العلاقات السورية- العربية وبوصلة الواقع الميداني داخل سوريا
دمشق-سوريا-05-10-2021
لأول مرة منذ عام 2011، تلقى العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني اتصالا هاتفيا من الرئيس السوري ، بشار الأسد، في خطوة أخرى تعكس تقارب العلاقات بين دمشق وعمان بعد الإعلان عن فتح معبر “جابر” الحدودي واستئناف الرحلات البرية والجوية بين البلدين.
وتندرج مساعي التقارب في العلاقات بين البلدين في إطار مناخ عربي ملائم لعودة سوريا إلى الجامعة العربية حيث تغيرت الأوضاع ميدانيا لصالح الشرعية السورية بعد موجة عاتية من التدخلات الخارجية أمريكيا وأوروبيا وإسرائيليا وعربيا بخلق “معارضات” وتسليح فصائل سورية وضخ إعلامي وحملات تشويه لإسقاط النظام وتدمير المؤسسات السورية.
ولدى الأردن لديه مصالح اقتصادية وتجارية ومائية مع الطرف السوري وهو معني بانسياب بضائع عبر الموانئ السورية وأيضا عودة خط النقل السوري عبر الأردن إلى الخليج العربي.
وكان الأردن يحقق أكثر من 800 مليون دينار واردات عبور عبر المعابر الحدودية، وقد خسر هذه الموارد المالية في ظل أزمة اقتصادية خانقة ومديونية مرتفعة.
إلى جانب ذلك ملف المياه وحوض اليرموك المشترك، وملف الحرب على الإرهاب، وكذلك محاربة تجارة المخدرات التي تشهد عمليات تهريبها تزايداً ملحوظاً على حدود الأردن الشمالية، فضلا عن ملفات الطاقة والغاز المصري والربط الكهربائي الذي يوفر للأردن فرصة لتسويق فائض انتاجه منها إلى لبنان، وربما إلى سوريا.
ويعتبر الأردن الآن، الذي انساق في 2011 إلى مواقف الدول المناوئة للنظام السوري، أن عنصر الأمن في سوريا يمتد تأثيره إلى الأردن الذي يستوعب مليونا و300 ألف لاجئ سوري. وكان رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، اجتمع نهاية الشهر الماضي، بوفد من حكومة النظام السوري، ضم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، محمد سامر الخليل، ووزير الموارد المائية، تمام رعد، ووزير الزراعة والإصلاح الزراعي، محمد قطنا، ووزير الكهرباء، غسان الزامل، وبحث الطرفان حينها، مجالات النقل والتجارة البينية والمياه والزراعة والطاقة، مؤكدين أن “هناك حالة ارتياح لدى الشعب السوري بسبب عودة الزيارات والعلاقات بين البلدين الشقيقين”. وسبق ذلك لقاء بين وزير الدفاع السوري، العماد علي أيوب، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني، يوسف الحنيطي، في العاصمة عمّان.
وكان الملك الأردني خلال لقائه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في يوليو الماضي، قدم “مقاربة أردنية جديدة” ربما تساهم في استيعاب الحكومة السورية، على خلفية أن “هناك أمر واقع جديد، حيث يسيطر النظام حاليا على 90 في المائة من الجغرافيا السورية، وهناك هدوء مقبول وهناك إحساس بأنه لا خيار إلا التعامل مع الحكومة السورية الحالية حتى نضمن حالة الهدوء في المنطقة، وأنه لابد من الحوار مع دمشق تجنبا لأن تكون دمشق عرضة للاستهداف والتأثير من قبل أطراف وقوى إقليمية أخرى”.
وشهد الثامن من سبتمبر الماضي اتفاقا بين وزراء الطاقة في كل من الأردن وسوريا ومصر ولبنان، في اجتماع استضافته عمّان، على خارطة طريق لنقل الغاز المصري عبر سوريا برا إلى لبنان الذي يعاني أزمة خانقة، وتم الاتفاق بين الدول المتجاورة على أن تزوّد مصر لبنان بالغاز من خلال خط أنابيب يعبر الأراضي الأردنية والسورية.
وأصبح الأردن يعتقد أنه لا بديل عن التعامل مع دمشق، ويشاركه هذا الرأي كل من مصر والعراق والجزائر وحتى تونس من خلال اجتماع وزير الخارجية التونسي في مقر الأمم المتحدة بالوفد السوري في الدورة 76 للجمعية العامة.. وشهدت الأيام الأخيرة تصريحات واجتماعات لمسؤولين من دول عربية مع مسؤولين سوريين، حملت رسائل ضمنية وقعت جميعها في إطار تطبيع العلاقات مجددا مع النظام السوري.
وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، قد أكد أن بلاده تعمل على عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، وذلك على هامش اجتماعه بنظيره السوري، فيصل المقداد، خلال الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. كما التقى المقداد، بنظيره المصري، سامح شكري، على هامش الاجتماعات ذاتها.