جرائم ترتكب في حق الأسير: الاحتلال ينفرد بـ “معتقلي” غزة في “معسكراته النازية”؟
قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية بتعاون مع قسم البحوث والدراسات الأمنية والعسكرية
تونس 13-03-2024
لم يترك الاحتلال “الإسرائيلي” فلسطينيًا في قطاع غزة دون إيذائه، في محاولة منه للانتقام مما فعلته المقاومة الفلسطينية بجيشه في السابع من أكتوبر 2023، حتى المدنيين الذين اختطفهم من غزة في ظل فشله في الوصول لأفراد المقاومة كان لهم نصيب من الإجرام الإسرائيلي.
وآخر فصول الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة ما تم الكشف عنه أخيرًا من قتل متعمدٍ لعشرات الأسرى في المعتقلات ومراكز التحقيق.
ووفقا لما كشف تحقيق لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فإن 27 أسيرًا فلسطينيًا من قطاع غزة استشهدوا، منذ 7 أكتوبر الماضي 2023، نتيجة سوء معاملتهم أو بسبب معاناتهم من الأمراض.
وأوضح التقرير، أن الأسرى الذين أعيدوا إلى غزة تحدثوا عن “المعاملة القاسية”، بما في ذلك الضرب والإساءة على أيدي جنود الاحتلال الإسرائيلي وأثناء الاستجواب.
ونقل التقرير، عن متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، زاعمًا أنه سيتم فتح تحقيق في الشهداء، وقال إن “بعض الأسرى عانوا من ظروف صحية سابقة أو أصيبوا خلال الحرب”.
تعذيب في زنازين تشبه “الأقفاص”
وبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة 240 شهيدًا، وفق نادي الأسير الفلسطيني، وارتقى في السجون الإسرائيلية منذ بدء العدوان على قطاع غزة 10 أسرى من الأسرى المحكومين سابقًا.
وأشار التحقيق إلى وجود أسرى من غزة ارتقوا في أثناء التحقيق معهم داخل السجون الإسرائيلية، حيث نقل التحقيق عن أسرى محررين أن شرطة الاحتلال الإسرائيلي تحتجز سجناء فلسطينيين في زنازين مؤقتة تشبه “الأقفاص”.
وقال مصدر للصحيفة، إن “واحدا منهم على الأقل، وهو مريض بالسكري، توفي هناك بعد عدم تلقي العلاج الطبي”.
وتحدثت الصحيفة العبرية، عن وجود أسرى كانوا مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين طوال اليوم، فيما كشفت الصور التي نشرت كيف يبدو الموقع الذي تم احتجاز الأسرى فيه، كما أضاف مصدر للصحيفة أن جنود الاحتلال كانوا يميلون إلى “معاقبة الأسرى وضربهم”، وهو ما يتطابق مع شهادات الفلسطينيين الذين أعيدوا لاحقًا إلى غزة.
كما وأظهرت صور الأسرى المحررين كدمات وعلامات على معصميهم نتيجة تكبيل أيديهم لفترة طويلة.
ورغم أن هذا التحقيق جاء في صحيفة “إسرائيلية” وليس تقرير دولي، إلا أنه لم يؤثر على استمرار حرب “الإبادة الجماعية” للفلسطينيين في قطاع غزة قصفًا وجوعًا وحتى الأسرى منهم.
ووفقًا لتقرير، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” الذي نشرته “صحيفة نيويورك تايمز” الأسبوع الماضي، فقد “شهد الأسرى المفرج عنهم في غزة بأنهم تعرضوا للضرب والسرقة والتجريد من الملابس والاعتداء الجنسي ومنعوا من الوصول إلى الأطباء والمحامين”.
وأشار التحقيق إلى، أن بيانات مصلحة سجون الاحتلال المرسلة إلى مركز “هموكيد” للدفاع عن الفرد أظهرت أنه حتى 1 مارس كان هناك 793 من سكان غزة محتجزين في سجون الاحتلال تحت وضع “المقاتلين غير الشرعيين”، إضافة إلى عدد غير معروف من سكان غزة المحتجزين في مرافق الاحتجاز العسكرية.
“استمرار النزعة الدموية”
من جهته، قال أسامة الغول من المؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين إن استشهاد 10 أسرى من الضفة وغزة في سجون الاحتلال الاسرائيلي في فترة قياسية من تاريخ الحركة الأسيرة، كفيلًا بالتحذير من خطورة جريمة “الإخفاء القسري” لمعتقلي غزة الجدد وما يمارس من تعذيب في مراكز الاعتقال والتحقيق في الأرضي المحتلة.
وأضاف الغول في تصريح، أن استشهاد 27 أسيرًا فلسطينيًا من غزة في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي بعد أن تم اعتقالهم من قطاع غزة خلال الحرب المستمرة، كشف استمرار “النزعة الدموية” في سلوك عصابات جيش الاحتلال التي لا تلتزم بأية قوانين أخلاقية أو دينية أو دولية، حيث تم منع المعتقلين من حقوقهم كأسرى بما فيها لقاء ذويهم أو حتى لقاء محاميهم أو أي من مندوبي المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر الدولي؛ ما شكل انتهاكًا صارخا لكافة القوانين الدولية التي شرعت حقوقًا للأسرى تحفظ لهم حقوقهم في الاسر والاعتقال.
وأوضح، أن الاحتلال الإسرائيلي يحارب أسرى غزة نفسيًا وجسديًا وانتهاك أعراضهم في أماكن لا يتحكم بها سوى جنود الاحتلال داخل قواعد عسكرية وسجون مركزية، أشبه ما تكون بمعسكرات النازية في عهدها الغابر، وخاصة بعد الكشف عن اغتصاب أسيرتين من غزة.
وأكد الغول، أن التحقيق الذي كشفت عنه إحدى الصحف العبرية يؤكد انتهاكات وصلت إلى حد قتل المعتقلين اثناء التحقيق معهم كما جرى مع معتقلي معسكري “سدي تيمان” و”عناتوت”، بل إن قوات الاحتلال أبقت على المعتقلين في “سدي تيمان” مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين طوال أيام كثيرة دون ماء او طعام، ما يعني نتيجة حتمية للموت البطيء.
وأشار إلى، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يتكتم ويتستر منذ اليوم الأول علي مصير معتقلي غزة الذين اعتقلهم في بداية عدوانه على القطاع، ليحاول من خلال عمليات التعذيب الحصول على اعترافات ومعلومات تساعده في حربه ضد المقاومة وحاضنتها الشعبية، الأمر الذي يكشف عن عمليات ممنهجة ومتعمدة في الاستمرار في نهج الاخفاء القسري لهؤلاء المعتقلين وتعذيبهم دون حسيب أو رقيب.
وأكد، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تراعي أية ظروف إنسانية أو مرضية للأسرى من قطاع غزة، رغم إدراكها لحالات كثيرة تعاني من أمراض تحتاج إلى مراجعات طبية مستمرة أو عناية فائقة. كما لم تقدم العلاج إلى من أصيبوا بنيرانها واعتقلتهم بجراحهم وآلامهم لتشكل بها مزيدًا من الضغوط النفسية والجسدية عليهم، وصولا إلى تأكيد وفاة أحد المعتقلين من مرضى السكري الذي استشهد بسبب عدم تقديم العلاج الطبي له.
وقد كشفت المؤسسات الدولية والحقوقية الفلسطينية أن قوات الاحتلال قد عدلت قوانين عسكرية وأقرت قوانين جديدة أثناء الحرب تمكنها من احتجاز المعتقلين لمدة تصل إلى 75 يوماً دون رؤية قاض، ما يعني مزيداً من التفرد في مصير المعتقلين والسيطرة عليهم وتعذيبهم وقتلهم بعيداً عن أعين العالم.
وأشار مرصد حقوقي إلى أن معسكر “سديه تيمان”، الذي يديره الجيش الإسرائيلي، ويقع بين مدينتي بئر السبع وغزة، ويُحتجز فيه غالبية المعتقلين من قطاع غزة، “تحول إلى سجن غوانتنامو جديد تمتهن فيه كرامة المعتقلين وتمارس بحقهم أعتى أشكال التعذيب والتنكيل في ظل حرمانهم من الطعام والعلاج”.
طالبت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، بضرورة التدخل الدولي للكشف عن السجون والمعتقلات “الإسرائيلية” السرية لمعتقلي قطاع غزة، وذلك بعد تقرير نشرته قناة عبرية حول أصناف التعذيب، المفروضة على الذين اعتُقلوا في السابع من أكتوبر أو طوال أيام العدوان الإسرائيلي.
وبحسب التقارير، لا يوجد عدد دقيق لأعداد المعتقلين من غزة، في حين أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في الأشهر ماضية، أن عدد المعتقلين يبلغ 2300 معتقل، بينما تشير تقديرات إلى أن عدد المعتقلين -من واقع شهادات المفرج عنهم- أكبر من ذلك بكثير، ويصل إلى عدة آلاف.