إفريقيا

جئنا في زمن صعب!


طرابلس-ليبيا-13-5-2020

أي زمن هذا الذي نسمع ونرى فيه العجب العجاب؟ .. نسمع ونكاد نكذب ماسمعنا، ونرى ونكاد نقول لا، إنها ليست الحقيقة حيث إن ما يجري فوق الإستيعاب وفوق طاقة الإنسان لأخذ الحيطة والحذر.
نكابد الحياة بصبر وأناة.. نتجرع كؤوس الحرب المقيتة ملتهمة كل لحظة من حياتنا لتلتهم معها أحلامنا وأمنياتنا.. فهل هناك أفظع من أن تقتلع من بيتك وأهلك وذكرياتك لتهاجر كرها وخوفا؟
هناك تُرغَم على حياة جديدة بلا عمل أو أمل.. فقط إيمانك بالله هو وقودك وزادُكَ.. حياة يستعر فيها الشوق للعودة إلى زمن جميل تستيقظ فيه على رائحة القهوة فترتشفها وأنت مرتاح البال وكأنك ملكت الدنيا بما رحبت..
ياإلهي.. برغم كل الضبابية التي تلف حياتنا في الوطن العربي المنكوب بأيدي أهله وذويه، نستيقظ في يوم عصيب آخر على غول لعين، عدو من نوع جديد ،لا يُرى ولكنه يتربص بنا ، لا نستطيع تحديد مكانه ، ولكنه يستميت ليصل إلى فريسته .. فالعدو الذي تعرفه وتحدد مكانه يمكنك التصويب نحوه وتعد له العدة والعتاد وتؤمن وأنت تحاربه بأنك ستنال إحدى الحسنيين : النصر أو الإستشهاد ، أما هذا العدو فهو بدون مشاعر ، إلا الإنقضاض على فريسته ، وفريسته هي الإنسان فقط ، مهما كان غنيا أو فقيرا، طيبا مخلصا أو شريرا ، يتقلد منصبا، مشهورا أو مغمورا..هذا العدو لا نعرف إلا اسمه : فايروس كورونا .. يتخفى ، يضرب بسوط عذاب ، ينتقي على هواه ، هذا يدخل جسده دون ضرر ، وآخر يحمل معه سياطه لآخرين قد يكونون أقرب الناس إليه فيقضي عليهم واحدا تلو الآخر ليصبحوا عشرات ، فمئات ، ثم آلاف الضحايا ، يحصدهم كما النار في الهشيم ، ينتشر ولا يستريح ..
كورونا يبخل على ضحاياه حتى بالوداع الأخير، والنظرة والكلمات الأخيرة ، ولكن هذا الرعب الدرامي وهذه الصورة المتشحة بالسواد أليس حريّا بمن يصنع السلاح ويعد العدة والعتاد ليدمر الشعوب ، أن يرمي أسلحته في البحر ، ويوفر ماله لمواجهة أعداء الحياة والإنسانية ، وهي المرض والجهل والفقر؟
لماذا لا نحارب الجوع وهو يلتهم مئات الملايين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في زمن صعب عنوانه رأسمالية متوحشة تشن الحروب وتنهب الثروات وتستغل وتحتكر وتدوس على كل القيم والقوانين الإنسانية؟.
وفاء رمضان
طرابلس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق