أخبار العالمالشرق الأوسط

“عباس أترك لنا هذه اللحظات التاريخية وغادر فهناك جيل مقاومة سيفتك القدس”

فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية

عباس اترك لنا هذه اللحظات التاريخية وغادر فهناك جيل مقاومة سيفتك القدس ” بهذه الكلمات عبر الكاتب ورئيس تحرير صحيفة القدس العربي.

“فصائل المُقاومة الفِلسطينيّة ” حقّقت انتِصارًا تاريخيًّا أُسطوريًّا في هُجومها السبت قبل الماضي على أهدافٍ إسرائيليّةٍ عسكريّةٍ أذلّت الجيش الإسرائيلي، وفضحت هشاشة استِخباراته، وألحقت بدولة الاحتِلال، وبإعترافِ جِنرالاته في مُؤسّساتها العسكريّة، أضخم هزيمة في تاريخها، عندما حرّرت مُعظم الجنوب الفِلسطيني، واخترقت السّياج الحاجِز في ثمانين موقع، وقتلت 2000 إسرائيلي (حتّى الآن)، وأصابت  لكثر من4000 آخَرين، وأسَرت 200 بينهم جِنرالات كِبار، وهذه الحصيلة من الخسائر لم يَحدُث نِصفها في جميع حُروب الجُيوش العربيّة مع دولة الاحتِلال التي كلّفت المِليارات تسليحًا وتدريبًا وتمويلًا على مدى 75 عامًا.

لقد كان من المتوقع ان يستغل عباس، اللّحظة التاريخيّة لحلّ سُلطته، وإعادة مفاتيحها إلى بنيامين نِتنياهو، وإنهاء التّنسيق الأمني، وإعطاء الأوامِر لقوّات الأمن الفِلسطينيّة للانضِمام إلى كتائب المُقاومة في الضفّة الغربيّة، والانحِياز إلى خندق الشّعب الفِلسطيني انتصارًا لقضيّته العادلة، تمامًا مثلما فعل أبطال حركة “فتح” وقِيادتها أثناء الانتِفاضة المُسلّحة الثانية عام 2000، ولكنّه فعل العكس تمامًا ورضخ لوزير الخارجيّة “اليهودي” الأمريكي وإملاءاته، فليس هُو من هذا النّوع من السّياسيين الذين يتّخذون مِثل هذه المواقف الوطنيّة المُشرّفة، والأكثر من ذلك أنه يُصِرّ على أن يموت خائنًا للأسف.

ما ترتكبه دولة الاحتِلال الإسرائيلي من حربِ إبادةٍ وتطهيرٍ عرقيّ، وجرائم حرب، ومجازر ضدّ أكثر من مِليونيّ مُواطن فِلسطيني في قِطاع غزّة المُحاصَر المُجوّع كان، وما زال، يُشكّل فُرصةً ذهبيّةً لـ”الرئيس” الفِلسطيني محمود عبّاس للوقوف إلى جانب شعبه، واتّخاذ كُل الإجراءات اللّازمة للتصدّي لهذا العُدوان، وتطهير نفسه، وسُلطته من كُلّ الخطايا التي ارتكبها طِوال الثّلاثين عامًا الماضية بالعودة للوقوف في خندق المُقاومة، ووضع الخِلافات جانبًا، ولو مُؤقّتًا، ولكنّ ما فعله، ويفعله، مُعاكسٌ لذلك تمامًا، ورشّ المزيد من المِلح على الجُرح الفِلسطيني النّازف، وتصرّف مِثل الأمين العام للأمم المتحدة، بل أسوأ، عندما ساوى بين العدوّ الفاشيّ، والمُقاومة الشّريفة عندما أدانَ الجانبين وقتْل المدنيين في صُفوفهما، فمِنً المُؤكّد أنّ من يُقدِم على هذا السُّلوك فاقِدُ الأهليّة القِياديّة والنفسيّة.

ففي اتّصالٍ هاتفيٍّ مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، قال “الرئيس” عبّاس، وحسب النّص الرسمي الذي بثّته وكالة الأنباء الرسميّة التّابعة لسُلطته “أن سياسات حركة حماس وأفعالها لا تُمثّل الشّعب الفِلسطيني”، واعتبر أنّ “سياسات وبرامج مُنظّمة التّحرير هي التي تُمثّل هذا الشّعب باعتِبارها المُمثّل الشّرعيّ الوحيد له”.

لو قال الرئيس عبّاس إن سِياسات وأفعال حركة “حماس” لا تُمثّل سُلطته، في مُحاولةٍ من جانبه للتنصّل من هذا الانتِصار الكبير، وغير المسبوق، الذي حقّقته المُقاومة، لوجدنا له بعض العُذر، ولكن أن يقول إنها لا تُمثّل الشّعب الفِلسطيني فهذا أمْرٌ مُعيب ومُخجِل، علاوةً على كونه يفتقد للدقّة والموضوعيّة، فسُلطته، ومنظّمة التّحرير الحاضنة الحاليّة لها، لا تُمثّل الشّعب الفِلسطيني، ولا تنطق باسمه، ويَنظُر إليها مُعظم هذا الشّعب نظرةً مُفعمةً بالاحتِقارِ والتّخوين والوقوف في خندقِ الاحتِلال، وتعمل كأحد أدواته، فمن لا تُحرّك دِماء الكرامة، والعزّة، والنّخوة، والوطنيّة في شرايينه وهو يُشاهد 700 شهيد من أطفال شعبه و2500 من أمّهاتهم وآبائهم وأشقّائهم وشقيقاتهم، ويهرع كـرئيسٍ للوقوف في خندقهم لا يستحقّ لقبه ومكانته، بل يجب أن يُرجَمَ بالحِجارة.

خلاصة

من لا يقف في خندق الشّعب الفِلسطيني في هذه اللّحظة التاريخيّة، ويحتفل معه في انتِصاره، ويتعاطف مع شُهدائه وأسراه، ويتمسّك بالاستِمرار بدوره كأداةٍ للاحتِلال لا يحقّ له أن يتحدّث باسم هذا الشّعب، والادّعاء، بل والتجرّؤ على تمثيله، والرّحمة لأرواح الشّهداء، والدّعاء بالنّصر لكُل المُقاومين الشّجعان الذين يُضحّون بأرواحهم ودمائهم نُصرَةً لقضيّتهم العادلة….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق