الموقف الدولي من التغيرات في المشهد السياسي الليبي
رباب حدادة-باحثة بقسم العلاقات الدولية بالمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية
تشهد الساحة الوطنية الليبية تقلّبات جديدة إحتدّت بتأجيل انتخابات 24 ديسمبر، وتعيش العاصمة طرابلس حالة من التوتر الأمني على إثر تحرك الميليشيات وأبرزها مايعرف بـ”لواء الصمود” بقيادة صلاح بادي الذي هدّد بغلق كافة مؤسسات الدولة في طرابلس “لأنها تشتغل لفائدة الخارج” وعبّر عن استعداد مسلحيه “لخوض معركة التصحيح” و”إبعاد الأجسام المشبوهة” حسب تعبيره.
وحذّرت البعثة الأممية الثلاثاء المنقضي في بيان لها ‘من خطر هذا الاحتقان الامني على المسار الانتقالي وإعتبرت أنها تطورات”لا تتماشى مع الجهود الجارية للحفاظ على الاستقرار وتهيئة الظروف الأمنية والسياسية المواتية لإجراء انتخابات سلمية وشاملة وحرة ونزيهة وذات مصداقية’.
وأفادت البعثة بأن “هذا الاحتقان من شأنه أن يقوض المكاسب الأمنية التي حققتها ليبيا حتى الآن والتي أكسبت الثقة لكبار المسؤولين من جميع أنحاء العالم ومكّنت من حضورهم إلى طرابلس للمشاركة في مؤتمر دعم الاستقرار في ليبيا في تشرين الأول/أكتوبر والذي تكلل بالنجاح”.
كما دعت في بيانها”جميع الجهات الفاعلة الليبية إلى ضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة والعمل معاً لتهيئة مناخ أمني وسياسي يحافظ على تقدم ليبيا ويمكِّن من إجراء انتخابات سلمية وعملية انتقال ناجحة”.
في إطار عمل البعثة قامت المبعوثة الخاصة للامين العام للامم المتحدة ستيفاني وليامز بلقاءات مختلفة مع سياسيين وبرلمانيين وعسكريين،حيث التقت ببعض المرشحين للرئاسة كالمشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ووزير الداخلية الأسبق فتحي باش اغا واستمعت إلى أرائهم وتوجهاتهم العامة وبرامجهم الانتخابية والمصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية وخاصة مقترحاتهم حول الحلول الممكنة لإنقاذ المرحلة المقبلة.
لقاءات مختلفة في مصراتة وبنغازي وطرابلس مع شخصيات لها تأثيرها الواضح في المشهد السياسي الوطني ولقاءات اخرى مع المجتمع المدني وعددا من مسؤولي المؤسسات، تحركات كثيرة لستيفاني ويليامز منذ استئنافها العمل على الملف الليبي تعكس انشغالا دوليا بالقضية التي لها تبعات كثيرة على المنطقة الاقليمية وتتشابك فيها مصالح القوى الدولية فتتضارب احيانا وتتقاطع اخرى لتزيد تعميق مأساة الشعب الليبي.
بعد تفجير خبر تأجيل الانتخابات الذي كان في الحقيقة منتظرا ولكن استمرت الامال في التعلق به إلى اللحظات الأخيرة، أبدت مختلف الدول المتدخلة في الشان الليبي مواقفها التي كانت واحدة في الظاهر وهي استقرار ليبيا لكن النوايا مخالفة.
ومن جهته، اعتبر رئيس الوزراء الايطالي ماريو دراغي إن استئناف عملية التشاور السياسي في ليبيا أمر ضروري وأن الأولوية في الوقت الراهن تتمثّل في تحديد موعد جديد للانتخابات.
أمّا وزيرة الخارجية الالمانية أنالينا بيربوك، فقد عبرت عن قلقها بشأن تأجيل الانتخابات بسبب الغموض في بعض النقاط القانونية وأكدت على ضرورة “التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة من أجل إيجاد توضيح سريع وحتى يمكن إجراء الانتخابات”.
تصريحات دولية عديدة تعكس مخاوف من العجز على استئناف المسار الانتقالي بعد ان تم قطع أشواط هامة في التنظيم للانتخابات.
أمام عزم 2.5 مليون ليبي ممن تسلموا بطاقات انتخابهم على تحقيق الاستقرار في البلاد، على الاطراف السياسية الليبية ان تجد بديلا لاصلاح خارطة الطريق وبلورة حلول توافقية تنهي ازمة ليبيا.