إفريقيا

تونس:دعوة إلى احترام مربّع الصلاحيات ونواميس الدولة

تونس-تونس-30-4-2020

تحت عنوان: الإتصالات الدبلوماسية تكون بين النظراء،كتب مراد علالة بجريدة(الصحافة) التونسية:


لم تهدأ بعد عاصفة زيارة راشد الغنوشي إلى الباب العالي مطلع العام الجاري ولقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتعدّد الروايات آنذاك حول الصفات وأدوار ومخرجات الزيارة، حتى نكتشف هذه الأيام تواصلا جديدا بين الرجلين بالهاتف هذه المرة، ربما نتيجة إكراهات الكورونا وتعذّر اللقاء المباشر.
المكالمة الهاتفية التي لم نعثر على أثر لها في الصفحات الرسمية لمجلس نواب الشعب وحركة النهضة وراشد الغنوشي نفسه، قرأنا عنها التالي في موقع وكالة الأنباء التركية الرسمية (الأناضول) يوم 25 أفريل 2020 :”بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، هاتفيا السبت، سبل التعاون بين البلدين في مكافحة فيروس كورونا.وبحسب ما نشرته دائرة الإتصال في الرئاسة التركية، بحث الجانبان أيضا العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية”. انتهى الخبر.
والأكيد أن الإجابة المتوقعة عن الإستفسار عن هذا الإتصال “الهام” لن تخرج عن دائرة الحديث عن “الدبلوماسية البرلمانية” وعن مكانة الشيخ الدولية وعن “صداقة” أنقرة للثورة التونسية، على أن أهمية أو خطورة مثل هذه الإتصالات أعمق من ذلك بكثير.
إننا لا نرى مانعا اليوم في تشجيع الدبلوماسية بكل أنواعها وتصنيفاتها، الإقتصادية منها والثقافية والبرلمانية والشعبية والحزبية والنقابية وحتى الإنسانية كما هو الحال مع دور البعثة الطبية التي وجهتها بلادنا إلى الصديقة ايطاليا لمساعدتها في الحرب على الكورونا، لكن، تظل العلاقات الرسمية والدبلوماسية الرسمية اختصاصا حصريا وحكرا على جهاتٍ ومؤسسات بعينها وفق الأعراف والقوانين الجاري بها العمل وعلى رأسها الدستور التونسي.

وبالرجوع الى برقية وكالة الأنباء التركية، نُفاجأ صراحة بأن الرئيس التركي بحث مع رئيس البرلمان التونسي سبل التعاون بين البلدين في مكافحة فيروس كورونا وبحثا أيضا العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية وهي في صميم صلاحيات رئيس الجمهورية.
أكثر من ذلك، لقد جرت العادة في العلاقات الثنائية بين البلدان الصديقة والشقيقة أن يتم التواصل بين النظراء أي رئيس جمهورية برئيس جمهورية ورئيس برلمان برئيس برلمان ورئيس حكومة برئيس حكومة ووزير بوزير إلا إذا كان ثمة تفويض أو تكليف علني واضح وشفاف يجنبنا حينها القول بسقوط بروتوكولي وأخلاقي يمس هيبة الدولة ويبعثر فيها الأدوار والمسؤوليات.
لقد طرحت زيارة راشد الغنوشي إلى أنقرة في جانفي هذا العام وبحدّة، مسألة جمع “الشيخ” لصفتين أو مسؤوليتين من العيار الثقيل هما رئاسة حزب النهضة ورئاسة مجلس نواب الشعب وإن لم يكن ثمة مانع قانوني في ذلك.
وقد تعمّق اللبس من خلال تضارب الروايات، ففي حين أعلمت تركيا عن لقاء جمع السبت 11 جانفي 2011 رئيس الجمهورية التركية برئيس البرلمان التونسي في “جلسة مغلقة” تم خلالها “الحوار حول التطورات الجديدة في المنطقة والتحديات التي تواجهها” قال مسؤول الإعلام بالنهضة إن “زيارة الغنوشي كانت بصفته الشخصية وباسم الحزب وبناء على موعد سابق”، وقال قيادي آخر إنه”هنأ أردوغان بإنتاج السيارة التركية الجديدة”! وقلل قيادي آخر من الزيارة وقال إن الإشكال يكمن فقط في كونها جاءت ساعات قليلة بعد فشل حكومة الحبيب الجملى / حكومة النهضة في نيل الثقة من نواب الشعب!
وكما هو معلوم انتفض نواب الشعب وتمت المطالبة بإقالة الغنوشي أو إرغامه على الإختيار بين رئاسة الحزب أو البرلمان ثم سرعان ما خفت الحديث وأعاد “الشيخ” الكرّة في زمن الكورونا، وستمرّ الحكاية دون شك مرور الكرام ليس فقط بحكم اختلال موازين القوى وإنما لأن مكونات منظومة الحكم تخشى من تحريك المياه الراكدة وتحديد المسؤوليات وتجذير المواقف بشكل قد يكون باهظ الثمن وهو في أقصى وأقسى الحالات لجم “الشيخ” ودعوته إلى احترام مربّع الصلاحيات ونواميس الدولة ولٍمَ لما إعادة خلط الأوراق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق