الشركات العسكرية للقتال الخاصة
قسم البحوث والدراسات- إعداد هادي هادفي
عرف المشهد الدولي تغييرا كبيرا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث لم تعد تقتصر صفة “فاعل دولي” على الدول فحسب، إنما أصبحت تشمل بموجب “اتفاقية لاهاي” لسنة 1956 العديد من المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية وحتى الشركات عبر القطرية الكبرى.
ففي ظل العولمة كان لابد من الاعتراف بهذه الشركات عبر القطرية التي تمارس العديد من الأنشطة الإقتصادية الكبرى ذات الغاية الربحية في مختلف أنحاء العالم.
وبما أن المشهد الدولي يصطبغ بطابع الحرب والنزاعات، عمدت بعض الشركات إلى خوصصة الحروب الدولية والداخلية من خلال إرساء منظومة اقتصادية حربية تقوم على ثنائية العرض والطلب لتحقيق كوكبة من الغايات الربحية المالية.
ومن هنا ظهرت الشركات العسكرية الخاصة كإحدى العناصر الفاعلة في المشهد الدولي والمتدخلة في الشؤون والاستراتيجيات العسكرية[1]، فتساهم فيها إلى حد كبير بطريقة أو بأخرى. ويمكن تعريف هذه الشركات على أنها شركة تجارية خفية الاسم بحيث يتعدد الشركاء والمساهمون في حصصها، لكن تتميز بكونها تكتسي صبغة عسكرية، أو بلغة أخرى، تنبني سياسة العرض والطلب في الشركات العسكرية الخاصة بالأساس على مجموعة من السلع والمنتوجات والخدمات العسكرية لغايات ربحية مالية.
ففي سياق ما يسمى ب”سلعنه” الحروب، بات لهذه الشركات دور فعال في إعانة بعض الدول التي لا تزال ترزخ تحت طائلة الحروب أو تلك التي تعتبر أن مصالحها الخارجية في خطر قريب، وذلك عن طريق توفير الدعم اللوجستي لها من معدات وآلات عسكرية متطورة، أو كأن توفر الدعم البشري بإرسال مجموعة لا بأس بها من الجنود المأجورين لمعاضدة جهود الحكومات أو المعارضة في دحر العدو، أو بإنجاز دورات تدريبية وتكوينية للجنود في المجال العسكري وإدارة الحرب.
وقد غدت الشركات العسكرية الخاصة ذات وزن دولي كبير لاسيما عندما نذكر مجموعة “الفاغنارد الروسية Wagnarأو جنود “المياه السوداء” الموالية للولايات المتحدة الأمريكيةBlack Water.
كان ظهور الشركات العسكرية الخاصة على مرحلتين:
[1]Dupont (Chloé), la participation de personnes privées à des opérations militaires, aspects juridique, thèse, p.26
- – الأولى كانت بعد الحرب الباردة أي بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي الذي مثل أرضية خصبة لظهور القتلة المأجورين خاصة في دول أوروبا الشرقية وآسيا، وتنظيمهم في شركات خاصة للقضاء على ما تبقى من الأحلاف العسكرية للدول المتبنية للنموذج الاقتصادي السوفياتي.
- أما الفترة الثانية فكانت بعد ضربات 11 سبتمبر 2001 التي قادها إرهابيو تنظيم القاعدة ضد الولايات المتحدة الأمريكية، والتي مثلت حسب كل من يورغن هابرماس وجاك دريدا تغييرا في البراديغم[1] السياسي و العسكري للدول. ذلك أن القضاء على الإرهاب في منطقة آسيا و بأخف الأضرار الممكنة بات منذ تلك الفترة الهاجس الرئيسي لضمان الأمن الداخلي و الدولي، و هو ما إستدعى توظيف جهود هذه الشركات العسكرية للقيام بعمليات تمشيط opération de ratissage للتقليص من خطر الإرهاب.
و لتجنب كل لبس في المفاهيم، كان من الواجب تمييز الشركات العسكرية الخاصة عن الجيوش النظامية نظرا لوجود بعض التشابه.
- في التمييز بين الشركات العسكرية الخاصة و الجيوش النظامية :
رغم وجود أوجه تشابه قليلة بينهما خاصة فيما يتعلق بحمل السلاح، إلا أنه ينبغي التركيز على مواطن الإختلاف بين هذين الكيانين العسكريين، حيث يقود البحث المتعمق في هذا المجال إلى الإقرار بتعدد مواطن الإختلاف بين الجيوش النظامية والشركات العسكرية الخاصة.
على مستوى الأهداف:
إن وجود المؤسسة العسكرية النظامية في أي دولة يترجم استقلال الدولة وممارسة لأعمالها السيادية على كامل ترابها الوطني في كنف النظام وحماية لها من أي تهديد داخلي أو خارجي، فالجيش النظامي يهدف إلى الدفاع عن المصالح الداخلية للوطن وضمان الاستقرار فيه تحت علم الدولة المنضوي تحت إسمها.
في حين أن المؤسسات العسكرية الخاصة هي مؤسسات قطرية ولا تتمتع بجنسية واحدة، أي أنها لا تتبع دولة واحدة إنما تحمي المصالح الإقليمية و حتى الداخلية لجميع الدول التي ستلجأ اليها، من أجل هذا الهدف، إلى الشركات العسكرية الخاصة.
[1]Habermas (Jürgen) & Derrida (Jacques), le concept du 11 Septembre
كما يجدر الإشارة في نفس الصدد أن هذه الشركات لها غايات ربحية تتمثل في توفير خدمات عسكرية مقابل أموال باهضة، على عكس الجيوش النظامية التي تراهن على ضمان استقرار البلاد و أمنها من كل عدوان خارجي أو داخلي.
على مستوى الإنتداب:
تختلف طريقة الإنتداب عندما يتعلق الأمر بالإنضمام إلى جيش نظامي عن طريقة الإنتداب المعتمدة من قبل الشركات العسكرية الخاصة، حيث تتمثل طريقة إنتداب الجنود بالجيش النظامي في مناظرات خارجية تفتح لعموم المواطنين الحاملين لجنسية الدولة والذي تتوفر بهم جملة من المؤهلات البدنية والذهنية والذين سيتم فيما بعد إخضاعهم إلى إختبارات شفاهية وكتابية وبدنية قبل أن يقع قبولهم، وهي بطبيعة الحال طريقة الإنتداب المعمول بها في الوظيفة العمومية.
وعلى العكس من ذلك، تكون طريقة إنتداب الجنود في الشركات العسكرية الخاصة بمقتضى “عقد شغلي” يبرمه الشخص الذي يرغب إيجاره لأعمال عسكرية مع الشركة، فالمهم بالنسبة للشركة هو قدرة الشخص على حمل السلاح واستعماله دون وضع شروط تعجيزية ودون إلمام أي اهتمام لجنسيته، خاصة وأن أغلب الشركات العسكرية الخاصة في العالم تضم قتلة من كافة أصقاع العالم خاصة المقاتلين الأفغان والشيشانيين و صربيين و الروس و الأمريكان. ما يجمعهم هو ظروف نشأتهم الصعبة في ظل الحروب والفقر وتسلسل الجرائم المتورطين فيها منذ صغر سنهم.
-على مستوى الميزانية:
تتمتع بعض الشركات العسكرية الخاصة بميزانية فاقت ميزانية الدفاع الخاصة بالعديد من الدول، حيث تشير بعض المصادر إلى أن الفرقة الروسية الخاصة الفاغنر تتمتع بميزانية تعادل تقريبا 90 مليار دولار وهي بذلك تتفوق على ميزانية الدفاع لتركيا المقدرة بحوالي 14 مليار دولار وكذلك ألمانيا 30 مليار دولار والمملكة المتحدة 50 مليار دولار.
وكنتيجة لذلك، تساهم ميزانية الشركات الخاصة في إنتداب العديد من الجنود، ولا خير دليل على هذا من دولة أفغانستان الذي تقلص عدد جنودها النظاميين إلى حدود التسعون ألفا مقابل 113 ألف جندي تضمهم الشركات العسكرية الخاصة المتواجدة في أفغانستان[1].
كذلك تنامى عدد جنود هذه الشركات في العراق ليعادل 50 ألفا من 181 شركة مختلفة مقابل تراجع ملحوظ في عدد جنود الجيش العراقي[2].
[1] Maldonado (Carl Miguel), les sociétés militaires privées et le droit international contemporain : enjeux et perspectives en matière de responsabilité, mémoire, p. 16,21
[2]Ibid.
كما نلحظ أن حجم الإنفاق العسكري لدى الدول كان كبيرا حسب إحصائية “معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام”[1]. حيث احتلت الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الأولى ب 600 مليار دولار تليها الهند في المرتبة الثانية ب 71 مليار دولار وتموقعت ألمانيا في المركز السابع ب 49.3 مليار دولار.
ويبقى السؤال مطروحا بالنسبة إلى حجم الإنفاقات العسكرية للشركات العسكرية الخاصة نظرا لتكتيم كبير عليها.
لهذه الشركات معدات عسكرية متطورة كالدبابات والهليكوبتر الهجومية والأسلحة اليديوية التي إستعمالتها قوات فاغنر في سوريا سنة 2015 في هجوم على قواعد للإرهابيين في حلب.
ومن المؤكد أن حجم الجرايات الخاصة بجنود الشركات العسكرية الخاصة يفوق أضعافا وأضعافا جرايات الجنود النظاميين حيث تصل جراية العنصر الواحد التابع للشركة 1000 دولار في اليوم الواحد[2].
د-على مستوى التوظيف و الحماية :
وجدت حكومات الدول النامية نفسها في حالة ضعف عسكري بعد نهاية النظام القطبي إبان الحرب الباردة وهذا ما دفعها إلى التوجه إلى الأسواق العالمية أين توجد مجموعات مسلحة قادرة على ضمان أمنها الداخلي. ونظرا لقلة عدد جيشها النظامي ونقص تكوينه العسكري، عمدت بعض البلدان إلى توظيف القوات المآجورة في الصفوف الأمامية خلال الحروب الداخلية للخروج بأقل الخسائر البشرية في صفوف جيوشها النظامية. وهذا ما سارت على نحوه حكومة دولة “أنغولا” في سنة 1993 عندما خصصت جزءا من مالها العام لانتداب عناصر من الشركة العسكرية الخاصة المسماة بExecutive Outcomesوالتي ساعدت الحكومة في التخلص من عناصر “الاتحاد الوطني من أجل الاستقلال التام لأنغولا” المسلحة[3].
وكذلك نجد أن القائد العسكري الليبي المشير” خليفة حفتر” قد قام بتوظيف عناصر تابعة لقوات الفاغنر الروسية في الصفوف الأمامية بمبلغ وصل 150 مليون دولار لتنفيذ مهمات ضد عناصر إرهابية متواجدة في ليبيا[4] وهو بذلك تجنب بعض الخسائر البشرية التي من الممكن أن تكبد قواته خسائر مادية وعسكرية.
[1]معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام” يوم 27 أفريل 2020.
[2] Ibid.
[4] https://www.libyaobserver.ly/news/report-haftar-owes-russian-wagner-group-150-million-rift-grows-over-rookie-fighters
فيما يتعلق بنظام الحماية العسكرية، فإن الجيوش النظامية تتلقى أثناء خوضها للمعارك تغطية صحية دورية ومستمرة بالمستشفيات العسكرية الحكومية التي تقوم بمتابعة صحية ونفسية للجندي النظامي، فالجندي الذي يصاب في ساحة المعركة ينقل فوريا لتلقي العلاج ويكون له الحق في التعويض الناجم عن مهمته وهو المبدأ المعمول به في القانون الدولي الإنساني المنبثق عن معاهدة روما 1998[1].
لكن، وعلى خلاف ذلك، يضطر الجنود المأجورين من التابعين للشركات العسكرية الخاصة إلى مداواة وإسعاف بعضهم البعض دون أي تغطية صحية أو نفسية، ودون أي تعويض و ان وقعوا في الأسر فلا يعاملون معاملة الاسرى الحرب. فالجندي المأجور متروك للموت أو التعذيب دون تلقي أي إسعاف، وحتى في صورة وجود إسعافات فإن الأولوية القصوى تعطى للجنود النظاميين المصابين خلال الحرب.[2]
-2– الشركات العسكرية الخاصة، وزن عسكري هائل :
كما ذكرنا في السابق، يندرج دخول الشركات العسكرية الخاصة في المشهد الدولي ضمن سياق سلعنه الحرب وخوصصة العتاد العسكري.
فأينما توجد مسارح للنزاعات المسلحة في أي منطقة في العالم، نجد هذه الشركات ومجنديها المأجورين في الصفوف الأمامية من أجل المال.
وتتسم هذه الشركات بالتعدد دون أي مجال للشك وهو ما يتيح حرية ووفرة الإختيارات للدول وللمنظمات لإستدعاء خدماتهم بحسب العروض المقدمة.
والأكيد أن لهذه الشركات مهام مختلفة تكتسي أهمية بالغة في المجال الحربي فيما يتعلق بتنفيذ الهجوم أو تولي الدفاع أو القيام بتكوين الجنود.
تعدد الشركات العسكرية الخاصة:
تتميز هذه الشركات بكونها ذوات معنوية ذات صبغة عسكرية تسعى إلى تحقيق غايات ربحية، متواجدة في كل أصقاع العالم حيث بلغ عددها فقط في دولة العراق في سنة 2006 حوالي 181 شركة عسكرية خاصة ضمت تقريبا 48 ألف مجند مأجور[3].وعرف عددها نسقا تصاعديا مما جعل عددها الحقيقي لا يحصى ولا يعد.
[1] Statut de Rome 1998, CPI
[2]Guys you are destined for war , Combattant from the Russian Mercenary Group
[3]Carette (Alexandre), Mercenaires et sociétés militaires privées depuis la fin de la guerre froide, analyse de la recrudescence de l’industrie militaire privée, mémoire, p.85
من خلال هذا البحث سنسعى إلى التطرق لأهم الشركات العسكرية الخاصة حول العالم على سبيل الذكر وليس على سبيل الحصر، وهي الشركات العسكرية الخاصة الأنجلو سكسونية، الروسية، الآسيوية، الإفريقية قبل أن ننتهي مع الشركات العسكرية الخاصة العربية.
الشركات العسكرية الخاصة الأنجلو سكسونية :
لا شك أن أقوى الشركات المختصة في المجال العسكري في العالم هي الشركات الأمريكية لاسيما أنها تتمتع بميزانية هائلة تسمح لها بإمتلاك أسلحة حربية متطورة إضافة إلى تميزها بالجهوزية البدنية والذهنية لمقاتليها، ويؤكد بيتر سينغر على الدور الإستراتيجي الكبير الذي تخوضه هذه الشركات في رحلة حماية المصالح الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية فيقر بأن وزارة الدفاع الأمريكية قد أبرمت بين سنتي 1994 و2002 أكثر من 3 آلاف عقد مع الشركات العسكرية الأمريكية بلغت 300 مليار دولار لإنجاز مهمات خارجية.[1]
ونذكر على سبيل المثال:
– البلاك واتر Black Water :
هي شركة عسكرية أمريكية تأسست عام 1997 على يد إريك د. برنس Erik D.Princeوتضم أكثر من 25 ألف مقاتل، إضافة إلى تمتعها ب 20هليكوبتر حربية مما يسهل قيامها بالعمليات العسكرية المناطة بها[2].
ويقارب الدخل السنوي لهذه الشركة ال 768 مليار دولار وهو مدخول مهوول مقارنة ببقية الشركات العسكرية.
قادت هذه الشركة عمليات عسكرية عديدة في العاصمة العراقية بغداد في شهر سبتمبر لسنة 2007 وصفها الصحفي الأمريكي “جيريمي كاهيل” بالعنيفة استهدفت مواقعا لتنظيمات إرهابية لكن دون تجنب وقوع ضحايا من مدنيين[3]. كما إستهدفت أيضا نفس القوات مواقعا قيل للإرهابيين المتواجدين في سوريا في سنة 2017.
في الواقع، لا يقتصر عمل البلاك الواتر على تنفيذ الهجمات ضد مواقع تهدد المصالح الأمريكية فحسب بل تقوم أيضا بمراقبة المواقع والمراكز التابعة للولايات المتحدة الأمريكية وتأمين سلامة كبار الشخصيات الأمريكية في الخارج.
[1]M. PeterSinger
[2]Maldonado (Carl Miguel), les sociétés militaires privées et le droit international contemporain : enjeux et perspectives en matière de responsabilité, mémoire, p51
[3]Scahill (Jeremy), Black Water : The rise of thr world’s most powerful mercenary
كما تقوم الفرقة بعمليات تكوين القوات العسكرية والشرطة للحلفاء الاستراتيجيين لأمريكا في إطار تعاونيات ثنائية.
ولعل إلتجاء الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الشركة العسكرية يجد تفسيره في رغبتها في التملص من المسؤولية الجزائية عند ارتكابها لجرائم دولية في الخارج وهو الأمر الذي قد يضعها في إحراج كبير أمام المجتمع الدولي.
– ام بي أر أي MPRI :
شركة عسكرية أمريكية وهو الاسم المختصر ل
Military Professional Resources Incorporated
ويقودها الضباط الساميين المتقاعدين للجيش الأمريكي كان على رأسها القائد السابق للجيش كارل دي فونووتأسست سنة 1987 ومقرها في فيرجينيا
وتنقسم الشركة إلى ثلاثة فروع:
- الفرع الأول يطلق على نفسه مجموعة الوطن Nation Groupيعمل على دعم وزارة الدفاع الأمريكية وصياغة إستراتيجيات مكافحة الإرهاب.
- 2- الفرع الثاني يطلق عليه اسمالمجموعة العالمية International Groupويقوم بإقتراح خدمات عسكرية للدول الأجنبية بعد موافقة الحكومة، ويوجه هذا المقترح للدول التي تعيش فترة إنتقال ديمقراطي.
- 3- الفرع الثالث يلقب بمجموعة الدعم والذي يعمل على النهوض بالاستراتيجيات العسكرية والأمنية للدول الحلفاء لأمريكا من خلال دورات تكوينية[1]. وقد ساهمت هذه الشركة في تكوين الجيش الكرواتي وتطوير تكتيكاته الحربية في صد الهجومات خلال حرب إسترجاع كراجين.
–داينكورDynCorp :
هي شركة عسكرية أمريكية مقرها في فيرجينيا ومختصة في التكنولوجيات العسكرية والأمنية، وتضم الشركة حوالي 26 ألف موظفا ويقدر دخلها ب 2،3 مليار دولار.[2] أدت هذه الشركة العديد من المهام لعل أبرزها عصرنة المنظومة الرقمية والإعلامية لجهاز ال FBI، كما قامت بصنع أجهزة تقفي على الحدود المكسيكية للتصدي لشبكات التهريب
[1] Ibid.
[2]Maldonado (Carl Miguel), les sociétés militaires privées et le droit international contemporain : enjeux et perspectives en matière de responsabilité, mémoire, p.61
علاوة على أنها ساهمت إلى حد كبير في تكوين عناصر الشرطة البوسنية بعد الحرب الأهلية التي عاشتها البلاد سنة 1993 وكذلك الشرطة الهايتية بعد الانقلاب على السلطة في البلاد خلال التسعينات.
وقد كان لعناصر الداينكور عمليات ميدانية تمثلت في المشاركة في عمليات ضد شبكات تهريب المخدرات في كل من البيرو والإكوادور وكولومبيا.
–كي بي ار KBR :
شركة أمريكية تأسست سنة 1919 بمدينة أوكلاهوما ضمت 50 ألف جندي مأجور خلال الحرب على العراق ويقدر مدخولها ب 7،3 مليار دولار.
– ساندلاين Sandline :
شركة عسكرية بريطانية مقرها لندن تأسست في 1990 اقتصرت مهامها على معاضدة المجهودات الأمنية في التصدي لشبكات التهريب.
توقف نشاطها في 16 أفريل 2004.
- جي 4 اس Group 4 Securicos :
ويلقبونها أيضا ب G4S وهي شركة عسكرية بريطانية متواجدة تقريبا في 125 دولة و تضم 600 ألف مقاتل و يتراوح دخلها السنوي بين 4.3 و 8 مليار أورو
تقوم هذه الشركة بإسداء مجموعة مم الخدمات الأمنية والعسكرية، حيث عولت المملكة المتحدة على خدماتها لتأمين الألعاب الأولمبية التي أقيمت في لندن سنة 2021. [1]
الشركات العسكرية الخاصة :المثال الروسي
رغم القوة العسكرية الهائلة التي يحظى بها الجيش الروسي، إلا أن الرئيس فلاديمير بوتين لا يزال يعتمد وبكل سرية على قوات الفاغنر Wagner الخاصة عند رغبته في حماية المصالح الروسية في الخارج. ولئن لم يتم الاتفاق على اليوم أو السنة التي تأسست فيها هذه الشركة، إلا أن أغلب المصادر تؤكد على أن أول ظهور لقوات الفاغنر كان خلال الصراع الروسي الأوكراني في سنة 2014 حين استهدفت مجموعات من جنسيات أوكرانية، أفغانية، شيشانية، ألبانية وروسية
[1]https://www.cairn.info/revue-infelxions-2007-1-page-107.htm
مواقعا للجيش الأوكراني في إقليم دونستيك ساهمت في معاضدة الخطوط الهجومية للقوات الروسية.
وتشير المصادر بأن قائد هذه الشركة العسكرية هو من المقاتلين السابقين في منطقة دونباس شرق أوكرانيا، في حين أن التأسيس كان على يد العميد السابق في الجيش الروسي “ديمتري أوتكين” المهدد بعقوبات أمريكية على خلفية جرائم قيل إنه إرتكبها في أوكرانيا.
ويبلغ عدد جنودها المأجورين اليوم حوالي 5000 عنصرا من بينهم 3 آلاف تم إرسالهم إلى سوريا لمساعدة النظام السوري على إعادة الاستقرار في البلاد ولتأمين المنشآت النفطية والغازية التابعة لشركة “إسفروبوليس” الروسية المتواجدة على التراب السوري.
نفذت مجموعة فاغنر العديد من المعارك على الأراضي السورية دعما للنظام السوري ضد بعض الجماعات الإرهابية، وقد نجحت في توفير التغطية الترابية والجوية تمهيدا لدخول قوات النظام السوري إلى مناطق كانت قد احتلتها جماعات إرهابية خاصة في حلب سنة 2019.
ورغم هذه النجاحات العسكرية إلا أن قوات فاغنر تكبد خسائر بشرية واستراتيجية لاسيما في هجوم نظمته على مواقع أمريكية في سوريا وضد نقطة تمركز لقوات سوريا الديمقراطية الكردية سنة 2018 تسببت في مقتل المئات منهم وفشل المهمة.
وتحول مؤخرا المئات من قوات فاغنر إلى ليبيا لتنفيذ مهمات عسكرية هادفة إلى دعم قوات المشير خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق غرب ليبيا.
وقد أرست القوات 15 منظومة دفاغ جوي روسي وتموقعت في مناطق الجفرة وودان وسوكنه أين أحدثت غرف عمليات، هذا مع سيطرتها على قاعدة الواو الجوية.
وقد تسببت هجمات أمريكية وتركية أستهدفت مواقعا لجنود حفتر في مقتل 7 جنود من قوات فاغنر في ليبيا سنة 2019.[1]
الشركات العسكرية الخاصة :المثال التركي
بات اسم شركة “السادات” SADAT التركية للاستشارات الدفاعية الدولية الأمنية الخاصة من أبرز الحاضرين في المشهد الدولي. وهي شركة تأسست من قبل 23 ضابطا تركيا يوم 28 فيفري 2012 يرأسها الجنرال التركي المتقاعد” عدنان تنريفردي” الذي يشغل رئيس مجلس إدارة هذه الشركة. وتضطلع هذه الشركة بالعديد من المهمات العسكرية كالمشاركة في عمليات ميدانية تخدم المصالح التركية والقيام بعمليات تدريبية عسكرية واستشارات استراتيجية. وتعتبر هذه الشركة الذراع العسكرية التابعة للرئيس التركي رجب طيب أوردوغان في الخارج والتي تقوم بتنفيذ أعمال غير شرعية من الصعب عليه ارتكابها في العلن
[1]المرصد السوري لحقوق الإنسان
وليس من الغريب أن يصدر الرئيس التركي قرارا بتعيين مؤسس هذه الشركة بهيئة السياسات الأمنية والخارجية لتركيا.
وقد افتتحت هذه الشركة مكاتب عديدة للتسجيل ولتجنيد المرتزقة في منطقة درع الفرات السورية وساهمت في أكثر من مرة في عمليات هجومية ضد قوات النظام السوري، علاوة على إرسالها إلى اليمن للقتال ضد قوات إماراتية وسعودية بالمنطقة برواتب تفوق رواتب الذهاب إلى ليبيا.
كما أرسلت السادات نحو 17000 مقاتل إلى ليبيا لمساندة حكومة السراج غرب ليبيا منهم 6000 مرتزق سوري مع تجهيزهم بمعدات عسكرية متطورة[1]
الشركات العسكرية الخاصة: المثال السويدي
لم تكن البلدان الإسكندنافية في معزل عن الشركات العسكرية الخاصة، ذلك أن الشركة السويديةSecuritasقامت بتوفير خدمات عسكرية ذات أهمية في المنطقة.
فهي موزعة على 49 دولة معظمها في أوروبا الشرقية ويقدر دخلها السنوي ب 295 مليار دولار[2].
الشركات العسكرية الخاصة: المثال الإفريقي
لعل أبرز الشركات الإفريقية في هذا المجال هي شركة The Executive outcomesالتابعة لحنوب أفريقيا والتي تم تأسيسها عام 1989 على يد القائد إيبين بارلو Eben Barlow. حيث خاضت الشركة عمليات عسكرية في أنغولا سنة 1993 لحماية منشآت نفطية في سويو، كما تورطت في الحرب الأهلية التي اندلعت في السيراليون سنة 1990. إضافة إلى أنها ساهمت في حراسة مناطق الذهب في ناميبيا وبوتسوانا مع تدريب جنود كل من دول: الموزمبيق، مالاوي، زامبيا وأوغندا.
وقد أعلن القائد بارلو على إعادة نشاط الشركة وتوفير خدماتها للدول الإفريقية وأكد على أن أولى أبوابها ستكون في الموزمبيق أين توجد جماعات إسلامية تهدد البلاد.[3]
[1]Middle East Eye
[2] www.g4s.com
[3]http://www.upstream.com/
الشركات العسكرية الخاصة: المثال العربي
نظرا للصراعات الموجودة في منطقة الشرق الأَوسط و اليمن، ارتأت بعض الدول العربية حماية مصالحها الخارجية لكن بطريقة غير مباشرة من خلال اللجوء إلى خدمات شركةArab Vinnell and Riyadالسعودية و التي يكون دخلها السنوية ب 77 مليون دولار.
– تنوع مهمات الشركات العسكرية الخاصة:
على خلاف دورها التقليدي المتمثل في المشاركة الميدانية في الحروب والنشاطات العسكرية، تضطلع الشركات العسكرية الخاصة بالعديد من المهمات الأخرى التي لا تقل أهمية.
معاضدة العمليات العسكرية :
كما أشارنا في السابق، قد تضطر الحكومات إلى الإستنجاد بخدمات هذه الشركات على أرض الميدان من خلال إبرام عقود معها لتوفير رصيد بشري يساهم في إتمام العمليات العسكرية ضد الإرهابيين مثلا أو لإخماد نار المعارضة المسلحة.
حيث تحظى هذه الشركات برصيد بشري هائل يخول لها المشاركة في مثل هذه المهام نذكر مثلا مشاركة فرقة ال executive outcomes في أنغولا و خوضها لحروب مباشرة مع جماعات مسلحة معارضة للحكومة الأنغولية.
الإستشارة العسكرية :
نظرا لما تتمتع به من خبراء استراتيجيين وعسكريين، تقدم بعض الشركات العسكرية نصائح وتكوين عسكري للبلد الذي يطلب هذه الخدمات.
وتتمثل هذه الخدمات في:
-المساعدة و تدريب الجنود حيث تساهم هذه الشركات في إنجاز دورات تكوينية متعددة للجيوش النظامية خاصة بالدول النامية و ذلك من خلال عمليات بيضاء أو تدريبات بدنية و ذهنية، وتعد شركة MPRIمن أكثر الشركات تخصصا في هذا المجال
– كما تساعد الشركات العسكرية في جلب و شراء الأسلحة للحكومات ذلك أنها تملك الدراية الكافية و الشافية في كيفية استخدام الأسلحة إضافة إلى المعرفة التقنية بها.
شركةLevdanهي الرائدة في هذا المجال
-المساعدة في التحليلات الإستراتيجية و المواقع الهجوم و التمركز العسكري.
المساعدة اللوجستية:
تقدم هذه الشركات مجموعة من الخدمات المتمثلة في نقل المعدات العسكرية، أدوية أو أكل و طعام للجنود، كما توفر الحماية المدنية لبعض المناطق الخاضعة للحروب.
كما تقوم بمجموعة من الأنشطة بعد تجاوز فترة الحرب المتمثلة في إعادة إصلاح البنى التحتية للمنطقة و فك الألغام.
مؤسسةDynCorpهي الأكثر إختصاصا في هذا المجال.
الأمن المدني:
تستنجد بعض الدول بهذه الشركات من أجل حماية مواقع معينة أو بغية تأمين تظاهرات أو حفلات، إضافة إلى توفير الحماية الجسدية للأشخاص والممتلكات.
ونذكر مثلا إهتمام لندن بشركةG4Sلتأمين الألعاب الأولمبية التي أقيمت على أرضها سنة 2012.
الوقاية من الإجرام:
وذلك من خلال جمع معلومات حول جماعات إجرامية تستهدف شركات ومنظمات دوليةمنظمة حلف شمال الأطلسي استنجدت بالBlackWaterفي العراق وسوريا لجمع معلومات حول مواقع الأعداء ومخططاتهم[1]
الشركات العسكرية الخاصة و القانون :
بما أن القانون يمثل مجموعة القواعد العامة والملزمة والمجردة التي تهدف إلى تأطير وتنظيم الظواهر لتجنب أي شكل من أشكال الفوضى، فإنه ليس من المفترض أن تبقى الشركات العسكرية الخاصة دون نص صريح ينظمها وينظم أشكال وكيفيات عملها على أرض الواقع.
[1]https://www.cairn.info/revue-infelxions-2007-1-page-107.htm
ورغم بقاء القانون ولاسيما القانون الدولي في حالة صمت بخصوص هذه المسألة، إلا أنه توجد مجموعة من النصوص الدولية والتشريعات الوطنية التي تشير بطريقة غير مباشرة إلى هذه المسألة إما بالمنع أو بالإباحة.
لذلك سنسعى من خلال هذا البحث إلى التطرق لجملة النصوص التي تساهم بشكل أو بأخر في تنظيم وجود الشركات العسكرية الخاصة.
الشركات العسكرية الخاصة والقانون الدولي:
إن القانون الدولي هو مجموعة القواعد العرفية التي تنظم علاقة الدول ببعضها البعض، بالمنظمات الدولية، بالمنظمات غير الحكومية أو حتى الشركات عبر القطرية.
ومن المفترض أن يتدخل القانون الدولي من أجل تنظيم الشركات العسكرية الخاصة، إلا أن المواقف والخلافات الدولية والسياسية كانت من العوامل التي حالت دون وجود نصوص تنظمها، فكل قوة تعمل وفقا لما تمليه عليها المصلحة في غياب نص قانوني واضح و صريح.
ورغم كل الاختلافات السياسية والاستراتيجية حول التوافق على نص ينظمها من عدمه، غير أن البحث المتعمق يقودنا إلى مجموعة من النصوص الملزمة التي تشير ضمنيا إلى ضرورة منع القتلة المأجورين، ونجد من جهة أخرى نصوصا أخرى في شكل وثائق غير ملزمة للدول تنظم عمل الشركات العسكرية الخاصة وأخرى تنظم عمل الشركات الأمنية الخاصة.
تأكيد المعاهدات الدولية على منع توظيف القتلة المآجورين :
كما ذكرنا في السابق، غابت النصوص القانونية الدولية التي تنظم صراحة وجود مثل هذه الشركات، لكن وبما أن أغلبها تضم مجموعة من الأشخاص المأجورين للتدخل في ساحات القتال مقابل أجر مالي باهض، فإن بعض المعاهدات الدولية ذهبت إلى تحديد صفة القاتل المأجور وذهبت أخرى في منع وجودها.
من يتمتع بصفة القاتل المأجور؟ أعطى الفصل 47 من البروتوكول الأول لاتفاقية جنيف المؤرخة في 12 أوت 1949، وهي الاتفاقية التي نظمت وضعيات المدنيين والأسرى والمقاتلين وغيرهم خلال النزاعات المسلحة، ستة خصائص لكي يعامل الشخص على أساس أنه قاتل مأجور خلال الحرب.
وهي خصائص حصرية ويجب أن تتوفر جميعا في القاتل المأجور المتورط في الحرب، أي أن غياب أي شرط أو خاصية من الخاصيات المذكورة فإن الشخص المعني سيقع معاملته على أساس مقاتل أو مدني حسب القانون الدولي الإنساني الذي يقع تطبيقه في صورة النزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي CAIوفي صورة النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدوليCANI.
- يجب أن يكون الشخص منتدبًا لخوض حرب في بلد ما أو في الخارج للمشاركة في نزاع مسلح.
- أن يشارك مباشرة في النزاع و الصراعات.
- أن يشارك في الصراع من أجل امتياز شخصي أو وعد به من قبل أحد أطراف النزاع أو باسمه، وذلك مقابل مبلغ مالي أعلى من راتب المقاتل العادي في الجيش.
- أن يكون من خارج الدولة الواقع على أرضها النزاع المسلح أو غير مقيم فيها.
- أن لا يكون منضويا تحت أي طرف في النزاع.
وقد تبنت كل من معاهدة منع القتلة المأجورين في أفريقيا المنبثقة عن منظمة الوحدة الإفريقية 3 جويلية 1977 وكذلك المعاهدة الدولية لمنع إنتداب، توظيف، تمويل وتوجيه القتلة المأجورين المؤرخة في 4 ديسمبر 1989 نفس التعريف المقدم من قبل معاهدة جنيف،لكن الأخيرة أضافت أربعة خصائص أخرى تغاضت عنها الأخيرة:
- أن يكون الشخص منتدبا في بلد ما أو في الخارج للمشاركة في عمل قائم على العنف يهدف إما إلى إسقاط النظام أو المساس بقواعد دستورية للدولة وإما إلى المساس بسيادة الدولة عبر الدخول إلى ترابها.
- أن يكون الشخص مشاركا في هذا الفعل/الهدف من أحل الحصول على مقابل مادي أو بعد تلقي وعد به.
- ألا يحمل جنسية البلد الذي وقع ضده هذا الفعل/الهجوم
- لم يقع إرسال الشخص في إطار مهمة رسمية من قبل دولة ما…
ويمكن تفسير منع بعض المعاهدات الدولية والإفريقية لظاهرة استخدام بعض الأطراف للقتلة المأجورين بما يمكن أن يمثله هؤلاء من خطر كبير على أمن الدولة وسيادتها وقدرتهم على زعزعة استقرارها خاصة و أن التمويلات الخفية لهذه الشركات تتيح لها اكتساب أقوى الأسلحة و أعتى العتاد الحربي لدرجة أن الدول النامية غير قادرة على مجابهتها.