أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

السلاح والهوس الأمني الإسرائيلي: عقدة خوف لشعب جبان

إعداد: فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية

مراجعة: الدكتورة بدرة قعلول

تونس 28-11-2023

  في تقرير صادر عن هيئة الأعلام الرسمية الصهيونية أشار الى أن الحكومة الإسرائيلية تنفق حوالي  ثلاثين مليار شيكل، أي أكثر من ثمانية مليارات دولار لتطوير أنظمة الدفاعات الصاروخية، مضادة للصواريخ في السنوات العشر القادمة.

 معلومة أثارت إستغرابا حول الهوس العسكري الصهيوني في انفاق مدخراته لأجل امتلاك وتطوير السلاح في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل أزمات خانقة تجاه الشعب الإسرائيلي.

هذا وتملك إسرائيل عدة أنظمة فعالة مضادة للصواريخ، من بينها نظام القبة الحديدية، ومقلاع داود وإضافة إلى نظام باتريوت الأميركي المعروف، خطة ستغطي عموم كيان الإحتلال، وستشكل درعا واقية من الصواريخ التي تعتبرها الدولة اليهودية أكبر تهديد عسكري لها، خاصة في العقدين القادمين.

يعترف قادة الجيش الإسرائيلي بأن نظامي القبة الحديدية ومقلاع داود لا يحققان نسبة عالية من النجاح في اعتراض وإسقاط الصواريخ والمقذوفات التي تطير على ارتفاع منخفض، مثل الصواريخ التي يطلقها الفلسطينيون من قطاع غزة صوب المستوطنات المجاورة

ونقلت الصحف الإسرائيلية عن رئيس الأركان “غادي آيزنكوت” قوله إن نسبة نجاح القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ والمقذوفات الفلسطينية أي قذائف الهاون خلال المواجهات الأخيرة لم تكن عالية.

كذلك فشل نظام صاروخ  “مقلاع داوود” في إعتراض صواريخ أطلقت من الجانب السوري، وذلك بسبب “خلل تقني”.

ووفقا لمصادر غير رسمية إسرائيلية، فإن نسبة نجاح نظام القبة الحديدية، الذي طالما إعتبرته إسرائيل فخر صناعتها العسكرية؛ لا تتعدى 40%، ويعني ذلك أنه من بين كل عشرة صواريخ تُطلق على إسرائيل يتم اعتراض أربعة منها فقط.

تبلغ الميزانية العسكرية الإسرائيلية المعلنة نحو 19 مليار دولار، وهي من أكبر الميزانيات مقارنة بعدد السكان، كما أن الولايات المتحدة  تعتبر الضامن الأساسي ليس فقط لأمن إسرائيل، بل أيضا لتفوقها النوعي على جميع الجيوش العربية مجتمعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا .

كما تمتلك إسرائيل ترسانة نووية تشتمل على مئات الأسلحة النووية، إضافة إلى وسائل إطلاقها إلى أهدافها مثل الطائرات بعيدة المدى من طراز إف-35 وصواريخ “يريحو” التي يصل مداها إلى أكثر من 7800 ألف كيلومتر وتحمل رأسا حربية يتعدى وزنها نصف طن.

كما تمتلك إسرائيل أسطولا متطورا من الغواصات التي يمكن تجهيزها بأسلحة نووية إذا دعت الحاجة إلى ذلك، إضافة إلى ما ذكر تعتبر إسرائيل من الدول القليلة المتقدمة في مجال تطوير الأسلحة الكيميائية والجرثومية القاتلة، لكن تفاصيل تلك الأسلحة تبقى طي الكتمان وفي السرية الكاملة.

وعلى الرغم من تكدس الأسلحة كمًّا ونوعا، وحصول إسرائيل على الضمانات المتكررة والروتينية من الإدارات الأميركية المتعاقبة التي تؤكد بأقوى العبارات التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل وتفوقها على جميع أعدائها الفعليين والمحتملين؛ فإن كل ذلك لا يؤدي إلى تلاشي ظاهرة الخوف والقلق بين اليهود.

ومن بين الأمثلة على  الهوس الأمني  في أوساط المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية؛ قيام إسرائيل مؤخرا بتطوير طائرات مسيرة لاعتراض وتدمير الطائرات الورقية الملتهبة التي يطلقها الفلسطينيون وتتسبب في وقوع حرائق في الحقول الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة.

غير أن هذه الوسيلة لم تحقق نجاحا يذكر في وقف ظاهرة البالونات والطائرات الورقية المشتعلة. ولعل ذلك يذكرنا بقيام الجيش الإسرائيلي في التسعينيات بابتكار ماكينة جرى تركيبها على العربات المصفحة، حيث تقوم بإلقاء الحجارة على الفلسطينيين.

في دراسة شملت فئات من الإسرائيليين بما فيهم المجندين تحت الادارة العسكرية الصهيونية، فسرت ذلك من خلال الإعتقاد بوجود مرض نفسي جماعي  من خلال التساؤل وراء السبب خلف ظاهرة القلق والهوس المبالغ فيه بالهاجس الأمني بين الإسرائيليين رغم أن إسرائيل من أكثر دول العالم تسليحا وتحصينا؟

لا شك إننا نتحدث عن دولة مسكونة بالمخاطر الأمنية والأمن الشخصي بصورة ليس لها مثيل في دول العالم؛ فإسرائيل تملك أفضل الأسلحة -بما في ذلك  السلاح النووي  ومع ذلك نرى اليهود من سكانها يعيشون في حالة خوف وذعر مستمر.

إن خوف الإسرائيليين المبالغ فيه يشبه إلى حد بعيد القلق الدائم الذي يشعر به كما يقول التقرير “القاتل أو اللص” فالقاتل يخشى دائما أن تطوله يد العدالة، أو أن يصل إليه عائلة القتيل، وكذلك اللص يخشى دائما افتضاح أمره. 

فالقلق باق ما بقيت الدولة وأصحاب الدم لن يسامحوا ولن يسالموا، والدماء التي يحملها الإسرائيليون على أيديهم كثيرة وعجلة الزمن لا تتوقف والأيام دول.

والإسرائيليين يدركون في قرارة انفسهم أنهم يعيشون على أرض ليست لهم، سرقوها من أصحابها بقوة السلاح وهذا ما يجعل الحكومات الإسرائيلية مهووسة بسن القوانين العنصرية مثل “قانون القومية الأخير “

 إن انتشار ظاهرة القلق الأمني والخوف من المستقبل بين الإسرائيليين ليست مسألة دعائية أو هامشية، بل تستحوذ على الوعي واللاوعي اليهودي في إسرائيل، خاصة بين اليهود الغربيين مقارنة باليهود الذين قدموا من بلاد عربية وإسلامية.

 ففرقة “الأشكناز” بشكل خاص مسكونون بالخوف من الإبادة، ويشعرون بأن شبح اللاسامية يطاردهم أينما حلوا، رغم أنهم يدركون أن أكبر مولد ومحرك لللاسامية هو الجرائم المروعة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين الذين لا يملكون الوسائل الحديثة للدفاع عن أنفسهم وأطفالهم.

يعزى السبب الأساسي لإصابة إسرائيل بمرض نفسي جماعي مرده الجرائم الكبرى التي ارتكبتها الحركة الصهيونية  وما تزال ترتكبها ضد الفلسطينيين.

يلاحظ الجميع دون شك ان الجنود الصهاينة يفقدون صوابهم أثناء عمليات التدمير العسكري كلما ذكّرهم الفلسطينيون والعالم بما فعلوه قبل عقود قليلة، أي احتلال أرض ليست لهم وطرد أهلها وتشريدهم في أصقاع الأرض؟

يخلص القرير الى وصف الصهاينة وهم يفقدون صوابهم ويطلقون النار والرصاص والقنابل على صدور ورؤوس أطفال المدارس في غزة بمجرد اقتراب الأطفال من السياج الحدودي دون أن يشكلوا أي خطورة تذكر على الجيش الإسرائيلي في أبشع صورة تعبر عن مرض نفسي، وهوس للدماء ومسك السلاح  كلعنة أصابت الشعب المتصهين المريض .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق