بعد سليمانى إيران تحت التجربة
عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي
اثأر الهجوم الأمريكي بطائرات مسيرة على موكب قائد الحرس الثوري الإيراني (قاسم سليماني) قرب مطار بغداد الدولي في صبيحة يوم 3/1/2020 و التي ادت الى مقتله و قتل أبو مهدى المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي اثار ردود داخلية و دولية متعددة بين من اعتبرها (خطوة متهورة) من قبل الرئيس الامريكي (دونالد ترامب) و يشعل فتيل الحرب بين الجانبين و دعوات متكررة إلى ضبط النفس و التهدئة و عدم التصعيد العسكري التي سيحرق الأخضر و اليابس و بين من احتفل بمقتلهم بطريقته خاصة ان العلاقات الإيرانية الأمريكية ، و منذ عام 1979 بعد ان قام أصحاب العمائم بمسك زمام السلطة فيها لم تكن في أحسن أحوالها بل كانت يتجه من أسؤ الى أسؤ و كان التهديد و الوعيد و محو الآثار لسان حالهم و لم تكن هناك مواجهة مباشرة بل حرب كلامية أو بالوكالة عن طريق اطراف مواليين لهما و كل منهما يبحث عن منطقة نفوذ له و لكن بعد عام 2003 و تحرير العراق أطلق إيران يدها في المنطقة .
و باتت الحاكم و المدبر لأمور الحكم في العراق و لبنان عن طريق حزب الله و سوريا بعد عام 2011 و إشعال نار الثورة فيها و اليمن عن طريق الحوثيين و صرح المسؤولين الإيرانيين ان أربعة عواصم عربية باتت تحت سيطرتهم و تفعل كل مافي مصلحتها من تنصيب و تأسيس و تدمير و تقتيل و حرب طائفية أمام أنظار أمريكا و العالم الديمقراطي و تكتفي بالاستنكار و التهديد .
مقتل سليماني و المهندس ادخل العلاقات الأمريكية الإيرانية إلى مرحلة جديدة حيث تم عقد اجتماعات في اعلى المستويات و خرجت بيانات استمرار الثورة و الانتقام في اقرب فرصة و ان المصالح الأمريكية ستكون في مرمى نيرانهم و صرح خامنئي أن من دافع سليماني عنهم سيأخذون الثأر و هنا إشارة واضحة على أن إيران لاترغب في المواجهة المباشرة مع أمريكا .
بهذه العملية استعادت أمريكا ثقة مواطنيها أولا بقدراتها العسكرية و الأمنية و أن دماء مواطنيها لاتذهب سدى بل انها خط احمر لايمكن المساس إليه أينما وجدوا و اثبتت للمجتمع الدولي أن أمريكا ستفعل المستحيل من اجل حماية مصالحها و مواطنيها ناهيك عن التأييد الذي أحرزه (دونالد ترامب) لحملته الانتخابية القادمة و ان لسان التهديد و العقوبات الاقتصادية لم تجد نفعاً مع ايران فلا بد من قص أظافرها ليس لأنها عبثت في المنطقة بالخراب و الدمار و توسعت .
بل لأنها وقفت بالضد من مصالحها بعد مرور اكثر من (24) ساعة على مقتل سليماني لا تزال التهديدات مستمرة سواء من الشارع الايراني الغاضب او الحكومة و القيادات المختلفة و لكنها لم تترجم الى ارض الواقع على الرغم من التحفطات الأمنية التي اتخذها امريكا في سفاراتها و شركاتها و معسكراتها المنتشرة في المنطقة .
فإيران في مرحلة التجربة فإما ان تنفذ ما يهدد به طيلة الفترة السابقة و تثبت لشعبها و شعوب المنطقة و العالم بأنها القوة التي لا تستهان بها و تملك أجندات متعددة تستطيع أن تحارب بها أمريكا أو أنها تبقى على لغتها الدارجة و بالتالي ترضخ لمطالب أمريكا بالانسحاب من العراق و سوريا و لبنان و اليمن و تقف عند حدودها المرسومة و التنازل عن السلاح النووي بالالتزام بالاتفاقيات المبرمة في هذا الشأن و تعترف بعدم قدرتها على المواجهة و ان مقتل سليماني كشفت كل أوراقها .
فيما إذا تم إضافة الرأي القائل بأن سليماني أصبح كبش فداء لأسراره التي كان يمتلكها طيلة فترة عمله في المواقع المتعددة و ان قوة إيران و إثبات الوجود تكمن في الرد و إلا سيكون مصيرها التآكل و الحروب الداخلية مثل سوريا و العراق و غيرها من البلدان .