار.
بدوره،قال عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني، إن الزيارة التي قام بها الوفد الأمريكي للقيادة العامة تأتي بعد زيارة قام بها عدد من المسؤولين في حكومة الوفاق إلى الولايات المتحدة، موضحًا أن حكومة الوفاق تسعى إلى وقف إطلاق النار بكل الطرق.
وأضاف الشيباني، في تصريحات صحفية،أن “قدوم الوفد الأمريكي للقيادة العامة يأتي لمناقشة وقف إطلاق النار وإيجاد تسوية للأزمة ومناقشة الوضع الإنساني في طرابلس والتخلص من الميليشيات الموجودة هناك وبعدها يتم وقف إطلاق النار”.
وأشار النائب إلى أن هذا اللقاء يأتي عقب قناعة من الجانب الأمريكي بأن وجود الميليشيات يتنافى مع بناء واستقرار الدولة، موضحًا أنه هناك مخاوف من الإدارة الأمريكية من الدور الروسي في ليبيا، إلا أن هذه المخاوف ليس لها أساس من الصحة، مؤكدًا أن ليبيا تتعاون مع كل من يقدم لها المساعدة للقضاء على الإرهاب، وفق قوله.
وعلى صعيد المسار السياسي،أثنى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على مبادرة ألمانيا لعقد مؤتمر برلين الذي يجري التحضير لإقامته بهدف إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية.
وقال غوتيرش، خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، إن”المؤتمر الذي يتم الإعداد له في برلين سيكون مناسبة فريدة لجمع كل من لهم تأثير فيما يتعلق بالنزاع في ليبيا ومحاولة الحصول في النهاية على شروط لوقف إطلاق النار ولعملية سياسية قادرة على إحلال السلام في ليبيا”.
وأضاف الأمين العام أن “إحلال السلام في ليبيا سيساهم في استقرار منطقة الساحل وفي تحسين إدارة حياة الناس في المنطقة”،بيد أن عديد المراقبين يستغربون بالفعل استثناء المعنيين بالأزمة وهم الليبيون وكذلك أغلب بلدان الجوار الليبي من حضور المؤتمر،ويرون أن إمكانية الإملاء وفرض الحلول في غيابهم قد لا تؤدي إلى نتيجة فعلي