أخبار العالمالشرق الأوسط

أُممٌ تَعْبدُ الجهل وترفض العلم

 نمرود سليمان- سياسي سوري

العالم  مَرَ بتاريخين قبل الميلاد وبعده ، ما يهمّنا تاريخ منطقتنا التي كانت تسمى قبل الميلاد بلاد ما بين النهرين وعليها قامت أول إمبراطورية في التاريخ هي الامبرطورية الآشورية،  وفي نفس المرحلة كانت الإمبراطورية المصرية، وقعت أول معركة في التاريخ بين هاتين الامبراطوريتين اسمها معركة ( قرقر ) انتصرت فيها الإمبراطورية الأشورية .

كانت شعوب هاتين الإمبراطوريتين أكثر شعوب العالم تطوراً في المجالات كافة حيث وضعت الأسس الأولى للحضارة البشرية وقامت بدور المركز العالمي لكل ما هو خيراً للبشرية السبب الأساسي لهذه الانجازات كان الشعب الواحد والانتماء الواحد للأرض والوطن وما الأهرامات في مصر وحدائق بابل المعلقة في العراق إلا دليلاً على ذلك إضافةً إلى غيرهما من الانجازات .

هذه المقدّمة البسيطة تقدم لنا الدليل القاطع بأن شعوب المنطقة كانت الأولى بين شعوب العالم وهم وضعوا الأساس لكل ما نراه اليوم من تقدم وتطور وتكنولوجيا.

بعد الميلاد أختلف كل شيء وانتقلنا من الدرجة الأولى في العالم إلى آخر السلم العالمي لأن الشعب الواحد والانتماء الواحد تحوّل إلى شعوب عديدة وانتماءات أكثر وتخندقت ضد بعضها البعض وسجلت أرقاماً قياسية في عدد الحروب وأعداد القتلى حروب دينية ومذهبية وطائفية وعشائرية وقومية لم تتوقف منذ 2022 عاماً وما زالت مستمرة إلى الآن .

منطقتنا أغنى منطقة في العالم ولكن شعوب العالم تستفيد منها أكثر من شعوبنا لأن عقولنا توقفت عن العمل أصبحنا شعوباً بدون عقول وأصبح القدر هو القائد والموجه والقانون وكل شيء يخص الحياة .

ليست المشكلة في الدين والكتب السماوية بل بمفسري الدين وتجاره الذين قدموا لنا ديناً موازياً للدين الأصلي واستطاعوا إقناع شعوب المنطقة بدينهم الموازي ، بمعنى آخر حوّلوا الدين الى حزب سياسي ومنصة للوصول إلى السلطة، المثقفون في أوروبا استطاعوا تحرير شعوبهم من البطش الديني الذي أوجده  مفسري وتجار الدين المسيحي وعملوا على فصل الدين عن الدولة والمجتمع فأصبحت قارتهم الأولى بالعالم بكل شي ودخلوا عصر الإصلاح الديني وانتقلوا بعده إلى عصر الأنوار .

المثقفون العرب لم يقوموا بالدور الذي قام به أترابهم من الاوروبين بل استطاع رجال الدين الموازي أن يقتلوا كل النُخب التي نادت بالإصلاح الديني وما أكثرهم .

دعونا نتجول في المشهد العربي والإسلامي ونلاحظ التخلف والجهل في المجالات كافة ، في منطقتنا نزلوا الأنبياء كلهم ونحن اشد الناس إيمانا ، الأوروبيون والأمريكان اشد الناس كفراً ( بنظرنا ) لأنهم فصلوا الدين عن الدولة ، ولكن بالمشاهدة نلاحظ هؤلاء الكفار يقدمون لنا كل ما يلزمنا للحياة طائرات – سيارات – كل انواع التكنولوجيا والأدوية والطب..

نحن نقدم القتل والانتحار والذبح ونطلب اللجوء إلى أوروبا وأمريكا والمساعدات الإنسانية ونحن نقدم ملاين الشهداء للحصول على جواز سفر سماوي .

كم قتل العرب من العرب والإسلام من الإسلام خلال السنوات العشر الماضية.

نعم سيقول البعض إنها مؤامرة ونفرض كذلك ولكن لماذا المؤامرة تجري في بلادنا فقط منذ ما بعد الميلاد إلى الآن ، عمر هذه المؤامرة اللعينة لا زال مستمراً منذ 2022 ولم يتوقف ، كل دول العالم حصلت فيها مؤامرة لمدة قصيرة إلا نحن لها بداية بدون نهاية ، نحن بلد الأنبياء لماذا لا ننتج شي ولا نصدر إلا الدم ، لماذا قبل الميلاد كنا أفضل شعوب العالم في كل شي وبعده وصلنا الى لا شيء  ، إنها المؤامرة وكفى  .

لا تلاحظ في الشاشات العربية إلا أصحاب العمامات ، ولا يقر مصير البلد إلا رجل الدين  ، لبنان – العراق – اليمن – ايران – تركيا … الخ إنها المؤامرة ؟

في كل بلدان العالم يوجد جامعة أمريكية أو أوروبية ، وفي كل بلدان العالم يبني العرب والمسلمين جوامع ، إنها المؤامرة ؟

كفى كفى  تعالوا نعمل يد بيد لاخراج عقولنا من سجون بعد الميلاد  وتنتهي المؤامرة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق