“خط بارليف” أقوى خط دفاعي عرفه التاريخ… هكذا تحطم وهم الأسطورة
فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية 09-05-2024
إسرائيل ليست قوة بل وهم…
“بارليف”، انها أسطورة ملحمة تروي تاريخ العسكرية المصرية والعربية لكونها أول هزيمة عسكرية لإسرائيل على أيدي العرب، وقضت على أسطورة الجيش الذي لا يقهر باقتحامها قناة السويس واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف واستيلائها على الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونها، وإدارتها بنجاح لقتال شرس فى عمق الضفة الشرقية وعلى الضفة الغربية لقناة السويس… وأفقد العدو توازنه في أقل من ست ساعات.
أُطلق عليه اسم “خط بارليف” نسبة إلى الذي اقترحه رئيس الأركان الإسرائيلي حاييم بارليف، لقد روجت إسرائيل طويلا لخط بارليف على أنه يستحيل عبوره وأنه يستطيع إبادة الجيش المصري إذا حاول عبور قناة السويس، مدعية أنه أقوى من خط “ماجينو” الذي بناه الفرنسيون بعد الحرب العالمية الأولى.
بدأ الهجوم بالضربة الجوية مستغلا عنصري المفاجأة والتمويه العسكريين الهائلين اللذين سبقا تلك الفترة، كما تم استغلال عناصر أخرى مثل المد والجزر واتجاه أشعة الشمس من اختراق الساتر الترابي في 81 موقعا مختلفا وإزالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام مضخات مياه ذات الضغط العالي ومن ثم تم الاستيلاء على أغلب النقاط الحصينة للخط بخسائر محدودة ومن الـ441 عسكريا إسرائيليا تم قتل 126 وأسر 161، بينما لم تصمد إلا نقطة واحدة هي “نقطة بودابست” في أقصى الشمال في مواجهة بورسعيد.
خط بارليف… سلسلة من التحصينات
بعد احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء في مصر… والجولان في سوريا قرر الجيش الإسرائيلي إنشاء مانع كبير بساتر ترابي لمنع عبور الجيش المصري للوصول للضفة الأخرى من قناة السويس، وجهزته ليكون قادرًا على تصدى أي طلق ناري وضم 22 موقعًا دفاعيًا، و26 نقطة حصينة، وزرعت حوله حقول ألغام وأسلاك شائكة، وكان يتراوح ارتفاعه ما بين 20 إلى 22 مترًا وتم إنفاق قرابة 400 مليون دولار عليه، وأصبح أقوى خط دفاعي عرفه التاريخ حيث زعمت إسرائيل أن خط بارليف أقوي من أي محاولة لتدميره ولو بالقنابل الذرية.
اشتد الخناق على الحكومة المصرية وقررت أن تطلب العون من الملك فيصل بن عبد العزيز أل سعود ولم يكن رد الملك فيصل مخيبًا، بل جاء مرحبًا وعونًا لنصرة الأشقاء العرب كما كان يردد دائمًا… وكان للسعودية دور كبير في الانتصار بحرب أكتوبر 1973.
ملحمة حرب أكتوبر: اعترفت اسرائيل بالهزيمة
خلال العام 2018 قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو اعترافا بذكرى حرب أكتوبر بالقول: “قبل 45 عاما أخطأت الاستخبارات العسكرية حين فسرت بشكل خاطئ النوايا المصرية والسورية لشن حرب علينا”.
حين اتضحت صحة تلك النوايا ارتكب النسق السياسي خطأ كبيرا حين لم يسمح آنذاك بشن ضربة استباقية. لن نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى أبدا”… مضيفا: “في نفس الوقت، إسرائيل تتحرك دون هوادة بغية منع أعدائنا من التزود بأسلحة متطورة ف خطوطنا الحمراء أوضح من أي وقت مضى وإصرارنا على فرضها أقوى من أي وقت مضى”.
ويشار إلى أن حرب أكتوبر أو حرب “العاشر من رمضان” والتي تُعرف بالعبرية بحرب يوم الغفران، هي حرب شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973 وهي رابع الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948 وحرب 1956 وحرب 1967.
سجل العسكرية المصرية
في معرض وثائق نشرتها وزارة الدفاع المصرية تحتوي على تفاصيل مهمة متضمنة معلومات دقيقة عن خطة الخداع الاستراتيجي والتخطيط العسكري، وما تضمنه من تنسيقات بين الجبهة المصرية والسورية وقبلها تفاصيل عن حرب 67، و تفاصيل إدارة الحرب حتى وقف النيران والتخطيط لتصفية الثغرة “الخطة شامل وشامل المعدلة”، وفض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية، ودور الإعلام العسكري في حرب 73، والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية ودورها ومذكرات القادة، وفقا لما ذكرته بوابة الأهرام في تقرير.
صاحب فكرة تدمير “خط بارليف”
هو الراحل اللواء مهندس “باقي زكي يوسف”، التحق بالعمل في القوات المسلحة كضابط مهندس عقب تخرجه من جامعة شمس، ونظرا لتخصصه تم تحويله للعمل في السد العالي، وتولى هناك ما يسمى “جراج الشرق” واضعا خطة إستخدام مضخات مياه بضغط عالي لإزاحة الرمال وفتح الثغرات وكان ذلك هو الحل الأمثل لإزاحة الساتر الترابي أمام الدبابات.
إن تخلي إسرائيل عن خط بارليف الحصين على الضفة الشرقية لقناة السويس يعتبر أسوأ نكسة عسكرية أصيبت بها في تاريخها فخط بارليف واحد من أكبر الحصون العسكرية الدفاعية في تاريخ المعارك العسكرية بشكل عام.
بنهاية تلك الفترة من الحرب تهاوت دعاوى التفوق الإسرائيلي التي تمثلت في الجيش الذى لا يقهر، والطيران الإسرائيلي ذي اليد الطولى، وخط بارليف الحصين أقوى الخطوط الدفاعية في العالم، والنقط الحصينة التي تتحمل أقوى ضربات الطيران والمدفعية، وخزانات النابالم التي ستحرق القوات المصرية التي تحاول عبور القناة، ومن ثم ثبت خطأ نظرية الأمن الإسرائيلية وانهار حلم الحدود الآمنة التي تصورت إسرائيل أنها قد حصلت عليها بعد انتصارها الزائف في 1967 ولأن التاريخ يعيد نفسه فقد سجلت عملية طوفان الاقصى ضربة أخرى ضد العدو الصهيوني لكنها مثلت بالأن ذاته نقطة محيرة في ردة فعل القوى المصرية في الذود عن سيادتها وحرمة أرضها أمام الاقتحام الغاشم لمدينة رفح المصرية فأي مجد عربي غدى في مهب الريح أم أن المجد يصنعه فقط الرجال ؟
المصدر: كتاب الطوفان طبعة عام 1974 للكاتب والإذاعي والمراسل الحربى حمدي الكنيسي